يتواصل “دعم سياسات الاستثمار الإنتاجية والبرامج الإستراتيجية للدولة”، عبر جهود غير فاترة من وزارة الاقتصاد والمالية، من خلال مديريتها المختصة في تدبير عقارات عمومية، والعمل على تخصيص أراض وعقارات تابعة للدولة تواكب برامج التنمية المبرمجة جهويا وإقليمياً، بشكل يغطي مجالات اقتصادية متنوعة.
معطيات وبيانات دالّة تضمنها التقرير السنوي لأنشطة وحصيلة عمل “مديرية أملاك الدولة” (Direction des Domaines de l’Etat)، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية برسم السنة المالية 2023، بعدما كشفت “الاستمرار في مهمتها المتمثلة في تدبير وإدارة الأراضي والعقارات العمومية التابعة للدولة، وضمان الحفاظ على توفير عرض عقاري يدعم تطوير المنظومات الاستثمارية/الاقتصادية ذات الأولوية، وتحقيق هدف توسيع المرافق والمنشآت العمومية”.
وبحسب البيانات والأرقام التي طالعتها جريدة جريدة النهار في التقرير فإن عمل المديرية سالفة الذكر انصبّ، بالخصوص، في صالح كل من وزارتيْ التربية الوطنية والصحة العمومية.
وفي التفاصيل عمِلت المديرية على “تعبئة إجمالي 13 ألفا و438 هكتارا في إطار ‘المِلْك الخاص للدولة’ لفائدة 466 مشروعاً”؛ وهو ما مَثّل “استثمارا إجمالياً يزيد عن 37,8 مليار درهم”.
“هذه المبادرة تستهدف تحفيز التنمية الاقتصادية وتعزيز الاستخدام الفعّال للأراضي المملوكة للدولة”، يبرز التقرير الصادر هذا الأسبوع بعنوان “المجال الخاص للدولة: رصيد إستراتيجي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للمغرب”.
التأجير للشراكات الفلاحية
تم، من خلال الشراكات الزراعية (المعروفة أيضا باسم “برامج الشراكة الفلاحية”)، تأجير 3841 هكتارا لـ179 مشروعاً، ما أدى إلى استخلاص مبلغ “إيجار سنوي” قدرُه 5 ملايين و156 ألفا و144 درهما، بـ”استثمار متوقع” قدره حوالي 685 مليون درهم.
ويُضاف إلى ذلك، بحسب معطيات أملاك الدولة، “تخصيص 310 هكتارات من المِلك الخاص للدولة لفائدة وزارات مختلفة لإنشاء مرافق عامة واجتماعية – تعليمية (سوسيوتعليمية)، خصوصاً”. وبحسب المديرية أسهم هذا في “تعزيز الهياكل الأساسية اللازمة لرفاهية السكان”، معلنة في السياق ذاته أنه “تم الحصول على 458 هكتارا عن طريق عمليات اقتناء العقارات، مع تنفيذ 65 في المائة منها بشكل ودّي”.
كما شهد عام 2023 وفق البيانات الرسمية “تسجيل 838.742 هكتارًا مع سندات مِلكية الأراضي ذات الصلة”. وكانت 385.923 هكتارًا “موضوع طلبات التسجيل”. هذه الإجراءات أدّت إلى “زيادة احتياطي الأراضي بنسبة 11 في المائة مقارنة بعام 2022، ما عزّز أصول أراضي الدولة وضمان إدارة أكثر صرامة للأوعية العقارية”.
مئات الأحكام القضائية
جهود مديرية أملاك الدولة تنعكس، أيضا، على الصعيديْن القضائي والمالي. وبحسب التقرير ذاته فإن المحاكم المختلفة أصدرت 883 حكماً بشأن قضايا تخص مديرية أملاك الدولة، “كان 71 في المائة منها لصالح الدولة”؛ ومن بينها شكلت نسبة 50 في المائة تلك المتعلقة بقضايا “تسجيل وتطهير (إنهاء) احتلال المباني والمنشآت العمومية”.
تبعاً لذلك يشير التقرير الرسمي استعادة مديرية أملاك الدولة مبلغ 27,636 مليار درهم في ما يتعلق بـ”منتجات ومداخيل الأملاك”، مسجلا “زيادة بنسبة 2 في المائة مقارنة بالعام السابق”. وبحسب المصدر ذاته تُعزى هذه الزيادة أساسا إلى “الإيرادات المتأتية من آليات التمويل (mécanismes de financements).
رقمنة العمليات العقارية
اتخذت المديرية “تدابير هامة لتعزيز نظاميْ المعلومات الأساسيين التابعين لها”؛ وهما المسمّيَان “AMLACS وsigdom”.
واستفادت هذه الأنظمة المعلوماتية عام 2023 من العديد من التحديثات والتحسينات، ما “ساهم في تقدم كبير في إطار المشروع الطموح لرقمنة العمليات العقارية”.
وأورد التقرير في هذا الشق أنها “تحديثات تسعى إلى التحسين المستمر لهذه الأدوات التكنولوجية عبر زيادة كفاءة وشفافية وإمكانية تتبع الإجراءات التي تتخذها المديرية”.
التثمين المستمر
وفق ما كشفه التقرير فإن “أملاك الدولة”، في برنامج عملها لعام 2024، تهدف إلى “الاستمرار في مواجهة التحديات” التي تواجه المملكة، من خلال “تعزيز توفير الأراضي المستصْلَحة وذات القيمة وتثمينها”.
وسيتيح ذلك، بحسب المتضمن في الوثيقة، “تقديم دعم وتيسير أفضل للمشاريع الإستراتيجية التي لها تأثير قوي على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهذا العمل المتعلق بتعبئة الأراضي ضروري لدعم المبادرات التي تضطلع بها مختلف القطاعات الاقتصادية ولتعزيز التنمية المتّسِقة والمستدامة”.
كما أشار التقرير إلى أن عام 2024 الجاري “يتميّز باعتماد مشروع القانون المتعلق بمدونة لأملاك الدولة (projet de code domanial)، وهو الإطار القانوني الذي يعِدُ بإعطاء دفعة كبيرة لإدارة وتدبير الأراضي العمومية بفضل التحسينات التي ستحققها من حيث تأمين الأصول الخاصة للدولة وتعزيز الإطار القانوني لإجراءات التدبير”.
“كان 2023 عامًا غنّيًا، تميز بالعديد من التحديات التي فرضتْها بيئة مؤسساتية متزايدة الطلب في دعم سياسات بلدنا القطاعية والاستثمارية”، يعلق مدير مديرية أملاك الدولة بالوزارة الوصية، حسبما نقله التقرير، خالصا إلى أنها “تمكنت من الاستجابة بمُرونة بفضل كفاءتها التشغيلية، لاسيما من خلال تسريع تنفيذ مختلف المشاريع المدرجة في رؤيتها الإستراتيجية 2022-2026”.