شهد جناح جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، برحاب معرض الكتاب الدولي بالعاصمة الرباط، تقديم مجموعة نتائج أعمال بحثية ذات طبيعة اجتماعية، من إنتاج أستاذات وأساتذة علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق في الدارالبيضاء، تناولت إصلاح مدونة الأسرة، ووضعية وحقوق النساء والأمهات غير المتزوجات، إلى جانب عرض تجربة الحياة الاجتماعية والمهنية للنساء العاملات في المقاهي الشعبية، وتجربة الشباب المغربي.
جرى ذلك بحضور عدد من الأساتذة والباحثين الجامعيين وطلبة العلوم الإنسانية من مختلف المستويات الأكاديمية، إلى جانب مهتمين وباحثين في مجال الأنثروبولوجيا.
وتبعاً لذلك، عرض الباحثون وناقشوا خلاصات بحث حول مشروع إصلاح مدونة الأسرة، انطلاقا من عمل بحثي ميداني هدف إلى استكشاف معطيات الواقع وتحليلها. وتعد هذه المساهمة جزءا من سياق يشهد دينامية التعبير عن أفكار ومقترحات تتعلق بإصلاح مدونة الأسرة، إذ ضمنت هذه الأفكار في كتاب جماعي بعنوان “نظرة سوسيولوجية حول استخدامات بعض بنود مدونة الأسرة”.
ويعتبر هذا العمل نتاج بحث سوسيولوجي، استمر على مدى سنتين، حول الممارسات الاجتماعية لمدونة الأسرة، في إطار مختبر التمايزات السوسيو-أنثروبولوجية والهويات الاجتماعية (LADSIS)، من إنجاز مجموعة من طالبات وطلبة ماستر المؤسسات والتنظيمات الاجتماعية، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق في الدار البيضاء، تحت إشراف وتوجيه وتنسيق كل من الدكتورة ليلى بوعسرية، أستاذة جامعية باحثة في علم الاجتماع، والدكتورة نزهة جسوس، باحثة ومستشارة في “البيوإتيقا” وحقوق الإنسان.
من جهة أخرى، ناقشت جلست نقاش أخرى نتائج عمل جماعي بعنوان «الشباب في المغرب: فهم الديناميات من أجل عقد اجتماعي جديد»، من إنجاز الدكتور زكريا قديري والدكتورة فاضمة أيت موس، إلى جانب ثلة أخرى من الباحثين والباحثات. يهدف هذا العمل البحثي إلى فهم الديناميات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية وسط الشباب المغربي، من خلال فهم المشاركة السياسية للشباب، قيمهم، والمجموعات الشبابية سواء كانوا من الخريجين أو العاطلين عن العمل، الشابات والشباب في المجال القروي. ووفقا لذلك، نهج هذا العمل البحثي، مقاربة وصفية كمية عامة لنمط حياة الشباب، ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، تمثلاتهم الاجتماعية، ممارساتهم الاستهلاكية، ثقافاتهم الشبابية، ممارساتهم، تطلعاتهم، علاقاتهم بالمؤسسات الاجتماعية والسياسية وغيرها، وتصوراتهم عنها.
كما اهتمت باقي الجلسات العلمية بواقع وضعية الأم العازبة داخل المجتمع الرافض للأمومة خارج إطار الزواج، من خلال نتائج دراسة سوسيولوجية أنجزتها الدكتورة أمال بوصبع، أستاذة جامعية باحثة في علم الاجتماع، تناولت مسارات الأمهات العازبات لفهم كيفية تأثر تجربتهن وحياتهن بسبب تجاوزهن للمعايير الجنسية داخل المجتمع، مع التعرف على طرق تكيفهن مع وضع اجتماعي جديد يحملن من خلاله صفة “الأم العازبة”.
وفي هذا الصدد، توضح نتائج الدراسة التجربة الصعبة للأمومة العازبة، تناولتها أمال بوصبع من منظور ديناميكي يهدف إلى دراسة مظاهر الإقصاء والتضامن تجاه هذه الفئة من الأمهات في المجتمع المغربي، مع التركيز على قدرتهن على إعادة تنظيم حياتهن وتجاوز وصمهن، واستكشاف استراتيجيات البقاء في سياق اجتماعي يرفض الإنجاب خارج إطار الزواج.
وبالموازاة مع ذلك، تم عرض ومناقشة نتائج بحث سوسيولوجي حول المرأة النادلة، أنجزته الدكتورة سناء بنبلي، أستاذة باحثة في علم الاجتماع، انطلاقا من مقهى في حي شعبي بالدار البيضاء، حيث ينحصر ارتياد هذا الفضاء على زبائن من الرجال، ما يجعل من وجود نادلات في هذا النوع من المقاهي بمثابة زعزعة للمعايير المقبولة والمحترمة داخل المجتمع.
وتبعا لذلك، يقترح هذا العمل الغوص في عالم المقهى الشعبي لفهم التفاعلات بين الناس وبين الجنسين وكيفية التفاوض اليومي لقبول وجود النادلات داخل مقهى شعبي يرتاده الرجال فقط. وهدف هذا البحث إلى فهم الحدود والتفاعلات الناشئة بين الفاعلين في هذا الفضاء، حيث يصبح دور النادلة هو “تقديم الخدمة بشكل جيد”. خلاله أبرزت الباحثة مختلف نقاط الضعف في قرار النادلات للانخراط في فضاء الرجال، حيث يمارسن نشاطا يتسم بالهشاشة، وبكونه عملا موسميا غير رسمي وبأجر هزيل. ولتحقيق هدف الدراسة، اعتمدت الأستاذة الباحثة في علم الاجتماع على حكايات وتجارب نادلات المقهى الشعبي من خلال عمل إثنوغرافي أبرز وجهة نظر النادلات. وهي تجارب وصفتها الباحثة بتجارب يومية لتقديم خدمات نسائية في مقاهي الرجال.