تفعيل حجز الضريبة على القيمة المضافة في المنبع ينعش أنشطة المحاسبين

نشرت المديرية العامة للضرائب البيان المفصل للحجز في المنبع بالنسبة إلى الضريبة على القيمة المضافة (RAS)، وذلك قبل أقل من 20 يوما على دخول هذا الإجراء الجبائي حيز التنفيذ، حيث سيجري تفعيله ابتداء من فاتح يوليوز المقبل، وسيهم فئتين من الشركات الخاضعة لهذه الضريبة، ويتعلق الأمر بالشركات (أشخاص ماديين ومعنويين) التي توفر سلع التجهيز والأشغال، التي ستخضع للحجز في المنبع بنسبة 100 في المائة من مبلغ الضريبة على القيمة المضافة، عن معاملاتها مع القطاع الخاص، وتظل غير ملزمة بتقديم شهادة الامتثال الضريبي المؤرخة بأقل من 6 أشهر لزبائنها.

وبالنسبة إلى الفئة الثانية من الملزمين، فإن الإجراء يهم الأشخاص الماديين، مقدمي الخدمات وأصحاب المهن الحرة الذين يمارسون الأنشطة الخاضعة للمجال التضريبي المذكور في الفصل 89-1 (5°، 10°، 12°) من المدونة العامة للضرائب، والمحددة قائمتهم بموجب مرسوم، حيث يخضعون للحجز فيما يخص الضريبة على القيمة المضافة بمعدل 75 في المائة أو 100، ويتم تفعيل المعدل الأول عند الحجز من مبلغ الضريبة المذكورة في المعاملات مع القطاع العام، فيما يقدمون لزبائنهم من القطاع الخاص شهادة الامتثال الضريبي المؤرخة بأقل من 6 أشهر. وفي حال عدم تقديمها، سيجري حجز كامل مبلغ الضريبة من قبل زبائنهم المنتمين لهذا القطاع عند تسوية فواتيرهم.

وبهذا الخصوص، ستستثنى من حجز كامل مبلغ الضريبة، العمليات التي تقل قيمتها عن أو تساوي 5000 درهم، بحد أقصى 50 ألف درهم شهريا. أما بالنسبة إلى الموردين الذين ينشطون في شكل أشخاص معنويين، فهم غير خاضعين للحجز فيما يخص الضريبة على القيمة المضافة إلا إذا كانوا يعملون مع القطاع العام، حيث يكون معدل الخصم في هذه الحالة محددا في 75 في المائة من مبلغ الضريبة المذكورة، إذا لم تكن الخدمة مستثناة من التضريب. ويرتقب أن ينعش الإجراء الجبائي الجديد أنشطة المحاسبين، الذين شرعوا منذ أسابيع في توعية وتحسيس زبائنهم بمتطلبات الموعد الضريبي المقبل، والإكراهات التي يفرضها على الملزمين، خصوصا ما يتعلق بضرورة التوفر على شهادة الامتثال الضريبي.

الصيغة العملية

حسب الصيغة العملية للإجراء الجبائي الجديد، فإذا كان الملزم ينشط في القطاع الخاص ويرغب في سلع تجهيزات وأشغال من أحد الموردين، أو الاستعانة بأحد مقدمي الخدمات الخاضعين للضريبة، فيجب عليه الإدلاء بشهادة الامتثال الضريبي الصادرة منذ أقل من 6 أشهر، حتى لا يخصم منه مبلغ الضريبة على القيمة المضافة، إذا كان ينتمي إلى الفئة الأولى المشار إليها سابقا، ويخصم 75 في المائة من مبلغ الضريبة إذا كان ينتمي إلى الفئة الثانية، عند أداء فاتورته، فيما يتعين أن تُطلب الشهادة المذكورة عند الفوترة وفي موعد أقصاه تاريخ الأداء، وكذا عند أداء تسبيق في حالة تحويل تسبيق مالي عن المعاملة.

وبالنسبة إلى عبد الرزاق منادي، خبير محاسب مستشار مالي، فإن مكاتب المحاسبة والاستشارة الضريبية مطالبة بتحسيس زبائنها بشأن المستجدات الضريبية الجديدة، خصوصا إجراء حجز الضريبة على القيمة المضافة في المنبع، موضحا أن مجموعة من التفاصيل ستشكل فرقا بالنسبة إلى الملزمين، مبرزا أن توفر شهادة الامتثال الضريبي لا يكفي مثلا لحجز مبلغ الضريبة، إذ تشير المذكرة التفسيرية الصادرة عن المديرية العامة للضرائب إلى وجوب تحقق الملزم من صحة الشهادة المذكورة على الموقع الإلكتروني للمديرية قبل اعتمادها بصفة رسمية.

وأفاد منادي، في تصريح لجريدة النهار، بأن إجراء حجز الضريبة على القيمة المضافة في المنبع يكتسي العديد من المزايا الهامة، سواء بالنسبة إلى الدولة أو الشركات، من خلال تحسين عملية تحصيل الضرائب، وتبسيط الالتزامات الإدارية، وضمان تدبير أفضل للخزينة لجميع الأطراف المعنية، مؤكدا أهمية الإجراء في تقليص مخاطر الاحتيال والتهرب الضريبيين، ذلك أن الحجز في المنبع يتيح للسلطات مراقبة وضمان تحصيل المداخيل الجبائية من الضريبة المذكورة، وتحويلها إلى الخزينة العامة للمملكة بفعالية، مشيرا في السياق ذاته إلى توجه الحكومة من خلال تبني هذا الإجراء الجبائي نحو ضمان تدفقات نقدية منتظمة، تساهم في تأمين التمويلات اللازمة لتغطية نفقاتها الآنية.

فواتير وهمية

إجراء حجز الضريبة على القيمة المضافة في المنبع يتلخص في أن الشركة التي تقوم بالأداء مقابل سلعة أو خدمة تحتفظ بجزء من قيمة المبلغ المؤدي لصالح الضريبة، وتحوله مباشرة إلى الخزينة العامة، حيث تكتسي هذه الآلية أهمية خاصة في القطاعات التي يكون فيها خطر التملص الضريبي مرتفعا، فمن خلال حجز مبلغ الضريبة في المنبع، يمكن للإدارة الجبائية التأكد من تحصيل الضريبة قبل أن يتلقى البائع كامل المبلغ المتفق عليه مقابل السلع أو الخدمات، علما أن الإجراء الجديد يمثل وسيلة فعالة بيد مصالح المراقبة الضريبية في التثبت من صحة الفواتير ومكافحة الوهمية منها.

وأوضح مراد إيد ويحمان، خبير في القانون الضريبي والمنازعات الجبائية، في تصريح لجريدة النهار، أن حجز الضريبة على القيمة المضافة في المنبع يقلل من إمكانية استخدام الشركات للفواتير الوهمية لزيادة المداخيل من الضريبة المذكورة بشكل غير مشروع، بما أن الضريبة تحجز قبل أن يتم أداء مبلغ السلعة أو الخدمة الكامل، مؤكدا أن الحافز لإنشاء فواتير تحمل معطيات مغلوطة ينخفض، نظرا لأن الضريبة قد تم تحصيلها بالفعل، منبها في السياق ذاته إلى المسؤولية المشتركة التي تفرضها هذه الآلية على المشتري والبائع، بحيث يصبح الطرف الأول، الذي يحجز ويحول مبلغ الضريبة على القيمة المضافة، فاعلا رئيسيا في عملية التحصيل، فيما يعزز الإجراء حرص الطرفين ويقلص فرص الاحتيال الضريبي.

وأكد إيد ويحمان أهمية ميزة التحقق الفوري التي يوفرها حجز الضريبة على القيمة المضافة في المنبع، موضحا أنه عند تفعيل هذا الإجراء يصبح من السهل على السلطات الضريبية التحقق من صحة المعاملات التجارية؛ إذ يتم توثيق كل معاملة من قبل الطرفين (المشتري والبائع)، ما يساهم في إنشاء سجل معاملات يمكن مراجعته بغرض التدقيق خلال أي وقت، مشيرا إلى دور الآلية الضريبية في التقليص من فرص الشركات لإصدار فواتير وهمية، إذ تكون الضريبة قد تم تحصيلها بالفعل، ما يحد من القدرة على تقديم مطالبات استرداد ضريبية غير مستحقة.

Exit mobile version