جو بايدن يخلط بين زيلينسكي وبوتين
أصرّ الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس على أنه سيترشّح مجددا لولاية رئاسيّة جديدة ويهزم خصمه الجمهوري دونالد ترامب، غير أنّه ارتكب هفوات إضافيّة تُعزّز القلق حيال قدراته على تولّي المنصب.
وارتكب بايدن هفوة الخميس خلال قمّة لحلف شمال الأطلسي في واشنطن، بتقديمه نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أنّه “الرئيس بوتين”، قبل أن يُصحّح خطأه، في انتكاسة جديدة للمرشّح الديمقراطي الذي يتعرّض لضغوط متزايدة للانسحاب من السباق الرئاسي بسبب مخاوف بشأن صحّته الذهنيّة.
وقال بايدن (81 عاما) مخاطبا الحاضرين في القمّة: “والآن، أترك الكلام لرئيس أوكرانيا الذي يتمتّع بقدر كبير من الشجاعة والتصميم. سيّداتي، سادتي، إليكم الرئيس بوتين”، لكنه سرعان ما صحّح هفوته، قائلا إنّ زيلينسكي “سيهزم الرئيس بوتين”، مضيفا: “إنّ تركيزي منصبّ بشدّة على هزيمة بوتين”.
وأكّد بايدن، الذي يتعرّض لضغوط من أجل دفعه إلى الانسحاب من السباق الرئاسي، الخميس، أنه يعتبر نفسه المرشّح “الأكثر كفاءة” لمواجهة ترامب في نوفمبر، وقال في مؤتمر صحافي بعد قمة حلف شمال الأطلسي: “أعتقد أنني الشخص الأكثر كفاءة للترشح للرئاسة، لقد هزمتهُ مرّةً وسأهزمه مجددا. أنا لا أفعل ذلك من أجل (الحفاظ) على إرثي. أنا أفعل ذلك لإنهاء العمل الذي بدأتُه”.
وأضاف الرئيس الأمريكي: “خضعتُ لثلاثة فحوص عصبيّة مكثّفة ومتواصلة، أجراها طبيب أعصاب، كان آخرها في فبراير، وتُظهر أنني في حالة جيّدة”، وتابع: “أنا بخير. قُدراتي العصبيّة يجري اختبارها يوميا من خلال القرارات التي أتّخذها كلّ يوم”.
وشدّد بايدن على “أهمّية تهدئة المخاوف” المتعلّقة بترشّحه للرئاسة، قائلا: “أنا مصمّم على أن أكون مرشحا، لكنّني أعتقد أنّه من المهمّ تهدئة المخاوف”، في وقت يحتدم الجدل بشأن حالته الصحّية.
وارتكب الرئيس الأمريكي هفوة جديدة الخميس عندما قدَّم نائبته كامالا هاريس باسم “ترامب”.
وردا على سؤال عما إذا كان بإمكان هاريس التغلّب على ترامب إذا قرّر الرئيس الديمقراطي عدم الترشّح مجددا، قال بايدن: “لم أكن لأختار نائبة الرئيس ترامب لتكون نائبة للرئيس إذا لم أكن أعتقد منذ البداية أنها مؤهلة لتكون رئيسة (…) لهذا السبب اخترتُها”.
كما شدد جو بايدن على أن الولايات المتحدة “لا يمكنها الانسحاب” من دورها الريادي في العالم، وقال: “سَلَفي أوضح أنه ليس ملتزما” تجاه حلف الناتو؛ وذلك في هجوم مباشر شنّه ضدّ ترامب الذي سيواجهه في الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر.
وأشار بايدن إلى أنّ حلفاء الولايات المتحدة أخبروه في قمّة حلف شمال الأطلسي بأنّ ولاية رئاسيّة جديدة لترامب ستكون “كارثة”، وقال: “لم أسمع أيا من حلفائي الأوروبيين يأتون إلى هنا ويقولون ‘جو، لا تترشّح’، ما أسمعهم يقولونه هو +عليكَ أن تفوز. لا يُمكنكَ السماح لهذا الرجل بالتقدُّم. سيكون كارثة+”.
وأكّد الرئيس ذاته أنه سيبقى مستعدا للتعامل مع الرئيسَين الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ حتّى خلال فترة ولاية ثانية، قائلا: “أنا مستعدّ للتعامل معهما الآن وبعد ثلاث سنوات من الآن… لا يوجد أيّ زعيم عالمي لستُ مستعدا للتعامل معه”.
من جهة ثانية أعلن بايدن أن إدارته تحرز تقدما نحو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، بعد تسعة أشهر على النزاع الذي اندلع إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق على إسرائيل.
وقال الرئيس الأميركي: “هذه قضايا صعبة ومعقّدة. مازالت هناك ثغرات يجب سدّها. نحن نحرز تقدما. الاتجاه إيجابي، وأنا مصمّم على إنجاز هذا الاتّفاق ووضع حدّ لهذه الحرب التي يجب أن تنتهي الآن”.
وسخر ترامب الخميس من المؤتمر الصحافي الذي عقده بايدن وارتكب خلاله زلّة لسان، وقال على شبكته “تروث سوشال”: “عمل جيّد يا جو!”.
وكان هذا أول مؤتمر صحافي يعقده بايدن منذ مناظرته الكارثية ضد ترامب، وهو حدث قد يحدد مصير ترشّحه للرئاسة.
واتجهت أنظار العالم نحو الرئيس البالغ 81 عاما خلال قمة الأطلسي في واشنطن فيما يحاول تهدئة الدعوات المتزايدة من حزبه الديمقراطي إلى التنحي بسبب سنّه وصحته.
والأخطاء التي ارتكبها بايدن قد تزيد بشكل كبير من عدد الديمقراطيين الذين سيحضّونه على الانسحاب من السباق الرئاسي.
والأربعاء دعا الممثل جورج كلوني، المؤيد لبايدن، الرئيس الأميركي إلى الانسحاب من السباق الرئاسي بعد أسابيع فقط على تنظيم حملة لجمع التبرعات له؛ كما دعته شخصيات بارزة في الحزب، مثل رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، إلى “اتخاذ قرار”، ما يعني ضمنا أن القرار الذي اتخذه، أي البقاء في السباق، ليس بالضرورة الخيار الصحيح.
وأفاد موقع “أكسيوس” الأربعاء بأن زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر أخبر المانحين سرا بأنه منفتح على فكرة استبدال بايدن.
لكن في بيان أصدره مكتبه مساء الأربعاء قال شومر إنه يدعم بايدن وإنه “مصمم على ضمان هزيمة دونالد ترامب في نوفمبر”.
وعقد بايدن مؤتمرات صحافية منفردة أقل من أسلافه، ولم يظهر في الفترة الأخيرة إلا بشكل مشترك مع قادة أجانب، مع أسئلة مقتضبة.
ويضاف إلى ذلك عدم إجراء مقابلات، ما دفع المنتقدين إلى اتهام البيت الأبيض بإخفاء تأثير تقدم أكبر رئيس أميركي في السن عن الجمهور.
بدأت المخاوف حيال سنّ بايدن وصحّته تظهر عندما بدا فاترا وغير متماسك في أحيان كثيرة خلال المناظرة التلفزيونية ضد ترامب (78 عاما).
ويسعى حلفاء الناتو إلى الحصول على طمأنة بشأن قدرات بايدن القيادية، فيما يتخوّفون من أن تتسبب عودة ترامب الانعزالي بمشكلات للحلف.
وقال بايدن إن أداءه السيّئ خلال المناظرة يعود إلى إصابته بنزلة برد شديدة والإرهاق الناجم من السفر بعد أسبوعين من الرحلات الخارجية.
لكن كلوني كتب في مقال في صحيفة “نيويورك تايمز”، الأربعاء، أن العلامات كانت موجودة من قبل، وذلك في احتفال لجمع التبرعات أقيم في 15 يونيو في لوس أنجلس، شارك في استضافته مع الممثلة جوليا روبرتس.
وأوضح كلوني: “من المدمر أن أقول ذلك، لكن جو بايدن الذي كنت معه قبل ثلاثة أسابيع في حفلة جمع التبرعات لم يكن بايدن نفسه عام 2010. لم يكن حتى جو بايدن الذي كان عام 2020؛ لقد كان الرجل الذي رأيناه جميعا في المناظرة”.
وأضاف كلوني أن بايدن قد يخسر الانتخابات الرئاسية، كما قد يخسر الديمقراطيون غرفتَي الكونغرس.
ويصرّ بايدن على أنه سيمضي قدما في ترشّحه، ومع ضمانه أصوات الحزب الديمقراطي في الانتخابات التمهيدية لا توجد طريقة لإجباره على التنحي.
لكن “نيويورك تايمز” ذكرت الأربعاء أن بعض الشخصيات الديمقراطية المهمة مثل بيلوسي تحاول اتباع نهج مختلف، مخاطبة جانبه العقلاني بدل استفزاز عناده الذي طبع مسيرته السياسية.
وتُعدّ نائبته كامالا هاريس المرشحة الأوفر حظا لتحل مكانه إذا تنحى، لكن أي خطوة في هذا الاتجاه يجب أن تحصل قبل مؤتمر الحزب الديمقراطي المقرر في غشت في شيكاغو.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News