بعد سنوات أعقبت المصادقة التشريعية على القانون رقم 18-15 المتعلق بـ”التمويل التعاوني” بدا لافتاً إعلان والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، عن تفاؤله بآفاق هذا القطاع في دعم الشركات والمقاولات الناشئة المغربية، خاصة في ظل “إمكانيات واعدة يتيحُها لجمع التمويل”.
ومرّ المغرب إلى “السرعة القصوى” في اعتماد هذا الصنف الجماعي من الادخار والتمويلات؛ ما تعزّز بمنح ثلاثة تراخيص – حتى الآن- لفائدة شركات التمويل التعاوني ‘CrowdFunding’، تتوزع بين ترخيص لفئة “هبة”، وآخر بهدف “الائتمان”.
وبينما لم يخفِ والي البنك المركزي المغربي، عقِب الاجتماع الفصلي الثاني لمجلس بنك المغرب برسم سنة 2024، تفاؤله بآفاق التطوير، أكد ثقته في “المكاسب المحتملة لاقتصاد المملكة” من وراء الشكل الجديد من التمويل، وقال: “هذه الخطوة تجربة جوهرية للمغرب في حاجة إلى تحليل عميق للبيانات لتقييم فعاليتها، خاصة بالنسبة للشركات الناشئة والمقاولات الصغرى”.
وفي هذا السياق وصف المسؤول المالي البارز بالمملكة العمل الجاري بأنه “مجهود مُهم من أجل استكمال المنشورات القانونية اللازمة لتأطير التمويل التعاوني”.
والتمويل التعاوني أداة مبتكرة ووسيلة بديلة للتمويل تمنح للشركات الناشئة والمقاولات والجمعيات، وكذا الفاعلين المدنيين والتعاونيات، إمكانية جمع الأموال عبر منصة عبر الإنترنت لتمويل المشاريع.
القانون المنظم لشركات التمويل التعاوني بالمغرب نص في مادته السابعة على أنه “يجب أن تُسجل في شكل شركة مساهمة أو شركة ذات مسؤولية محدودة، مع خضوعها من أجل ممارسة الأنشطة الواردة في هذا القانون لمجموعة من الشروط”.
أبرز الشروط تتمثل في “نشاطها الرئيسي” المحدَّد في “تسيير منصة أو أكثر للتمويل التعاوني”، وأن “يكون مقرها الاجتماعي بالمغرب”؛ بالإضافة إلى أن يكون “رأسمال الشركة محرّرا بالكامل عند تأسيسها وأن لا يقل رأس المال المكتتب فيه عن 300 ألف درهم”.
ثقة متزايدة
قال رشيد ساري، محلل مالي، إنه “على المستوى العالمي هي فكرة لا تتجاوز اليوم 15 سنة، بعدما بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تمويل مجموعة من المشاريع الفنية قبل أن تتسع الدائرة في ما بعدُ لتشمل مجموعة من المشاريع”.
وتابع ساري، في إفادات شارحة لجريدة جريدة النهار، بأننا “في المغرب نتحدث عن تجربة تمّت أجرأتُها تشريعياً بنجاح والمصادقة عليها في البرلمان، عبر قانون وضع مجموعة من الشروط لإنشاء مقاولات للتمويل التعاوني الهدف منها هو الحد من القروض، أو تجاوز الشروط القاسية لبعض المؤسسات البنكية، وكذلك القروض التي تفرضها أو تنتجها”، وزاد موضحا: “بالتالي يحاول مجموعة من المستثمرين أن يستثمروا في مؤسسة واحدة مع صعود مفهوم خلق حاضنات للمقاولات الناشئة”.
وتابع المتحدث شارحا: “المقاولة الناشئة تعمل في مجموعة من المجالات، خاصة التجارة الإلكترونية، ما يعني مجموعة من المنتجات التي سوف تنتج على المستوى المحلي أو الخدمات التي يتم ترويجها إلكترونياً”.
“التراخيص المسموح بها دليلٌ على ثقة كبيرة متزايدة في التمويلات التعاونية بالمغرب”، يخلص المحلل الاقتصادي ذاته المتابع لدينامية ريادة الأعمال بالمملكة، مسجلا أنه “رغم قلة رقم معاملات التمويل التعاوني عالميا إلا أن الخطوات الأولى يمكن أن تترك الأثر لإنعاش المقاولات التي لها أفكار متميزة، لأنها لم تحظ بتمويل من المؤسسات البنكية التي تضع مجموعة شروط قاسية في بعض الأحيان”.