خبراء ومسؤولون يناقشون فرص الإدماج الاقتصادي الإفريقي في مدينة الداخلة

تنوعت الأفكار والمقترحات والمشاريع المتداولة خلال أشغال الدورة الخاصة للأيام الدولية للاقتصاد الكلي والمالية 2024، المنعقدة بالداخلة تحت شعار “التكامل الاقتصادي في إفريقيا.. الطريق نحو مستقبل أكثر ازدهارا”، حيث شكل الحدث فرصة لتعزيز دور المدينة كقطب تشاوري يجمع المغرب ببلدان أفريقيا جنوب الصحراء حول تصورات اقتصادية وتنموية مشتركة.

وبعد تأكيد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، ورياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، أهمية إحداث تكتلات اقتصادية إفريقية قادرة على مواجهة التحديات المقبلة، شدد ينجا الخطاط، رئيس مجلس جهة الداخلة-وادي الذهب، أحد منظمي الحدث إلى جانب البنك المركزي وجامعة القاضي عياض بمراكش ومركز “برنولي” للاقتصاد بجامعة “بازل” بسويسرا، على أن الدورة الجديدة ستخرج بتوصيات ستكل أرضية لتقوية التعاون جنوب-جنوب وتطوير علاقات الشراكة والاندماج بين بلدان القارة.

وأضاف الخطاط، خلال كلمة في افتتاح الدورة، أن التوصيات الجديدة ستقود إلى بناء إفريقيا الغد التي يريدها الجميع، مزدهرة ومندمجة ومتضامنة، وقادرة أيضا على رفع التحديثات المطروحة وتلبية الاحتياجات السوسيو-اقتصادية للسكان، خصوصا ما يتعلق بالصحة والتعليم وإحداث فرص الشغل، ومكافحة الفقر والهشاشة، وتطوير التعمير والرقمنة.

دبي قادمة

“الداخلة هي دبي قادمة”، هكذا علق ألكسندر بيرينتسن، مدير مركز “برنولي” للاقتصاد بجامعة “بازل” سويسرا، في بداية مداخلته خلال افتتاح أشغال الدورة الجديدة من الأيام الدولية للاقتصاد الكلي والمالية 2024، موضحا أنه يسمع باستمرار حول الإمكانيات الواعدة للمدينة المغربية وآفاق تحولها إلى منصة لربط المغرب بإفريقيا، وكذا ربط الأخيرة بأوروبا.

وأضاف بيرينتسن أنه لمس الكثير من الطاقة في الداخلة، معتبرا أن المشاركين في الدورة يتوفرون على الإرادة الكافية لإحداث التغيير وتحقيق الإدماج الاقتصادي، مشددا على أهمية الاهتمام بالعنصر البشري خلال الظرفية الراهنة من أجل بلوغ الغاية المذكورة، مستدلا على ذلك بتجربته الشخصية مع الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح يختصر الزمن بنحو عشرة مرات عند إنجاز مهام روتينية مثل تحرير الخطابات وإعداد التقارير والدراسات، مؤكدا أن تشجيع الابتكار في التعليم يعتبر وصفة نجاح لضمان الإدماج الاقتصادي الكلي للسكان.

من جهته، نبه فتح الله ولعلو، عضو المجلس الإداري لبنك المغرب، إلى أهمية الداخلة كمدينة للمستقبل بفضل مينائها الأطلسي، الذي يكرس توجها نحو إحداث دينامية اقتصادية داخلية وخارجية، معتبرا أن ميناء المدينة أعاد المملكة إلى جذورها، وطريق الكركرات الذي يربطها مع موريتانيا ودول غرب إفريقيا يشكل جزءا من خيط ناظم يضم موانئ متوسطية وأطلسية مغربية، ويصل أوروبا بإفريقيا.

خبراء ومسؤولون يناقشون فرص الإدماج الاقتصادي الإفريقي في مدينة الداخلة

تحديات الإدماج

لم يخف عضو المجلس الإداري لبنك المغرب، خلال تسييره جلسة نقاش تحت عنوان “التقدم والتحديات في الادماج الاقتصادي والإفريقي”، تخوفه من تحديات الإدماج التي تواجه المغرب وبلدان القارة السمراء، خصوصا الأمن الغذائي، لا سيما أنه في مقبل السنوات سيمثل الأفارقة 40 في المائة من سكان العالم، وبالتالي ستتزايد حاجتهم إلى الغذاء، الذي لن يتوفر إلا بنجاح التكتلات الاقتصادية وتعزيز المبادلات البينية.

وبالنسبة إلى أحمد رضا شامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فإن تحقيق الإدماج الاقتصادي يتطلب تحسين مستوى عيش السكان، خصوصا أن القارة السمراء تتوفر على 50 مليون شخص لا يعملون أو يدرسون أو ينتظمون في تكوين معين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حوالي 15 مليون شاب مغربي، مشيرا إلى أن هذه الأعداد تظل مرشحة للارتفاع بتوافد 300 ألف باحث جديد عن الشغل سنويا بالمغرب، و10 ملايين شخص في إفريقيا، مشددا على أن تباين الناتج الداخلي الفردي من دولة إلى أخرى بالقارة يمثل تحديا من مستوى آخر في الطريق إلى بلوغ الإدماج الاقتصادي.

خبراء ومسؤولون يناقشون فرص الإدماج الاقتصادي الإفريقي في مدينة الداخلة

وأشارت إيمليين راوول، رئيسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بجمهورية الكونغو، ضمن جلسة النقاش ذاتها، إلى أهمية إعداد المواطنين والفاعلين الاقتصاديين، بما في ذلك الاقتصاد غير المهيكل، الذي يشغل أكبر نسبة من الشباب والنساء في إفريقيا، لتحديات دخول اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية “زيلكاف” حيز التنفيذ في 2030، حيث ستعلق الرسوم الجمركية بين الدول، وسيجري تحرير حركة السلع والأشخاص، مؤكدة أن هذه التحديات تمثل حافزا للنهوض بالبنيات التحتية، مثل الطرق والموانئ والاتصالات، لضمان تحقيق الاستفادة الاقتصادية القصوى من هذا التكتل.

وأثار ألفريد بولوكو، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بجمهورية إفريقيا الوسطى، تحديات أخرى أمام الإدماج الاقتصادي، مرتبطة بتنوع وتعدد العملات البالغ عددها حوالي 40 عملة في منطقة “زيلكاف” وقدرتها على خدمة هذا الإدماج، معتبرا أن القطاع الخاص في البلدان الإفريقية معني أيضا برفع التحدي، وتبديد الشكوك حول قابليته للاستفادة من التكتل المذكور، في ظل تباين مستويات الدول المنخرطة فيه، خصوصا أن المغرب بلغ مراحل متقدمة في مسار التنمية والتصنيع.

تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News
زر الذهاب إلى الأعلى