يحتفل العالم قاطبة، السبت، باليومِ الدولي للتعاونيات، الذي يُعد مناسبة لاستحضار هذا الخيار الاقتصادي والاجتماعي، الذي يتشبث به عددٌ من المغاربة ممن لهم رغبة في اقتحام سوق الشغل وخلق الثروة بمناطق ترابية ذات خصوصيات اقتصادية وتنموية.
ويعد مجال التعاونيات مجالا جذابا لشرائح واسعة من المواطنين، حيث قالت عنه في وقت سابق فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، إنه “نموذج اقتصادي مرن من أبرز النماذج المنتشرة بفعل أدواره الرئيسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، وهو ما يفسره احتضانُ المملكة لأزيد من 53 ألف تعاونية نهاية دجنبر الماضي.
وتساهم الدولة، عبر برامج مالية مختلفة، في دعم أفكار الشباب، سواء تعلق الأمر بالاستثمار التعاوني في الصناعة التقليدية أو المنتوجات المجالية أو المجال الفلاحي على العموم، فضلا عن برامج للمواكبة التقنية والخاصة بالتعليب ومراقبة الجودة والتسويق واقتحام الأسواق، وهو ما يثمنه ناشطون في هذا المجال ممن اختاروا ركوب “قطار المبادرة التعاونية”، آملين في “تبسيط مساطر وفتح باب التمويلات والرفع من منسوب مواكبة الناشطين في هذا المجال”.
بهذه المناسبة تواصلنا مع حياة بوخليق، مسيرة “تعاونية تازلوست لتثمين الأعشاب الطبية والعطرية” الموجودة بجماعة تيسينت بإقليم طاطا، التي تحدثت عن تجربتها بالمجال التعاوني قائلة: “التعاونية التي أسيرها حديثة العهد، وقد استفدنا من دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية حتى صارت هذه المؤسسة تساهم في إعالة أسرتين على الأقل، وأطمح إلى تحويلها إلى شركة لِمَ لا، وقد كان بإمكاني كمجَازة الالتحاق بالوظيفة، لكن إيماني بحاجة المنطقة لهذه المبادرة جعلني أسلك هذا المسار”.
وأضافت بوخليق أن “التعاونية بدأت بخلق زبناء لها بالإقليم والجهة كموفرة للزيوت الخاصة بالتجميل بعد أن شاركنا في بعض المعارض، وأتطلع إلى المشاركة في المعارض ذات الصبغة الدولية كمعرض الفلاحة بمكناس، غير أن مثل هذه المعارض تشترط التوفر على شهادات صحية تستغرق وقتا، وهذا إشكال يرتبط أساسا بإشكال أعمق يتعلق بتعقد بعض المساطر المؤسساتية”.
وأكدت على “أهمية التعاونيات كخيار اقتصادي يساهم في خلق التنمية بالمجال القروي تحديدا، وتوفير فرص الشغل بالنسبة للفئات البسيطة غير المتوفرة على مؤهلات علمية، وأتمنى أن تدعم الدولة هذا الخيار، الذي يقلص الهشاشة والبطالة ويمكنها من معرفة معدل النشاط الاقتصادي لكل الفئات باختلاف مجالاتها الجغرافية”.
وتابعت قائلة: “من المهم جدا دعم التعاونيات لمساهمتها في تقليص مؤشرات الفقر واحتضان أنشطة فلاحية أو صناعية تقليدية وجعلها متداولة وحاضرة إلى يومنا هذا، ونثمن كل ما تقوم به الدولة في هذا الإطار، لكننا نطمح إلى المزيد لكوننا مؤمنون بالتعاونيات كخزان للمواهب النشيطة ومثال للمبادرة الاقتصادية الحرة وللاهتمام الشبابي بموضوع التنمية على المستويين الإقليمي والجهوي”.
من جهته، قال إبراهيم الشناوي، مسير تعاونية “أم الناموس الفلاحية” بجماعة الشاطئ الأبيض بإقليم كلميم، إن “اللجوء إلى تأسيس التعاونيات يعود أساسا إلى سهولة المساطر التي تتطلبها إذا ما قارناها بالشركات، ويوجد هناك أملٌ في تطويرها لتغدو مقاولة كبرى متخصصة في توفير منتوج معين بالأسواق”.
الشناوي وهو يتحدث لجريدة النهار، لفت إلى أن “عالم التعاونيات اليوم شأنه في ذلك شأن مختلف المجالات يعرف بدوره إكراهات ترخي بظلالها على مردوديته الاقتصادية والاجتماعية لفائدة المشاركين فيه، من بينها إشكاليات التصريح السنوي بأرقام المعاملات بالنظر إلى حاجة عدد من الأفراد التعاونيين إلى مزيد من التكوين، خصوصا إذا استحضرنا أن نسبة منهم لهم تكوين علمي بسيط، وهو ما يحيلنا على ضرورة الرفع من الحصص التكوينية على المستوى الترابي”.
وأضاف “استفدنا كتعاونية من 8 ملايين سنتيم وفرها برنامج “فرصة”، غير أننا رفقة زملائنا في هذا المجال، بصفتنا متخصصين في توفير المنتجات المجالية الغذائية، نظل بحاجة فعلية إلى كل ما من شأنه أن يساعدنا على ضمان الاستمرارية في السوق الوطنية والوصول إلى المواد الأولية، وكل هذا يتوقف على وجود دعمٍ مالي ولوجيستي ومعرفي كذلك”.
وأشار إلى أن “التعاونية تعيل خمس أسر وتضم بين ثناياها نسوة يتوفرن على عزيمة في ولوج سوق الشغل من بوابة التعاونية، وهي خيار اقتصادي وتنموي يتيح توفير مداخيل للفئات البسيطة القاطنة بمجالات ترابية هامشية وبعيدة عن الرواج الصناعي أو التجاري”، مؤكدا الحاجة إلى دعم أفكار الشباب والمتوفرين على أفكار تتعلق بالتعاونيات.