أكاديمية المملكة تنصب 6 أعضاء جدد وسط حضور قوي لقضايا الأسرة والقيم

احتضن مقر أكاديمية المملكة المغربية بالرباط، اليوم الخميس، جلستين رسميتين لتنصيب ستة أعضاء جدد مقيمين بهذه المؤسسة الوطنية العلمية العليا، حيث جرى توشيحهم بشارة العضوية والتعريف بمسارهم العلمي والأكاديمي والمهني وإبراز تراكماتهم الفكرية والمعرفية، بحضور عدد من أعضاء الأكاديمية وشخصيات فكرية وثقافية.

ويتعلق الأمر بكل من عبده الفيلالي الأنصاري، مدير سابق لمعهد الدراسات حول حضارات المسلمين بجامعة “آغا خان” في العاصمة البريطانية لندن، ومحمد الشركي، رئيس المجلس الدستوري سابقا، وعبد الله العوينة، أستاذ فخري بجامعة محمد الخامس بالرباط، الذين جرى تنصيبهم خلال الجلسة الرسمية الأولى، وكل من الوزير السابق إسماعيل العلوي، ومحمد أمين بنعبد الله، رئيس المحكمة الدستورية وأحمد شحلان، أستاذ فخري بجامعة محمد الخامس، الذين جرى تنصيبهم في الجلسة الثانية.

وحسب مقتضيات المادة السادسة من القانون رقم 74.19 المتعلق بإعادة تنظيم أكاديمية المملكة، فإن عدد الأعضاء المقيمين في هذا المؤسسة، يحدد في ثلاثين عضوا، بحيث لا تمنح صفة “عضو مقيم” إلا لشخصيات علمية حاملة للجنسية المغربية، يتم تعيينها بظهير شريف باقتراح يرفعه أمين السر الدائم إلى الملك، استنادا إلى مداولات المجمع الأكاديمي وفق إجراءات محددة بموجب المادة السابعة من القانون سالف الذكر.

وبناء على مقتضيات المادة الـ11 من القانون ذاته، قدم الأعضاء المقيمون الجدد “دروس تنصيب”، أي عروضا حول قضية من القضايا الفكرية والعلمية كل في مجال تخصصه واهتمامه، حيث جرى خلال هاتين الجلستين طرحُ مجموعة من الأفكار التي طغت عليها موضوعة “الأسرة “و”القيم”، على غرار محاضرة رئيس المجلس الدستوري سابقا التي تطرق فيها إلى موضوع “الأسرة والدين والعلاقة بينهما من منظور دستوري”، ودرس محمد أمين بنعبد الله الذي تناول “أزمة القيم وتعاقب الأجيال”، فيما تطرق عبده الفيلالي الأنصاري إلى “النزعة المحافظة في السياقات الإسلامية”.

وفي تصريح لجريدة النهار، عبر أحمد الشركي، رئيس المجلس الدستوري سابقا، عن “فخره الكبير بتولي عضوية الأكاديمية التي تعتبر مؤسسة المؤسسات العلمية”، موردا أن “حفل التنصيب مناسبة علمية يقوم فيها الأعضاء الجدد بتقديم درس أكاديمي، وقد قدمت في هذا الإطار درسا حول الأسرة والدين والعلاقة بينهما من منظور دستوري”.

في السياق نفسه، أوضح الشركي أن الدرس الذي قدمه أبرز فيه أن “مدونة الأحوال الشخصية يجب أن تخضع للضوابط الدستورية المستمدة من مرجعية الدين الإسلامي الذي اعتبره الدستور دينا متسامحا ومقاصديا، ثم أيضا المرجعيات الدولية لحقوق الإنسان بما تنطوي عليه من قيم وآراء ومبادئ يتشبث بها المغرب دائما، وحتى حينما أبدى هذا الأخير تحفظاته حيال بعض مقتضياتها، فإنه سرعان ما راجع مواقفه في هذا الصدد، على غرار سحب تحفظاته فيما يخص اتفاقية مناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة”.

وخلص المصرح لجريدة النهار إلى أن “هذا يدل على دور ومكانة إمارة المؤمنين في الإرشاد والتوجيه نحو المزيد من تقدم وتطور المجتمع والانفتاح على العالم الذي نعيش فيه، حيث إن المغرب دخل فيما أسميته مدرسة الفقه الحي الذي يعتبر أن الفقه هو بستان وليس معتقلا”.

من جانبه، قال إسماعيل العلوي، وزير التعليم في حكومة عبد الرحمان اليوسفي، في تصريح لجريدة النهار، إن “أكاديمية المملكة محفل علمي كبير يسمو بالثقافة المغربية إلى ما يستحقه من علو”، مسجلا أن “الأكاديمية طالما اهتمت بقضايا الأسرة والقيم منذ سنوات، وهذا يؤكد أهمية الاعتناء بهذا الموضوع”.

وشدد العلوي على “أهمية الحرص على القيم النبيلة التي طبعت دوما الشعب المغربي مع ضرورة اقتران ذلك بتعليم مضمون هذه القيم إلى الأجيال الصاعدة في المدرسة”، مضيفا: “لا زلت أتذكر أننا عندما كنا صغارا كنا ندرس حصصا تسمى حصص الأخلاق والتربية المدنية التي نتعلم فيها أشياء مهمة ونحاول تفعليها عندما أصبحنا كبارا”، مشيرا إلى أن “هذا الأمر غائب اليوم في البرامج التعليمية العامة، وهذا خطأ كبير؛ لأنه مهما بدا للبعض أن الأمر تافه أو لا يستحق، إلا أنه وبحكم التجربة فهو أمر أساسي للناشئة حتى تصبح قادرة على المحافظة على القيم النبيلة السائدة في المجتمع”.

محمد أمين بنعبد الله، رئيس المحكمة الدستورية، عبر بدوره عن “اعتزازه بالحصول على شرف العضوية في هذه الأكاديمية العتيقة”، مسجلا أن “حضور مواضيع الأسرة والقيم في دروس الأعضاء الجدد المنصبين، كان استجابة لأمر ملكي بالانكباب على هذين القضايا”.

وقال أحمد شحلان، الأستاذ الفخري بجامعة محمد الخامس بالرباط: “يشرفني اليوم وقد عينني صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عضوا في أكاديمية المملكة المغربية، هذه المؤسسة التي ألفتها وأتردد عليها منذ حوالي أربعين سنة”، مضيفا أن “درس التنصيب الذي ألقيته ينصب على موضوع الأسرة في التاريخ البشري القديم انطلاقا من الكتب السماوية”.

من جهته، عبر عبد الله العوينة، الأستاذ الفخري هو الآخر بجامعة محمد الخامس بالرباط، عن سعادته بهذا التنصيب، مسجلا أن “تركيز عروض ومحاضرات الأعضاء الجدد على مواضيع القيم والأسرة كان بطلب من أكاديمية المملكة المغربية، حيث تمت معالجة هذه المواضيع على واجهات متعددة”.

وأضاف المصرح لجريدة النهار: “تكلمت في عرضي عن القيم من زاوية الحفاظ على الموارد والثروات الطبيعية، وهي قيم متأصلة عند الأسر التي تعيش في الأرياف منذ قدم الزمن، فعندما تنتج هذه الأسر غذائها وتحافظ في الوقت نفسه على الموارد، خاصة المائية منها، فإن ذلك ينعكس إيجابا على الطبيعة”، مشيرا إلى أن “فترة الأزمات تعرف تلاشيا في القيم المرتبطة بتدبير المجال، غير أنني خلصت إلى وجود تفاؤل على هذا المستوى، مع وجوب تنمية الأرياف اقتصاديا واجتماعيا بما يجعل أسر هذا المجال في وضع مريح”.