سيريل رامافوزا.. مساند أعمى للبوليساريو يقود جنوب إفريقيا لولاية ثانية جديدة
بطعم “خسارة” الغالبية البرلمانية، و”مرارة” التحالف مع المعارضة، أدى سيريل رامافوزا اليمين الدستورية رئيسا لجنوب إفريقيا لولاية ثانية، لتبدأ ست سنوات جديدة من الحكم، وربما دعم أطروحة الانفصال بالصحراء المغربية.
لم يكن رجل الأعمال، والناشط النقابي والحقوقي السبعيني، ابن بلدة “ترانسفال/ غوتنغ”، مجرد اسم سياسي عابر في جنوب إفريقيا قبل توليه الحكم، فهو الذي ازداد في حقبة الفصل العنصري ببلاد “البافانا بافانا”، ويكنّ له العديد من أتباعه الفضل في المساهمة في هذه اللحظة التاريخية التي أزالت الجدار بين أصحاب البشرتين البيضاء والسوداء.
وحمل رامافوزا “زي البطل” لهذا السبب التاريخي، ووظفه بعناية عندما أطاح بـ”جاكوب زوما”، وهو سياسي آخر مخضرم بجنوب إفريقيا لاحقته في الأخير لعنة الفساد، ليبدأ بذلك رامافوزا رحلة الحكم سنة 2018.
وعاش ابن غوتنغ على وقع الشد والجذب بين السياسة وحياة المال، فمسيرته التي بدأت من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، بالنظر إلى تاريخه في حقبة الفصل العنصري، عاشت فترة توقّف سنة 2001، حينها فضّل توسيع استثماراته بعد فترة نقابية، وتحوّل إثرها إلى الطبقة الغنية.
بعد ذلك عاد “المفاوض الماهر” كما يلقب داخل الحزب إلى عالم السياسة من جديد، وتم انتخابه سنة 2012 نائبا لرئيس “المؤتمر الوطني الإفريقي”، جاكوب زوما، الأخير الذي جعله نائبه بعد توليه الرئاسة سنة 2014، وأجبره على التخلي عن مصالح المالية “حتى لا تتضارب المصالح”.
استمر رامافوزا في منصبه حتى 2018، وحينها علم أن كرسي الرئاسة بلغه أخيرا بعد طول انتظار، إذ كانت عاصفة الفساد، التي مازالت تثير الجدل حول زوما، عاملا حاسما ليبدأ رحلته في قيادة جنوب إفريقيا.
منذ 2018، وحينها كان الجميع يترقب مصير العلاقات بين المغرب وجنوب إفريقيا، وهي التي بقيت في “غرف الإنعاش” في عهد زوما ومن قبله، كرّس رامافوزا طيلة ولايته انضمامه إلى خانة رؤساء “دعم تقرير المصير” في الصحراء المغربية، والوقوف الأعمى بجانب جبهة البوليساريو.
وطيلة ست سنوات من حكمه لم تفارق عبارات “دعم تقرير المصير والاستقلال، والاستفتاء بالصحراء المغربية…” لسان رامافوزا عند تناوله مواضيع السياسة الخارجية لبلاده؛ والتزم بالابتعاد عنها إلى جانب القضية الفلسطينية في خطاب التنصيب أمس الأربعاء، كما حدث سنة 2018.
وعرفت ولاية الرئيس الجديد لجنوب إفريقيا حالات توتر عديدة مع المملكة المغربية، آخرها “قمة البريكس”، التي تقول الروايات الرسمية إنها “مؤامرة جنوب إفريقية ضد المملكة المغربية، من خلال ادعاء قبولها المشاركة إلى جانب البوليساريو”.
وخصص رامافوزا استقبالا رسميا لإبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو، سنة 2022، وحينها قال: “جنوب إفريقيا ستواصل دائما دعمها لاستقلال الصحراء ولا تندم على ذلك، وقلقلة أيضا من الصمت الدولي حول هذا الملف”.
وتوالت إثرها إشارات متواصلة لاستمرار دعم رامافوزا أطروحة الانفصال بالصحراء حد الثمالة، وهو ما جعل العلاقات مع المغرب في النقطة نفسها، ومؤخرا بقي منصب سفير المملكة “شاغرا” بعد رحيل يوسف العمراني لواشنطن في مهمة دبلوماسية جديدة.
وبالتزامن مع استمراره في دعم تقرير المصير، وهي عقيدة الحزب الحاكم التي تترسخ لدى جميع قادته السياسيين، واجه رامافوزا تحديات اقتصادية جمّة وهو على كرسي الحكم، خاصة توفير الكهرباء، والحد من الجريمة، ومواجهة انفصال “كيب الغربية”، وغيرها من الأوضاع التي جعلت الشارع يخفض ثقته فيه وحزبه الحاكم.
وتضرّرت صورة رامافوزا مع تفجّر “فضيحة المزرعة”، إذ كانت الاتهامات توجه إليه بـ”اختلاس كمية مهمة من الأموال الأجنبية والاحتفاظ بها بشكل غريب في إحدى مزارعه”، قبل أن يتم إعلان براءته، ورفض إثر ذلك مناقشة تقرير الحكم في البرلمان.
“في هذا اليوم أيدينا متشابكة. نحن متحدون. نحن مليئون بالأمل، ليبارك الله جنوب إفريقيا ويحمي شعبها”، بهذه العبارات التي رافقتها ترنيمة ” Nkosi Sikelel’ iAfrika” المسيحية، يبدأ رامافوزا سنوات جديدة من الحكم وسط تطلعات إلى مستقبل البلاد وعلاقتها مع المغرب، وهو البلد الذي ساند “البافانا بافانا” وزعيمها الأسطوري نيلسون مانديلا في تجرّع رشفة الحرية.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News