ينكب المغرب منذ مدة على الوصول إلى مزيج طاقي بنسبة 52 في المائة بحلول سنة 2030، على أمل الاعتماد الكلي على الطاقة النظيفة سنة 2050، وهو ما تدعمه عمليات التنقيب الجارية بعدد من مناطق المملكة عن الغاز الطبيعي الذي يظل مناسبا للبيئة عكس الفحم والنفط.
وبتكلفة تقارب 30 مليار درهم منذ مطلع الألفية الثالثة تستمر عمليات التنقيب بحقول مختلفة من المملكة، بما فيها حقل “تندرارة” وحقل “الأنشوا” البحري، إلى جانب حقول الصويرة والغرب، بما يرفع آمال الوصول إلى مرحلة الإنتاج النهائي للغاز الطبيعي الذي سيمكن البلاد من تطوير مخزونها الطاقي وتلبية احتياجاتها الطاقية في أقرب الآجال.
وأمام النتائج الأولية التي تعلن عنها الشركات المشتغلة في عمليات التنقيب بهذه الحقول يظهر مدى قرب المغرب من ملامسة النتائج المادية لهذه العمليات الاستكشافية، بما يدفع صوب الوصول إلى المزيج الطاقي المحدد سنة 2030، في وقت تُعقد الآمال على تسريع هذه الاستكشافات بهدف ملامسة النتائج في القريب، إذ تعقد الآمال على السنة المقبلة كسنة مفترضة لبداية مرحلة الإنتاج النهائي.
عبد الصمد ملاوي، خبير دولي في تكنولوجيا الطاقات المتجددة، قال إن “من بين الإكراهات التي يمكن أن تؤثر على سير عمليات استخراج الغاز الطبيعي التضاريس الصعبة التي تعرفها بعض الآبار التي تجري بها هذه العمليات، إلى جانب التمويلات الضرورية التي تكون الشركة المنقبة ملزمة بتوفيرها، فضلا عن استصدار تراخيص الاستخراج النهائي التي تمر بمراحل مختلفة”.
وأوضح ملاوي متحدثا لجريدة النهار أنه “منذ الإعلان سنة 2015 عن وجود احتياطات بحقل تندرارة للغاز الطبيعي استمرت المملكة في الانفتاح على حقول أخرى بعدد من مناطق البلاد التي يجري بها التنقيب إلى حدود اليوم؛ فنجاح عمليات التنقيب من شأنه توفير مخزون مهم من الغاز الطبيعي للمملكة، على اعتبار أنها تحتاج إلى 100 مليون متر مكعب سنويا منه، على أن تحتاج سنة 2030 إلى مليار ونصف متر مكعب بفعل ارتفاع النمو الديمغرافي وتوسع النشاط الاقتصادي الوطني”.
وتابع المتحدث ذاته: “رغم ذلك إلا الآبار الحالية وإن تمت بها عمليات التنقيب بنجاح يصعب أن تُلبي الاحتياجات الطاقية الوطنية، ما يدفع المغرب إلى التوجه نحو بدء التنقيب بمناطق أخرى، لاسيما أنه يراهن على الاعتماد المستقبلي على الطاقة النظيفة، إذ إن الغاز الطبيعي يظل أقل تلويثا من النفط والفحم”، موردا أن “الاحتياجات الطاقية للمملكة تزداد كل سنة”.
وبيّن الخبير الدولي الطاقي أن “هذه الاكتشافات ستسهم في التخفيف من التبعية الطاقية، وتعزيز المصادر الأقل تلوثا وتسريع المشاريع الطاقية المتجددة”، موضحا أن “الإسهام الإيجابي للنتائج الأولية المتوصل إليها في تطوير المخزون الطاقي الوطني رهين بمسألة التقلبات التي يعرفها المجال، والتزام المصادر الطاقية الأخرى بتوفير الطاقة اللازمة”، ومعتبرا أنه “من الصعب التنبؤ بالجدولة الزمنية الخاصة ببداية الإنتاج النهائي على مستوى هذه الحقول”.
من جهته قال فؤاد الزهراني، باحث في المجال الطاقي، إن “كل هذه التدابير التي يقدم عليها المغرب منذ مدة تروم الوصول وطنيا بحلول سنة 2030 إلى 52 في المائة من المزيج الطاقوي الذي سيتكون من الطاقات النظيفة إلى جانب الطاقات الأخرى التي يتم الاعتماد عليها حاليا بشكل كبير”.
وأضاف الزهراني متحدثا لجريدة النهار أنه “في ظل الشروع في الانتقال الطاقي لا يمكن إهمال الغاز الطبيعي الذي يعد من أعمدة هذا الانتقال، بالنظر إلى كونه مصدرا طاقيا أنظف من النفط والفحم وأقل إضرارا بالبيئة؛ فالمغرب حاول منذ سنة 2009 التركيز على الطاقات النظيفة بما يمكنه من تكوين مزيج طاقي في أفق الوصول إلى طاقة خالية من الكاربون”.
وبيّن المتحدث ذاته أنه “من المرجح أن تكون سنة 2025 سنة استخراج الغاز الطبيعي الذي من المرتقب أن تستفيد منه الصناعة الوطنية، إذ إن أشغال التنقيب مازالت متواصلة منذ مدة، في وقت تظل الصعوبة في كيفية إرجاع الغاز الطبيعي قابلا للاستغلال ونقله عبر البنية التحتية الخاصة به”، موردا أن “المغرب يظل بحاجة إلى الغاز الطبيعي في الصناعة ولضمان الاستقلالية الطاقية الوطنية، حيث هنالك رهان على الوصول إلى 1,5 مليار متر مكعب”.