مقاولات تشكو غياب الحوار مع السكوري

يحتفل العالم، الخميس 27 يونيو، باليوم العالمي للمؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل “إذكاء الوعي بالمساهمات الهائلة لهذه المؤسسات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة”، وتسليط الضوء على دورها في إنعاش الاقتصادات الوطنية وامتصاص نسب البطالة.

ويحتفل المغرب بهذا اليوم في ظل احتدام النقاش حول أسباب ارتفاع إفلاس المقاولات، خاصة الصغيرة جدا، في السنوات الأخيرة؛ فبينما يُرجع فاعلون مقاولاتيون هذا الوضع إلى مجموعة من الأسباب الذاتية والموضوعية مؤكدين أن الأرقام التي يُفصح عنها أقل بكثير من الواقع، وملقين باللوم على وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات التي قالوا إنها “غائبة” عن المشهد المقاولاتي بالمغرب، ترفض الحكومة التهويل من نسب الإفلاس.

في هذا الإطار، دعا مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، في اللقاء الصحافي الذي عقب اجتماع مجلس الحكومة، أمس الأربعاء، إلى “التمييز بين المقاولات النشطة والمقاولات غير النشطة”، مؤكدا في الوقت ذاته أن “فتح الباب أمام خروج المقاولات غير النشطة من السجل الضريبي ليس إفلاسا”.

تفاعلا مع الموضوع، قال عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، إن “وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات غائبة عنا وعن همومنا، ولا يوجد أي حوار معها ولا تتجاوب معنا، كما لا تقوم بدورها المنوط بها في هذا الصدد”، مشيرا إلى “تهرب الوزير يونس السكوري من الجواب عن أسئلة نواب الأمة حول إفلاس المقاولات”.

واعتبر الفركي أن “المقاولات الصغيرة جدا هي العمود الفقري لاقتصاد المغرب، وخزان مهم لليد العاملة أمام ارتفاع نسبة البطالة”، مشيرا إلى أن “هذا الارتفاع ناتج أساسا عن استمرار نزيف إفلاس المقاولات، خاصة الصغير جدا، إذ أفلست أكثر من 33 ألف شركة العام الماضي ومن المتوقع أن يتجاوز هذا العدد 40 ألف خلال السنة الجارية”.

وأوضح المصرح لجريدة النهار أن “نسبة الإفلاس الحقيقية تتجاوز بكثير الأرقام المفصح عنها التي تهم فقط الشركات ذات الطابع المعنوي دون الشركات ذات الطابع الشخصي التي تمثل نسبة مهمة من النسيج المقاولاتي بالمغرب”، مشددا على أن “استمرار إفلاس الشركات يساهم في ارتفاع نسب البطالة، خاصة أن القطاع العمومي لم يعد يستوعب الأعداد الكبيرة من الخريجين وحاملي الشهادات، ومع تعثر وتوقف عدد من البرامج المهمة على غرار برنامجي (فرصة) و(انطلاقة)”.

وحول أسباب هذا الإفلاس، سجل المتحدث ذاته “ضعف السيولة والولوج إلى التمويل من طرف المقاولات الصغيرة جدا، إذ تطلب البنوك للمقاولين ضمانات عينية لا تتوفر عند أغلب هذه المقاولات”، مشيرا إلى “أن المرونة والسهولة في خلق الشركات وتبسيط الإجراءات ذات الصلة ساهمت في رفع نسبة خلق المقاولات في المغرب؛ لكن غير سرعان ما يصطدم المقاول بمجموعة من العقبات التي تعجل بإعلان إفلاسه”.

ومن هذه العقبات، أشار رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة إلى “حرمان الشركات الصغيرة جدا من المشاركة في الصفقات العمومية بسبب اشتراط شواهد الخبرة، رغم لجوء الشركات التي تفوز بهذه الصفقات إلى المقاولات الصغيرة جدا من أجل إنجاز بعض الأشغال في إطار نظام المناولة”.

كما أشار إلى “مشكل الولوج إلى العقار، حيث تحتاج الشركات حديثة النشأة إلى الوعاء العقاري الذي يتناسب مع احتياجاتها وحجمها وإمكانياتها؛ في حين يتم تخصيص المناطق الصناعية للشركات الكبرى فقط، وهو ما يدفع بأصحاب الشركات الصغيرة إلى الاصطدام مع ساكنة الأحياء التي يعمدون إلى فتح مشاريعهم بها، ما يعرقل هو الآخر استمراريتها”.

وبالإضافة إلى هذه الأسباب الموضوعية، أحال الفركي أيضا على مجموعة من الأسباب الذاتية المرتبطة بالمقاول نفسه، حيث أكد أن “غياب المواكبة ونقص الحس التدبيري والتسييري عند بعض المقاولين يدفعه إلى الخلط ما بين المال الشخصي ومال المقاولة، إذ يتصرفون في هذا الأخير كونه مالهم الخاص، خاصة في فترات نقص العمل؛ وهو ما يفرز لاحقا صعوبات مالية تعجل بإفلاس المقاولة”.

Exit mobile version