تستعد القاعات السينمائية المغربية لاستقبال الشريط الطويل الجديد للمخرج المغربي رؤوف الصباحي، الذي يحمل عنوان “واحة المياه المتجمدة”.
وسيبحر الصباحي بفيلمه الجديد في دور العرض المغربية ابتداء من الـ12 من شهر يونيو الجاري، وذلك بعد سلسلة من التتويجات التي حصدها عقب مشاركاته العديدة في المهرجانات الوطنية والدولية الكبرى.
ويتناول الصباحي على مدار 92 دقيقة في شريطه “واحة المياه المتجمدة”، الذي قام بإخراجه وبكتابة السيناريو الخاص به، بشكل مؤثر، موضوعا اجتماعيا عميقا يتجلى في معاناة النساء في ظل قسوة العلاقة الزوجية الفاترة، حيث يسلط الضوء على عمق العلاقات العاطفية والأبوية والتحديات النفسية للأسر.
ويحكي الفيلم قصة كفاح “فضيلة”، طبيبة طوارئ، لاستعادة زوجها “قادر”، ممرض رئيس، بعدما دخلت علاقتهما في مرحلة فتور سببها إصابة الزوج بمرض السرطان وقراره تخصيص الأشهر الأخيرة من حياته لخلوة ذات طابع صوفي، بحثا عن العزلة بعد علاقة حب وطيدة منذ الطفولة.
يشارك في تجسيد بطولة هذا الفيلم السينمائي، وهو إنتاج مغربي-فرنسي، كل من الممثلة نسرين الراضي في دور “فضيلة”، والممثل أحمد حمود في دور “قادر”، والممثلة لطيفة أحرار في دور “أم فضيلة”، والممثل حسن بديدة في دور “بابا رشيد”، بالإضافة إلى مجموعة من الأسماء الفنية الأخرى.
واستعان المخرج المغربي في الموسيقى التصويرية للفيلم بالفرقة الموسيقية العالمية اللبنانية “مشروع ليلى”، حيث جسد عمقا فنيا راقيا من خلال أغنية الفرقة الشهيرة “فساتين”، التي تضيف للمشهد بعدا وجدانيا تمتزج فيه حاسة السمع بالبصر، ستجعل المشاهد يندمج مع الشخصيات ويشعر بآلامها وأفراحها.
ويرى الناقد المغربي فؤاد زويرق أن رؤوف الصباحي قدم في شريطه هذا تناغما إبداعيا جمعت وانصهرت فيه عناصر فيلمية عدة، من سرد وصورة ورمز وتشخيص وكوريغرافيا، في قالب فني واحد، صمّم شكلا بصريا جميلا أخفى داخله الكثير من التفاصيل والأبعاد ذات معانٍ ودلالات.
وقال زويرق إن “واحة المياه المتجمدة” اعتمد أسلوبا غير مباشر في اقتحام العوالم الداخلية الإنسانية وتفكيك تفاصيلها النفسية، خصوصا أنه تعمق في الجانب العاطفي والوجودي منها، وحاول السيطرة على اندفاع وتدافع المشاعر التي اعترت شخصياته الرئيسية، كما أعطى للمُتلقي شحنة من الصدمات المتنوعة والمختلفة في قدراتها التأثيرية، النابعة من عمق الشخصيات نفسها، حيث يتلاقى فيها الحب والموت والبحث عن الذات بالمشاعر المحملة بالتناقضات والتجاذبات والرغبات.
واعتبر الناقد المغربي ذاته، في تصريح سابق لجريدة النهار، أن المخرج الشاب رؤوف الصباحي اجتهد في فيلم “واحة المياه المتجمدة” باقتناصه الصورة بجماليتها البصرية، سواء من الناحية الفنية أو التقنية، وإحاطتها بمجموعة من العناصر المادية الملموسة ذات الدلالات السينمائية التي جعلت منه عملا قابلا للقراءة من زوايا عدة، كما نجح في رسم مشاهد متقنة الصنع عززها بحمولات إنسانية مركبة.
وأبرز زويرق أن هذا الاجتهاد لم يتأت من فراغ، خصوصا عند معرفة أن هناك عنصرا مساعدا آخر، هو مدير التصوير فاضل اشويكة الذي يعتبر واحدا من المبدعين المشهود لهم بالتميز في مجالهم.