بنيدير يحث على رقمنة تراث “إكودار” الأطلس الصغير للنهوض بالاقتصاد المحلي

في إطار التوجه والرهان الحكوميين على رقمنة التراث الثقافي المغربي من أجل صيانته وحمايته من السطو والاندثار، اعتبارا لما يحمله هذا التراث من قيم مستمرة في الزمان والمكان، إضافة إلى كونه صلة وصل بين ماضي المجتمع المغربي وحاضره، أكد محمد بنيدير، باحث في التراث ورئيس “مركز تيملت للبحث والتوثيق” بتافراوت، على أهمية جعل الرقمنة في خدمة تراث المغاربة، خاصة في جبال الأطلس الصغير التي تضم مجموعة من المخازن الجماعية المعروفة بـ”إكودار”.

وشدد الباحث ذاته، في دردشة مع جريدة جريدة النهار الإلكترونية، على ضرورة دمج التراث الثقافي المغربي كونه رمزا من رموز هوية المغرب في ورش الرقمنة، مشيرا إلى أهمية تحفيز المقاولات الثقافية من أجل تزكية الوعي بأهمية الحفاظ على التراث والنهوض بالتنمية المحلية والسياحة الثقافية في المناطق التي تزخر بمجموعة من المعالم والآثار التراثية التي تشكل شواهد تاريخية على نمط حياة المجتمع المغربي.

في هذا الإطار، قال بنيدير إن “المقاولة الثقافية في مجال التراث هي نوع من الأعمال التي تركز على استخدام وإدارة التراث الثقافي بطرق مبتكرة ومستدامة لتحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية، إذ يهدف هذا النوع من المقاولات إلى حماية التراث الثقافي وتعزيزه، وفي الوقت نفسه توفير فرص عمل وتحفيز النمو الاقتصادي في المجتمعات المحلية”.

وشدد رئيس “مركز تيملت للبحث والتوثيق” بتافراوت، ضمن حديث مع جريدة النهار، على أن “المقاولة الثقافية تستطيع أن تجعل الإنسان، حين يتوصل إلى أن التراث مصدر للرزق، أكثر اهتمامًا واستثمارًا في المحافظة عليه وتطويره؛ وذلك من مدخل شعوره بهذا التراث مما يخلق لديه دافعًا قويًا للمشاركة في الجهود الرامية إلى حماية التراث الثقافي واستدامته، لتحقق بذلك الأهداف الاقتصادية للمقاولة وإلى جانبها الأهداف الثقافية في حفظ التراث”.

وأوضح الباحث ذاته، الذي ناقش الأسبوع الماضي بحث تخرجه في الماستر الجامعي المتخصص في التراث الثقافي والأركيولوجي والسياحة الإيكولوجية بجامعة ابن طفيل، أنه اشتغل خلال هذا البحث على تصميم لمقاولة ثقافية في مجال رقمنة التراث، من خلال نموذج إكودار في الأطلس الصغير.

في السياق نفسه أورد المتحدث ذاته أن “فكرة استحداث هذه المقاولة الثقافية جاءت من كون بلادنا تزخر بتراث مبني غني، مثل إكودار، والذي يحتاج إلى تدخل عاجل وغير مكلف ماديا، من أجل استثمار هذا التراث في التنمية الذاتية وفي خلق مناصب للشغل وتحقيق الربح المادي، والحفاظ عليه وتثمينه وضمان استدامته، انطلاقا من الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي”.

وتابع بأنه “يمكن للمقاولة الثقافية في رقمنة التراث أن تنتج منتوجين، أحدهما خام يتمثل في الموارد الرقمية الناتجة عن التوثيق الرقمي للمباني التراثية، تستخدم في صناعتها طرق التوثيق العصرية كالفوتوغراميتريا والمسح الليزري وما إلى ذلك، أما المنتوج الثاني فيتمثل في استثمار هذه الموارد الرقمية في مشاريع أخرى بقيمة مضافة أعلى”.

وشدد رئيس “مركز تيملت للبحث والتوثيق” على أن “المقاولة الثقافية يمكن أن تشتغل بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم منتجات عالية الجودة تستخدم في التنشيط السياحي، بتقنيات الواقع الافتراضي أو الواقع المعزز، وكذا في إقامة الزيارات الافتراضية، وكلها منتجات تساهم في الرفع من القيمة المضافة لتثمين التراث وتسويقه”.

وأكد أن “التراث الثقافي يعد مقوما من مقومات الهوية الثقافية للمجتمع المغربي؛ وبالتالي فإن وفي إطار الدينامية التي تعرفها ببلادنا والجهود المبذولة للتعريف بتراثنا بمختلف أشكاله وجهود المحافظة عليه، وفي إطار التوجه الرسمي للرقمنة، وفي إطار مواكبة التحولات التكنولوجية الحديثة بات لزاما توثيق هذا التراث رقميا من أجل تعزيز مساهمته في الدورات الاقتصادية المحلية من جهة وفي تنمية السياحة الثقافية خاصة في ظل رهان الدولة اليوم على النهوض بالقطاع السياحي”.

ودعا الباحث في التراث إلى “الرهان على تطوير مختلف تجليات وتمظهرات التراث الثقافي، خاصة في جبال الأطلس الصغير من خلال نموذج إكودار، وتسريع ورش رقمنتها باعتبار أن الرقمنة اليوم أضحت توجها استراتيجيا لا محيد عنه يضمن التعريف والترويج للموروث الثقافي المغربي من جهة، ويضمن تطوير السياحة التراثية من جهة أخرى؛ وبالتالي تحويل هذا التراث إلى مصدر خالق للثروة ومحرك لعجلة التنمية المحلية في هذه المناطق”.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى