احتضن مقر منظمة اليونسكو بباريس، اليوم الأربعاء، حفلا بهيجا بألوان وإيقاعات المغرب، بمناسبة افتتاح فعاليات الأسبوع الإفريقي لهذه المنظمة تحت شعار “التعليم في خدمة الابتكار والتنمية والثقافة في إفريقيا”.
وقبيل انطلاق الحفل الرسمي لهذا الأسبوع الذي يكرم المغرب، والذي تميز بحضور سفيرة المملكة بفرنسا، سميرة سيطايل، وعدد من الوزراء وممثلي الدول الإفريقية والدبلوماسيين، حظيت الوفود الممثلة في اليونسكو وضيوف هذا الحدث باستقبال حار على وقع إيقاعات الدقة المراكشية، وتمكنوا من زيارة الجناح المغربي الذي يجسد ثراء وتنوع الثقافة المغربية والمهارات العريقة للصناع التقليديين المغاربة.
وفي كلمته بالمناسبة، رحب وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، ضيف شرف هذا الحدث، بتنظيم الأسبوع الإفريقي لليونسكو للاحتفاء بتنوع وثراء القارة، وفي الوقت نفسه التوقف عند التحديات التي يجب رفعها، وخاصة التعليم.
وأكد بنسعيد أنه “في عالم مهدد الآن بشتاء ديموغرافي وشيخوخة عامة، فإن إفريقيا هي آخر قارة تستفيد من حيوية لا تقتصر على الأرقام فحسب، بل أيضا على الإبداع والديناميكية والتفاؤل”، مسجلا أن “الشباب الإفريقي إذا تمت تعبئته بشكل صحيح من خلال التعليم والتنمية الثقافية، سيمكن بلداننا من الاستفادة من العائد الديموغرافي للعقود القادمة. وسيكون نقطة انطلاق لنهوضنا المشترك والتعددي: نهوض اقتصادي وثقافي واجتماعي ومجتمعي”.
وأشار الوزير إلى أن “الثقافة الإفريقية المتعددة تظل للأسف مهمشة على مستوى العالم، لأنه إذا ساهم كتابنا وموسيقيونا وصانعو الأفلام لدينا، بأي طريقة، في جعل العالم كله يحلم، وجعله يهتز على إيقاع إلهاماتنا وخيالنا، فإن هذا يتم في أغلب الأحيان خارج القارة”.
وشدد في هذا السياق على أن “هجرة الأدمغة الإفريقية تصاحبها آفة أخرى، هي هروب التخيلات الإفريقية”، مضيفا أن “هذا هو التحدي الذي تواجهه السياسات الثقافية العامة اليوم وغدا في إفريقيا: تعزيز صناعاتنا الثقافية والإبداعية، ومواكبة فنانينا ومبدعينا، وإعادة للأفارقة، وخاصة الشباب منهم، سيادتهم الفنية والإبداعية والخيالية”.
وأشار بنسعيد إلى أن هذه الإنتاجات الثقافية، حتى تتمكن من الخروج من فخ الفولكلور والاستهلاك السلبي، وحتى تتمكن من منح المجتمعات الإفريقية سيادة اقتصادية حقيقية، يجب أن تكون مصحوبة بمقاربة تعليمية وصناعية حقيقية، ومن هنا يأتي دور الابتكار والتعليم، وخاصة التعليم في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأردف قائلا: “من خلال التحالف القوي والمتسق بين التراث الجماعي والابتكار الفردي والاستخدام المستنير للذكاء الاصطناعي، سيكمن مستقبل الثقافة الإفريقية، ولا سيما الصناعات الثقافية والثقافات الإفريقية الإبداعية التي ستكون-والمملكة المغربية مقتنعة بذلك-المفتاح لنهوض إفريقيا شابة وديناميكية ومبدعة”.
من جانبه، أكد السفير المندوب الدائم للمملكة لدى منظمة اليونسكو، سمير الدهر، بصفته رئيس اللجنة المنظمة لهذه النسخة 2024 من الأسبوع الإفريقي، أن التعليم هو أحد الأولويات العالمية والرئيسية للقارة، وهو موضوع تم اختياره لهذه الطبعة من الأسبوع الإفريقي.
وأكد الدهر، خلال مداخلته، أن القارة الإفريقية تشهد ابتكارات تكنولوجية كبرى جعلتها تصنف كمختبر للابتكار، موضحا أنه “ليس الغرض من إفريقيا أن تظل مختبرا، بل على العكس من ذلك فهي تهدف إلى أن تصبح منصة تنبثق منها حلول مبتكرة يمكن نسخها في أماكن أخرى”.
وأشار في هذا الصدد إلى أن إفريقيا تمتلك الإرادة والوسائل و”على عاتقنا أن نؤمن بأنفسنا وإمكاناتنا وشبابنا”، مسجلا أن الابتكارات التي تأتي من القارة في مجال الطاقات المتجددة ومعالجة النفايات والفلاحة المستدامة والتكنولوجيا المالية والصحة والذكاء الاصطناعي واللوجستيك تكشف أن في قلب إفريقيا تكمن قدرتها على تلبية الاحتياجات الأساسية لشعوبها.
وأضاف السفير: “يكمن تحدينا في تحويل شباب إفريقيا الواعدين في مجال الابتكار التكنولوجي إلى رواد قاريين، وذلك من خلال التعليم والتعليم العالي ذي الجودة”.
من جهتها، أشارت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، في كلمة تمت تلاوتها نيابة عنها، إلى أن المنظمة تعيش على إيقاعات وألوان إفريقيا بمناسبة هذا الأسبوع، مما يتيح الفرصة للمشاركين والزوار لتقدير تنوع وثراء القارة بشكل كامل.
وأكدت أزولاي أن “هذا الأسبوع يسمح لنا أيضا بالتركيز على التحديات العديدة التي تواجه إفريقيا”، مسلطة الضوء على الموضوع المختار لتنظيم هذا الأسبوع، وهو التعليم الذي يقع في قلب اهتمامات اليونسكو.
وأضافت: “أردنا أن نجعل من هذا الاحتفال لحظة للتفكير والتطلع إلى المستقبل، من خلال ندوات ونقاشات، لا سيما حول حماية المحيطات والثقافة الإفريقية”.
وفيما يتعلق بموضوع هذا الأسبوع، أكدت أزولاي أن “التعليم هو حق أساسي من حقوق الإنسان، وصالح مشترك عالمي توليه اليونسكو أهمية خاصة”، مشيرة إلى أنه على الرغم من التقدم المحرز في مجال التعليم في إفريقيا، لا يزال هناك الكثير يتعين القيام به.
عقب ذلك، تمت دعوة مختلف الوفود التي شاركت في حفل افتتاح الأسبوع الإفريقي لحضور حفل استقبال سلط الضوء على فن الطبخ المغربي، نظمه المكتب الوطني المغربي للسياحة على شرفهم.
وتتميز النسخة 2024 من الأسبوع الإفريقي، المنظم من 22 إلى 24 ماي، ببرنامج غني يشمل معارض وورش عمل للمتعلمين الشباب، وندوات ونقاشات، وفعاليات فنية، وعرضا للأزياء، وتذوقا للأطباق الإفريقية الأصيلة.