دراسة توصي “بنك المغرب” بأدوات مفيدة في إرساء سياسة نقدية تشاركية

خلُص مقال بحثي منشور ضمن مجلة دولية محكّمة، أنجز بناء على دراسة مقارنة تحليلية، إلى “ضرورة اعتماد سياسة نقدية تشاركية في ظل وجود البنوك التشاركية في المغرب”، موصياً بـ”11 أداة بالإمكان أن تساهم في إرساء سياسية نقدية تشاركية/إسلامية بالمغرب”.

الدراسة التي نُشرت مضامينها باللغة الفرنسية ضمن محتويات العدد الأول (المجلد الأول) من “المجلة الدولية للبحث في الاقتصاد والمالية” (International Journal of Research in Economics and Finance) يقف وراء تأليفها أستاذ علوم الاقتصاد والمالية بكلية الاقتصاد والتدبير بالقنيطرة (جامعة ابن طفيل) يونس آيت حمادوش، تحت عنوان “توصيات للبنك المركزي من أجل إرساء سياسة نقدية تشاركية (المعروفة يضا بمسمى “إسلامية”) بالمغرب: أيّة أدوات وما شروطها؟” (« Recommandations à la Banque centrale pour l’instauration d’une politique monétaire islamique au Maroc: quels instruments et quels prérequis ? » ).

الأستاذ الباحث في علوم الاقتصاد خلص، عبر هذه “المساهمة العلمية الأولى من نوعها” (تتوفر جريدة النهار على النسخة الكاملة)، إلى تحديد “11 أداة للسياسة المالية التشاركية بالمغرب”، معددا إياها في “اتفاقيات البيع وإعادة الشراء، شهادات الودائع، برنامج المرابحة على السلع، سندات المرابحة، صكوك الإجارة، عمليات التورق، شهادات المشاركة، شهادات الإجارة الحكومية، شهادات الإجارة، عقود الوكالة واستخدام منتجات المرابحة كضمانات”.

كما يوضح آيت حمادوش “المتطلّبات اللازمة لتفعيل قنوات انتقال السياسة النقدية عبر البنوك التشاركية في المغرب”، راهناً ذلك بـ”شرط إنشاء سياسة نقدية إسلامية، وتطوير سوق الصكوك والسوق البيْن بنكي الإسلامي، وتوسيع نطاق البنوك الإسلامية”، في المملكة.

هذه “الأدوات الإحدى عشرة” والمتطلبات توصل إليها الكاتب مستنداً في تحليله إلى “تجارب مقارنة في البنوك المركزية لدول مثل ماليزيا، البحرين، السودان، والكويت”، لافتا إلى أنها “إحدى عشرة أداة من أدوات السياسة النقدية الإسلامية التي يمكن أن تُلهم الدول التي تمتلك نظاماً مصرفياً إسلاميًا ناميًا، لكنها لم تعتمد بعد إطارًا نقدياً تشغيليًا متوافقاً مع تعاليم الشريعة، كما هو الحال في المغرب”.

أدوات السياسة

يشرح المقال، بداية، أن “البنوك الإسلامية تَستخدم مجموعة من الأدوات المالية لتنظيم السيولة وضمان الامتثال للشريعة الإسلامية، قبل الانتقال إلى تفصيلها”.

الأداة الأولى تهم “اتفاقيات البيع وإعادة الشراء”، التي تستخدمُها البنوك الإسلامية لبيع الأوراق المالية الإسلامية للبنك المركزي، مع وعد بإعادة شرائها بسعر محدد مسبقاً في اليوم التالي”، بينما تمنح “شهادات الوديعة لدى البنك المركزي” إمكانية للبنوك التشاركية “إيداع فائضها النقدي لدى البنك المركزي، الذي قد يستثمر السيولة المودَعة لتحقيق الأرباح، لكن دون إلزام بإعطاء عائد للمودعين”، وفق المصدر ذاته.

بالانتقال إلى “برنامج المرابحة على السلع”، يوضح المقال أنه “يُتيح للبنوك ذات الفائض النقدي شراء السلع وبيعها للبنك المركزي بسعر أعلى مع تأجيل الدفع، ما يسمح بامتصاص وضخ السيولة في السوق”. أما “مذكرات المرابحة النقدية” فيتم إصدارها لـ”تنظيم السيولة في سوق رأس المال الإسلامي، حيث يمكن للبنوك الإسلامية شراء هذه المذكرات عند وجود فائض نقدي، ويعيد البنك المركزي شراءها لضخ السيولة عند الحاجة”.

“صكوك الإجارة” أداة أخرى مقترَحة يُصدرها “البنك المركزي لتنظيم السيولة بأهداف مذكرات المرابحة النقدية نفسها”، بينما “عمليات التورق” هي، بحسب المصدر ذاته، “عمليات للبنك المركزي تسمح بأداة لحقن السيولة الفورية للبنوك الإسلامية من خلال شراء وبيع السلع بأسعار محددة مع تأجيل الدفع”.

“شهادات المشاركة للبنك المركزي” أداةٌ تطرّقت إليها دراسة الباحث يونس آيت حمادوش، شارحا أنها “تُستخدم لتنظيم السيولة في السوق النقدي، مع إصدارها من قبل شركة الخدمات المالية بمشاركة البنك المركزي ووزارة المالية”، منتقلاً إلى “عمليات شهادات المشاركة الحكومية” التي تُوظف قصدَ “تنظيم السيولة المصرفية من خلال عمليات السوق المفتوحة”؛ وتابع بشرح أداة “عمليات شهادات الإجارة” التي هي بمثابة “عقود تأجير على الأصول العقارية للبنك المركزي، مع إلزام البنوك باستثمار نسبة من ودائعها في هذه الشهادات لامتصاص السيولة”.

“الوكالة لإدارة السيولة” هي أداة مقدمة من البنك المركزي تَسمح بـ”امتصاص السيولة الفائضة من البنوك الإسلامية من خلال توقيع عقود وكالة لاستثمار الأموال المودعة”، وفق المقال ذاته، خاتماً بأداة “استخدام منتجات المرابحة كضمان”، التي تسمح بها السلطات النقدية للبنوك عبر “استخدام منتجات المرابحة كضمانات في عمليات السياسة النقدية، ما يعزز من تدخل البنوك المركزية في السوق الحقيقي عبر المنتجات المالية التشاركية”.

يشار إلى أن المقالة سطّرت على “أهمية تطبيق سياسة نقدية إسلامية في ظل وجود بنوك تشاركية، وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية؛ فيما تشمل التحديات التي تواجهها الحاجةَ إلى تكييف أدوات السياسة النقدية لتجنب الممارسات التي يحظُرها الإسلام، مثل الفائدة وعدم اليقين”.

“من خلال تبني هذه الممارسات لا يمكن للسلطات النقدية المساهمة في تطوير النظام المالي التشاركي فحسْب، بل يمكنها أيضا تعزيز قنوات انتقال/تحويل السياسة النقدية من خلال البنوك التشاركية”، يختِم المصدر البحثي ذاته.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى