يوسف أمزوز كاشف معسكرات الاحتجاز في ميانمار يعود إلى أحضان عائلته بأزيلال
عاد الشاب المغربي يوسف أمزوز، الذي نجا من عصابات الاتجار بالبشر في ميانمار، إلى أحضان عائلته في أزيلال، الجمعة، بعد أسابيع طويلة من الاحتجاز والتعذيب على يد هذه المنظمات الإجرامية العابرة للحدود. فيما لا يزال الغموض يلف مصير الشباب المغاربة الخمسة الذين دفعت عائلاتهم فديتهم للخاطفين ولم يتم تحريرهم حتى الآن.
وكان يوسف أمزوز استعاد حريته، الأسبوع الماضي، بعد توصل خاطفيه بمبلغ الفدية المقدرة بـ80 ألف درهم، حيث تم التخلي عنه في محافظة ماي سوت، وتلقت له منظمة إنسانية دولية تعنى بحقوق المهاجرين ودعم ضحايا الاتجار بالبشر، والتي سلمته بدورها إلى إحدى المنظمات الإنسانية الدولية الموجودة بتايلاند والتي وفرت له الرعاية اللازمة، كما مكنت جهود سفارة المغرب بتايلاند من تأمين رحلة العودة ليوسف من بانكوك إلى المغرب، تقول زهرة، شقيقة يوسف، في تصريح لـ”الصحراء المغربية”.
وأوضحت زهرة أن الخاطفين توصلوا بمبلغ الفدية عن طريق تحويله إلى عملات رقمية بمساعدة صديق أخيه الموجود في أوروبا، حيث وضعت العائلة مبلغ الفدية في حساب أخيها البنكي والذي قام بتحويله إلى حساب صديقه، وقد نجح هذا الأخير في تصريف المبلغ المالي إلى عملات رقمية وإرسالها إلى العصابات الاجرامية، مشيرة إلى أن “الخاطفين كانوا ينتظرون فقط الحصول على الفدية للتخلص من يوسف الذي بات يشكل بالنسبة لهم تهديدا بعدما فجر قضيته وقضية العشرات من الشباب المغاربة المحتجزين في ميانمار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن يتحول هذا الملف إلى قضية رأي عام وطنية ودولية”.
وعن قصة يوسف مع عصابات الاتجار بالبشر، كشفت زهرة أنها بدأت خلال رحلة سياحية لتركيا حيث كان أخوها يسعى لاستكشاف عوالم جديدة، وأثناء إقامته في تركيا التقى مواطنا مغربيا يعرف نفسه بـ”الحاج”، والذي وصفه يوسف بـ”الذئب في هيئة حمل”. استخدم “الحاج” طرقا احترافية لاستدراج وإقناع يوسف، سهل له في بادئ الأمر السفر إلى النمسا، حيث قضى نحو ثلاثة أشهر ثم عاد إلى تركيا، بهذه الطريقة كسب “الحاج” ثقة يوسف لينتقل بعدها إلى المرحلة الثانية من الاستدراج، حيث أقنعه بأنه سيوفر له عقد عمل في التجارة الإلكترونية لدى شركات عالمية مقابل راتب شهري مغر جدا، بعدها انتقل يوسف إلى ماليزيا على حساب “الحاج” حيث انتظر لمدة أسبوع للحصول على تأشيرة دخول التايلاند.
وصل يوسف في منتصف شهر أبريل الماضي، حيث كان ينتظره مواطن أجنبي يتوفر على جميع بياناته الشخصية وصوره، اصطحبه هذا الشخص عبر سيارة خاصة على أساس توصيله إلى مقر عمله المفترض. كانت الرحلة طويلة، ولم يستطع يوسف البقاء مستيقظا، فغفا في نوم عميق لأكثر من 12 ساعة، بعدها استيقظ ليجد نفسه بعيدا عن المناطق المأهولة بواد تسيطر عليه مليشيات عسكرية غير نظامية، هنا تحقق يوسف أنه وقع في فخ عصابات إجرامية خطيرة، لتبدأ أطوار رحلة الاحتجاز والعمل القسري والتعذيب، بينما توارى “الحاج” عن الأنظار وغير رقمه الهاتفي.
محاولات يوسف الكثيفة ونضاله من أجل النفاذ بجلده من جحيم الاحتجاز في ميانمار وكذا فضحه ما يمارس هناك من تنكيل وتعذيب واستغلال في حق العشرات من المغاربة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عرضه لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، لكنه نجح في الضغط على الخاطفين للتفكير في التخلص منه مقابل فدية حددت في مبلغ 8 آلاف دولار أمريكي، بالنسبة لهم، أصبح يوسف “صفقة خاسرة” وتم إلقاؤه في بلدة ماي سوت، حيث تلقفته منظمة دولية ناشطة في مكافحة المتاجرة بالبشر، لتبدأ رحلة عودته إلى أرض الوطن.
تقول زهرة في حديثها لـ”الصحراء المغربية” إن مجموعة من المؤثرين المغاربة الموجودين حاليا في بانكوك التايلاند، ساهموا بطريقة مباشرة وغير مباشرة، في استدراج العشرات من الشباب المغاربة الحالمين بتحسين أوضاعهم المادية والمتطلعين لمستقبل أفضل، وباعوا لهم “الوهم”، حيث وجدوا أنفسهم تحت قبضة مجموعة من المجانين والمرضى النفسيين، أشخاص لا يحتكمون إلى أي قوانين أو قيم إنسانية، ومستعدون لفعل أي شيء مقابل استغلال الشباب في أعمال مشبوهة وغير قانونية للحصول على الأموال.
وأكدت زهرة أن نضالها ونضال شقيقها ونضال كافة عائلات ضحايا الاتجار بالبشر سيتواصل حتى يتم إنقاذ وتحرير جميع المغاربة المحتجزين في ميانمار، معربة عن ثقتها في المصالح الدبلوماسية المغربية بتايلاند والسلطات الأمنية الوطنية وتدخلها الفعال للمساهمة في عودة الشباب سالمين إلى بلدهم الأم.
أسماء ازووان
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News