بعدما ضلع “صقور الطاكسيات” في عملية رصد وملاحقة ومنع و”براكاج” لكلّ مركبة خاصة يشتبه في أنها “تقترف”، بحسبهم، النقل عبر التطبيقات، الذي لقي إقبالاً كثيفا في مختلف المدن المغربية، حاولت مجموعة من أصحاب سيارات الأجرة تأهيل خدماتها بإضافة التطبيق الأشهر بالمغرب وتلقي طلبات الزبائن الراغبين في التحرك من نقطة جغرافية إلى أخرى.
جريدة النهار رصدت هذا “التأهيل الجديد” عمليّا في مراكش وفي الدار البيضاء، حيث جرت ملاحظة أن بعض الطلبات على التطبيقات الذكية تأتي لتنفيذها سيارة أجرة صغيرة، وهي التي كانت إلى وقت قريب تعتبر التطبيقات بمثابة “تخريب مهني” جاء ليجهز على جامعي “الروسيطة” لفائدة صاحب المأذونية، لكن “البراغماتية” التي تتيحها التكنولوجيا مثّلت “حلّا” بالنسبة لمن لا يعانون من “أمية رقمية” من المهنيين، وفق قول بعضهم.
“حلّ تكميلي”
صادفت جريدة النهار بالدار البيضاء فيصل، وهو ثلاثيني يشتغل سائقا لسيارة الأجرة، الذي أوضح أنه يعتمد على التطبيق الأكثر استعمالاً من طرف المواطنين بالمغرب منذ سنتين، قائلا: “كنت أتابعُ عمليات الملاحقة التي نقوم بها كمهنيين للمركبات الخاصة، وتساءلت مرّة: بماذا يتميز هؤلاء الذين لا نكفّ عن رصدهم بشكل يثير الملل؟”، وأضاف: “قلت في قرارة نفسي نحن سيارات أجرة معتمدة ولن نواجه المشاكل نفسها إذا انفتحنا على التقنية”.
فصيل، في حديثه لجريدة النهار، أورد أن “المنطلق كان عقب اتضاح الصورة وتبيننا أن أصل كل هذه اللعبة المثيرة والشيّقة هو التوفر على هاتف ذكي، ومن في عمرنا لا يمتلك هاتفا من هذا النوع؟”، وزاد: “حمّلت التطبيق وبدأت الاشتغال به كحلّ تكميلي فقط. أنت تعرف أنني كمهني لا يمكن لي أن أضحّي مثلاً بعشرات الزبائن على قارعة الطريق وأنا متّجه إلى من طلب خدمة التنقل عبر التطبيق. سيكون هذا حمقاً أكثر من أي شيء آخر”.
وتفاعلاً مع سؤال حول مدى أهمية هذه التطبيقات بالنسبة للمهنيين، ردد المتحدث لجريدة النهار مقولة أنه مجرّد “حل تكميلي”، وإدخال التطبيق ضمن العمل يعفي من التفكير في “منافس غير شريف”، وهو السيارات الخاصة التي “لا يمكن أن نعدّ ولوجها هذا الميدان مقبولاً، لأنها نقل سري مخالف للقانون. أما نحن، فنوجدُ في مأمن كسيارات حين نستعملها”، واستدرك: “أودّ أن أضيف أن من لا يتوفّر على مؤهلات رقمية من المهنيين يعاني أمام هذه الطفرة لكونها كاسحة ولا ترحم من يتخلّف عنها، لكن الأرزاق بيد الله”.
وأكد فيصل أن “إقبال المهنيين على التطبيقات مازال محتشماً؛ بالنظر إلى التّمسك بالمنهج التقليدي في جمع الزبائن، لكن من يطّلع على الإمكانات المتاحة، فهو يضطرّ لكي يشتغل بها، خصوصا في الفترة الليلية عندما تقلّ التحركات وتبدأ الحاجة إلى التطبيقات في الدار البيضاء، ويكون الزبون عارفاً بالسعر وبالوجهة، لا سيما أن سيارات الأجرة من المشاع عنها أن السائق يسير في مسارات معقدة ليرفع التسعيرة، وهو ما يصبح مستحيلاً أثناء اقتناء الخدمة عبر بالتطبيقات”.
“حل بلا ترخيص”
مصطفى شعون، الأمين العام الوطني للمنظمة الديمقراطية للنقل واللوجستيك متعددة الوسائط، قال إن انفتاح سيارات الأجرة على النقل عبر التطبيقات “هو بمثابة انفتاح على خيارات خصّصت حصريّا لفائدتهم، وهذه الوساطة بين المهني بشكل قانوني والمواطن المغربي نثمّنها وندعمها”، مستدركاً بأن “هذه التطبيقات المنتشرة التي صار يقبل عليها المهنيون بدورهم، غير حائزة على ترخيص من طرف سلطات الإدارة، وهذه نقطة مازالت سوداء”.
وضمن إفادات قدمها لجريدة النهار، قال شعون إن “هذه الشركات ليس لديها مقرّ اجتماعي بالمغرب، ومع ذلك تقوم بتجميع بنوك من المعلومات حول المستخدمين للتطبيق، وفي ظل غياب الترخيص يظلّ مصير هذه المعطيات الشخصية والخاصة التي تخص المغاربة مجهولا”، مشددا على إخضاع هذه التطبيقات لدفتر التحملات الذي وضعته وزارة الداخلية، والذي يتضمن شروطا واضحة تحمي المهني والمواطن، تتهرب منها هذه الشركات العابرة للحدود.
وأوضح المتحدث أن تأهيل الطاكسيات بالتطبيقات لا يمكن لأي مهني أن يجادل فيه، باعتباره انضماماً تلقائيّا إلى ناد كبير يسير فيه العصر، لكنّ عملية الانضمام ليست شيكا على بياض؛ لكونها تستدعي أن تخضع لضوابط وشروط تسنها الدولة المغربية بكامل السيادة ليتأتى الاشتغال ضمن المبادئ المؤطرة المعمول بها داخل البلد، خالصا إلى أن “تمكن المهنيين من التقنية، شرط مطلوب جدا اليوم في عصر الذكاء الاصطناعي”.