واصل معدل التضخم نموه بشكل معتدل بزائد 0.4 في المائة خلال ماي الماضي، بعدما سجلت أسعار المواد غير الغذائية زيادة بـ1.7 في المائة، مقابل تراجع أسعار المواد الغذائية بـ 1.2 في المائة؛ فيما تراوحت نسب التغير للمواد الأولى بين انخفاض قدره 1.2 في المائة بالنسبة إلى “الصحة” وارتفاع قدره 3.2 في المائة بالنسبة إلى “المطاعم والفنادق”، حيث أكدت المعطيات الجديدة محدودية تدخلات الحكومة خلال الفترة الماضية من أجل احتواء التضخم والتخفيف من آثاره.
وكشفت الأرقام الواردة في مذكرة إخبارية، صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، عن تباين المنحى التصاعدي للتضخم منذ بداية السنة الجارية، حيث انتقل من زائد 0.3 في المائة في فبراير إلى زائد 0.4 في المائة في ماي، مرورا بزائد 0.9 و0.2، على التوالي، في مارس وأبريل الماضيين؛ ليستقر معدل التضخم برسم الخمسة أشهر الأولى من هذه السنة عند 0.9 في المائة، ويقفز مؤشر التضخم الأساسي الذي يستثني المواد ذات الأثمان المحددة والمواد ذات التقلبات العالية بزائد 1 في المائة خلال ماي الماضي مقارنة مع الشهر الذي سبقه، وبزائد 2.2 في المائة مقارنة مع ماي من السنة الماضية.
محدودية التدخلات الحكومية
قال رشيد قصور، خيبر اقتصادي، إن المعطيات الجديدة الواردة عن المندوبية السامية للتخطيط تسائل بنك المغرب في اجتماع مجلسه الإداري الذي سيعقد مطلع الأسبوع المقبل، موضحا أن تباطؤ التضخم واستمرار ارتفاع أسعار السلع والخدمات يؤكدان محدودية السياسة النقدية المتبعة من قبل البنك المركزي.
في هذا الصدد، أوضح الخبير أن رفع معدل الفائدة الرئيسي خلال أكثر من مناسبة لم يفلح في احتواء هذا التضخم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تدخلات الحكومة من خلال تعليق الرسوم الجمركية على واردات اللحوم الحمراء ودعم استقرار أسعار الكهرباء والماء وكذا المدخلات الفلاحية، مشيرا في السياق ذاته إلى استمرار تفاقم تداعيات موسم الجفاف على الاقتصاد الوطني؛ فيما قلل في المقابل من تأثير تفعيل الرفع التدريجي للدعم عن أسعار “البوطاغاز” خلال ماي الماضي، واعتبره “محدودا”.
ونبه قصور، في تصريح لجريدة النهار، إلى استمرار تأثير تقلبات أسعار المواد الخام في السوق العالمية، مثل النفط والمواد الغذائية، بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني، الذي يستورد هذه المنتجات بشكل كبير، إضافة إلى الاضطرابات في سلاسل التوريد الدولية التي تفاقمت بفعل أحداث مثل جائحة كوفيد-19، حيث أدت إلى نقص في العرض وارتفاع في أسعار السلع المستوردة، مؤكدا أن الإعانات المقدمة من قبل الحكومة لدعم بعض المنتجات في مواجهة التضخم يظل تأثيرها مؤقتا وتثقل كاهل ميزانية الدولة؛ ما يحد من قدرتها على الاستثمار في قطاعات حيوية أخرى.
وشدد الخبير بالقول إنه “في ظل غياب الإصلاحات الهيكلية العميقة لتحسين الإنتاجية والكفاءة الاقتصادية، فالتدخلات الحكومية ستظل أقل فعالية على المدى الطويل”.
تركز الغلاء بالجنوب
بالعودة إلى الوثيقة الصادرة عن مندوبية التخطيط، تركزت انخفاضات المواد الغذائية المسجلة بين شهري أبريل وماي الماضيين في أسعار “السمك وفواكه البحر” بـ5,7 في المائة، و”الحليب والجبن والبيض” بـ2.1 في المائة، وكذا “الزيوت والذهنيات” بـ2 في المائة، إضافة إلى “الفواكه” بـ0.3 في المائة، و”الخبز والحبوب” بـ0.2 في المائة، و”القهوة والشاي والكاكاو” بـ0.1 في المائة، مقابل ارتفاع أسعار “اللحوم” بـ0.8 في المائة، و”الخضر” بـ0.2 في المائة. أما فيما يخص المواد غير الغذائية، فهمت الزيادة أسعار “الغاز” بـ12.3 في المائة، بعلاقة مع تفعيل قرار الحكومة رفع الدعم تدريجيا عن “البوطاغاز”.
وسجلت الأسعار أهم الانخفاضات في الحسيمة بـ1 في المائة، وفي القنيطرة بـ0.8 في المائة، وكذا في فاس بـ0.7 في المائة، وفي وجدة بـ0.5 في المائة، وفي تطوان وطنجة وسطات بـ0.2 في المائة، وفي الدار البيضاء ومكناس والراشيدية بـ0.1 في المائة. وتركزت الارتفاعات في كلميم بـ1 في المائة، وفي العيون بـ0.7 في المائة، وكذا في مراكش والداخلة بـ0.3 في المائة، وفي أكادير وبني ملال بـ0.2 في المائة.