المبادلات التجارية المغربية الإسرائيلية تتجاوز 53 مليون دولار في 5 أشهر
واصلت المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل نموها، متحدية تداعيات الحرب على غزة، وحملات المقاطعة التي اجتاحت مجموعة من الدول العربية، بما فيها تلك الموقعة على “اتفاقيات إبراهيم” للسلام، إذ قفزت قيمة هذه المبادلات إلى 8.5 ملايين دولار خلال ماي الماضي، مسجلة زيادة قياسية بنسبة 124 في المائة مقارنة مع الشهر ذاته من السنة الماضية، ليبلغ إجمالي القيمة التراكمية للتجارة البينية 53.2 مليون دولار خلال خمسة أشهر الأولى من هذه السنة، بنمو نسبته 64 في المائة مقارنة مع 2023.
وذكر أحدث تقرير صادر عن معهد “اتفاقيات إبراهيم” بالمسار التصاعدي للتجارة، بنسب متفاوتة، بين المغرب والإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر وقطر من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، موضحا أنه خلال السنة الماضية أظهرت بيانات وحدة إدارة التجارة الخارجية بوزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية ارتفاع حجم الصادرات الإسرائيلية إلى المملكة المغربية بنسبة 128 في المائة، فيما سجلت صادرات تل أبيب إلى الدول المذكورة زيادة مهمة، خصوصا في اتجاه الإمارات العربية المتحدة بـ5.2 في المائة، لتبلغ قيمتها 650 مليون دولار.
وتأثرت المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل خلال أكتوبر من السنة الماضية، تاريخ بداية عملية “طوفان الأقصى”، لتنخفض بنسبة 61 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة ما قبل الماضية، علما أنه تم تسجيل ما مجموعة 94 مليون دولار من المبادلات بين الطرفين قبل شهرين من نهاية السنة الماضية، أي بما يمثل زيادة بنسبة 112 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من 2022، فيما تضاربت التوقعات حينها بشأن مستقبل نمو التجارة البينية خلال الأشهر الأولى من هذه السنة.
مجالات التعاون الاقتصادي
شهدت المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل تطورا ملحوظا بعد توقيع اتفاقيات “إبراهيم للسلام” في دجنبر 2020، التي سعت إلى تعزيز العلاقات بين إسرائيل وعدة دول عربية، موازاة مع التوقيع على سلسلة من اتفاقيات التعاون في مجالات التجارة والاستثمار، التي تعززت سنة بعد ذلك بزيارات متبادلة للشركات الإسرائيلية والمغربية بهدف استكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة، إلى جانب تنظيم عدة بعثات تجارية وزيارات رسمية لتعزيز التعاون التجاري بين البلدين.
وأكد عبد الرحيم عزراوي، خبير اقتصادي متخصص في التجارة الدولية، أن قطاع الابتكار والاستثمار يمثل محورا رئيسيا للتعاون بين المغرب وإسرائيل، مذكرا بتعبير الصندوق الاستثماري لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية UM6P Ventures، منذ فبراير 2024، عن نيته الاستثمار في الشركات الإسرائيلية المتخصصة في التكنولوجيا الحيوية والفلاحية والبروتينات البديلة، ومشددا على أن حضور أربع شركات إسرائيلية في معرض “جيتكس إفريقيا” الذي أقيم في مراكش خلال ماي الماضي يعكس هذه الدينامية؛ وبالإضافة إلى ذلك افتتحت شركة “نيفاتيم” أول مصنع لها في المغرب، ما ساهم في إحداث فرص شغل وتوفير تجهيزات متطورة للسقي لفائدة الفلاحين المحليين.
وتابع عزراوي، في تصريح لجريدة النهار، بأن البحث والابتكار هيمنا على مجالات التعاون بين المغرب وإسرائيل، مشيرا إلى أهمية اتفاقية موقعة بين شركة صناعات الطيران الإسرائيلية (IAI) والجامعة الدولية بالرباط من أجل إنشاء مركز للتميز في مجالات الطيران والذكاء الاصطناعي، وبالتالي تعزيز التعاون بين الشركة والمملكة، التي عبرت عن رغبتها في الحصول على قمر اصطناعي للمراقبة، ما يؤكد أهمية التكنولوجيا والأمن في العلاقات الثنائية بين البلدين.
تعيين ملحق اقتصادي
سيشكل تعيين إسرائيل ملحقا اقتصاديا وافتتاح مكتب تجاري تأكيدا على التزامها بتعزيز التجارة والاستثمار، وسيساعد على تعزيز التفاعلات الضرورية بين رجال الأعمال في البلدين، فيما سيلعب التقدم نحو توقيع اتفاقية التجارة الحرة، إلى جانب إنشاء اتفاقيات اقتصادية رئيسية أخرى، دورا رئيسيا في تطوير العلاقات الاقتصادية بين الرباط وتل أبيب، موازاة مع تعزيز الرحلات الجوية اليومية المباشرة إلى عدة وجهات، حيث يشكل الربط الجوي أهمية بالغة في تقوية وتحسين العلاقات الاقتصادية.
وبالنسبة إلى يونس لزيم، خبير اقتصادي، فالرحلات الجوية المباشرة ضرورية لتسهيل التبادلات بين رجال الأعمال والسياح والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، مؤكدا في تصريح لجريدة النهار أن تنظيم المزيد من البعثات التجارية بين المغرب وإسرائيل من شأنه المساعدة على إقامة شراكات واستكشاف الفرص التجارية في البلدين، وبالتالي تعزيز التعاون الثنائي، مشيرا إلى أهمية بناء أسس صلبة للعلاقات الاقتصادية، تستطيع مواجهة التحديات التي تفرضها الظروف المتغيرة في المنطقة، خصوصا التوترات الجيو-سياسية، ومنبها إلى الدور الكبير الذي تلعبه التشريعات الضريبية والجمركية في تحفيز التجارة البينية وتطويرها.
وأضاف لزيم أن المغرب من جهته بذل مجهودات مهمة لتحقيق الاستفادة من التعاون الاقتصادي مع إسرائيل في مجالات مختلفة، خصوصا السياحة، بعد تسجيل تزايد تدفق السياح الإسرائيليين إلى المملكة، مدفوعا بإطلاق رحلات جوية مباشرة، وإقرار التأشيرة الإلكترونية الميسرة منذ يوليوز من السنة ما قبل الماضية، مؤكدا أن الأهداف الأساسية من تيسير إجراءات دخول السياح ورجال الأعمال الإسرائيليين إلى البلاد هو دعم قطاع السياحة والاستثمار وتحفيز المبادلات التجارية وعائدات العملة الصعبة.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News