بورصة البيضاء .. البنوك تستأثر بأزيد من ثلث الربيحات المحولة للمساهمين

هيمنت البنوك على أزيد من ثلث الربيحات المحولة من قبل الشركات المدرجة في بورصة الدار البيضاء للمساهمين، البالغة قيمتها الإجمالية 18.8 مليار درهم برسم السنة الماضية فقط، وفق تقديرات مركز الأبحاث “التجاري غلوبال ريسورش”، بزيادة نسبتها 18.5 في المائة مقارنة مع 2022، علما أن شركات مدرجة حولت قيمة الربيحات المحققة لمساهميها، فيما تنتظر أخرى تحويلها قريبا.

وسجل المركز ارتفاع قيمة الربيحات المحولة حسب القطاعات الاقتصادية لدى قطاع الاتصالات، إذ استحوذت مجموعة “اتصالات المغرب” وحدها على أزيد من 19 في المائة من إجمالي الربيحات، متبوعا بالقطاع البنكي وقطاع البناء والأشغال العمومية، علما أن 40 في المائة من المبالغ المحولة مصدرها بنوك، حيث أودعت مجموعة “التجاري وفا بنك” ما قيمته 3.5 مليارات في حساب مساهميها، عبارة عن ربيحات محققة برسم الفترة المذكورة.

وتزامنت المعطيات الجديدة مع انتعاش أرباح الشركات المدرجة في بورصة الدار البيضاء برسم السنة الماضية، مدفوعة بتطور مؤشرات مجموعة من القطاعات، على رأسها البنوك، حيث ساهمت بنسبة 73 في المائة في تطور إجمالي رقم المعاملات القطاعي، مع نمو وصلت قيمته إلى 9.4 مليارات درهم.

مقاومة الصدمات

أظهرت المجموعات البنكية المدرجة في بورصة الدار البيضاء مقاومة في مواجهة الصدمات الداخلية والخارجية، المرتبطة بالظرفية الاقتصادية والمناخية المحلية والدولية، إذ أبدى القطاع البنكي عدم تأثره بعاملي التضخم والجفاف على وجه الخصوص، بعدما تمكن من رفع أرباحه بـ2.6 مليار درهم، وهو المنحى التصاعدي الذي استمر على مدى ثلاث سنوات الماضية، واعتبر الأعلى منذ 2016.

وأوضح محمد مديوني، محلل الأسواق المالية مستشار بنكي، في تصريح لجريدة النهار، أهمية النظر إلى مجموعة من العوامل ضمن السياق الاقتصادي الأوسع لفهم الأسباب الكامنة وراء ارتفاع الربيحات المحولة من قبل البنوك المدرجة، وتقييم استدامتها على المدى البعيد، مؤكدا تأثير السياسات النقدية للبنك المركزي، مثل خفض أسعار الفائدة والتسهيلات الكمية، على ربحية البنوك، حيث ساهم تراجع أسعار الفائدة في تقليص تكلفة الاقتراض لدى البنوك، ما زاد من هوامش الربح، مشيرا إلى الدور الذي لعبته سياسات التحفيز المالي والاقتصادي في تعزيز النشاط الاقتصادي العام، ما انعكس إيجابا على المؤسسات الائتمانية، من خلال زيادة الطلب على القروض والخدمات المالية الأخرى.

وأكد مديوني في السياق ذاته ارتباط تطور فيمة الربيحات المحولة بزيادة أرباح البنوك. بفضل السيطرة على التكاليف ورفع قيمة المكاسب من الاستثمارات، وكذا الأداء القوي للقروض والودائع، حيث سجلت هذه العوامل تأثيرا إيجابيا على الأرباح، بالإضافة إلى تطور القروض الممنوحة، رغم تباطؤ معدلات استرداد القروض المتعثرة، التي تجاوزت سقف 95 مليار درهم،

أرباح مهمة

أشارت دراسة سابقة لبنك الأعمال “فالوريز سيكيريتيز” إلى المساهمة القوية لقطاع البنوك في تطور رقم معاملات الشركات المدرجة في البورصة، حيث بلغت 3.2 نقطة في نمو المنجزات التجارية للقيم المدرجة في 2023، فيما سجل القطاع زيادة بنسبة 13 في المائة في الناتج البنكي الصافي، ليقفز إلى 81.16 مليار درهم.

وربطت نبيلة رحموني، مستشارة مالية لدى بنك للأعمال بالدار البيضاء، في تصريح لجريدة النهار، النمو الذي شهده القطاع البنكي بالدينامية التجارية الملائمة في مجال تعبئة الادخار وتمويل الاقتصاد، مشيرة إلى أن هذا التطور جاء مدعوما بزيادة المداخيل من أنشطة السوق، نتيجة استقرار سعر الفائدة الرئيسي وانخفاض أسعار الفائدة في السوق الثانوية خلال 2023، مبرزة أن مجموعة بنكية، مثل “التجاري وفا بنك”، سجلت نتائج قياسية في القطاع، حيث ارتفع ناتجها البنكي الصافي بنسبة 15.5 في المائة ليصل إلى 29.9 مليار درهم.

وأفادت رحموني، في السياق ذاته، بأن القطاع البنكي استطاع تكييف نظامه لإدارة المخاطر مع التغيرات الخارجية للسوق، التي شملت ارتفاع معدل الفائدة الرئيسي وزيادة نسبة القروض معلقة الأداء، خصوصا بين الزبائن الأفراد والشركات، لا سيما تلك العاملة في قطاعات تأثرت بالأزمة، مثل قطاعي الطاقة والصناعات الغذائية.

يشار إلى أن الربيحات الموزعة من قبل البنوك المدرجة، تهم مدفوعات دورية تمنح للمساهمين من أرباح البنك، ويمكن أن تكون التوزيعات نقدية أو على شكل أسهم إضافية، فيما يتم تحديد توزيعات الأرباح من قبل المجلس الإداري، باعتبار مجموعة عوامل، مثل الأرباح المحققة والاستثمارات المستقبلية، والسيولة النقدية.

Exit mobile version