رغم التحفيزات المتاحة.. تصنيع منتجات حليب الرضع لا يغري المستثمرين المغاربة
رغم التحفيزات المتاحة للمستثمرين إلا أن صناعة الحليب الموجه للرضع بشكل أساسي لا تستهويهم، اذ يعتمد المغرب بشكل أساسي على الاستيراد من أجل توفير الحاجيات الوطنية من هذه المادة، بحسب ما أكده رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة.
وقال مزور في جواب كتابي عن سؤال تقدم به إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إن “أغلب منتجات حليب الرضع يتم استيرادها من الخارج حيث أن هذه الصناعة تبقى جد مركزة عبر العالم لما تتطلبه من تكنولوجيا متقدمة ومعايير صحية عالية”.
وفي هذا الإطار، قال خالد الزوين، رئيس المجلس الوطني للاتحاد الوطني لصيادلة المغرب دكتور في علم الوراثة الدوائي في علم الأورام، إن الصناعة الدوائية في المغرب “صناعة تركيبية، بمعنى ليست إنشائية، أي إن المواد الأولية المستعملة في صناعة أي دواء كيفما كان هي مواد مستوردة، لا نصنع في المغرب أي مادة أولية تدخل في صناعة أي دواء، بما فيه الباراسيتامول. وبالتالي، فإن صناعة حليب الأطفال تسلك المنهج نفسه بالعقلية نفسها”.
وأضاف الزوين، ضمن تصريح لجريدة النهار، أن “السبب الأساسي في عدم وجود هذه المصانع والمختبرات لصناعة هذا النوع من الحليب، هو الدولة وتقصيرها في السياسة الصحية”، متابعا: “للأسف، الدولة لا تهتم بهذا المجال في السياسة الصحية ولا توجهه ولا تعطيه الأولوية”، مشيرا إلى أنه وإن كنا نتوفر على لائحة الأدوية الأساسية، إلا أننا لا نتوفر على لائحة حليب الرضع الأساسي، ولم يتم إحداث ولو مصنع وطني واحد يوفر هذا الحليب.
وأكد رئيس المجلس الوطني للاتحاد الوطني لصيادلة المغرب أن “المختبرات الموجودة في المغرب ما بين 37 و50 الوطنية منها والعالمية، لا تهتم بحليب الأطفال، ما فتح المجال للمستثمرين للدخول على الخط للقيام بالاستيراد والتوزيع فقط”.
وأبرز المتحدث أن “تقنية وتكلفة مشروع إنتاج حليب الأطفال مضبوطة وسهلة والمواد الأولية متوفرة، رغم أنها تثير هلع المستثمرين لأن لها علاقة بالتغيرات المناخية”.
وأكد الزوين أن ما يجعل المستثمرين في المجال لا يقبلون على هذا النوع من الصناعة، هو “عقلية الربح السريع والجشع”، قائلا إن “حليب الأطفال لا يسيل لعاب المستثمرين”.
وذكر أن “عدد الرضع في المغرب سنويا حوالي 700 ألف رضيع من أسر لا تملك جميعها القدرة لشراء هذا الحليب، ما بين 10 إلى 20 بالمائة فقط يمكنها شراؤه، لكون استهلاكه بشكل يومي يتطلب غلافا ماليا يقدر بـ500 درهم شهريا، ورقم معاملات يتراوح ما بين 35 مليون درهم و70 مليون درهم سنويا”.
وقارن الدكتور في علم الوراثة الدوائي في علم الأورام بين حليب الأطفال وأدوية أمراض منتشرة “تسيل لعاب المستثمرين”، على حد وصفه، من ضمنها داء السكري، وقال: “يقدر حاليا عدد المصابين بالسكري بحوالي مليوني نسمة، فمثلا إذا قلنا إنهم سيتناولون دواءين معروفين، غلافهما المالي في أدنى الحالات هو 90 درهما، نصل إلى حوالي 180 مليون درهم شهريا”.
وضرب المثل أيضا بداء السرطان، موردا: “هنا نتحدث عن غلاف مالي يقدر بمليارات الدراهم، وهو أكثر ما يسيل لعاب المستثمرين. ولهذا، نجد أن كل الشركات الدوائية، حتى الناشئة منها، تهتم بهذا النوع من الأدوية”.
ومن ضمن أسباب عدم الاهتمام بمجال حليب الأطفال، ذكر الزوين “كون صناعة حليب الرضع تتطلب وحدة متخصصة على مساحة كبيرة لا يصنع فيها إلا الحليب، بينما في الصناعة الدوائية ممكن وحدة واحدة تصنع الأقراص تنتج عدة أقراص لأمراض مختلفة”، وبذلك فـ”غلاف استثماري واحد ينتج عدة أقراص عكس صناعة حليب الأطفال”.
ونبه الدكتور ذاته أيضا إلى أن “مراحل صناعة حليب الأطفال سبعة وكل مرحلة تتطلب مراقبة الجودة، أي إنه أمر مكلف وفيه مسؤولية كبيرة، خاصة أن الحليب صعب تخزينه وتسهل إصابته بالبكتريا”.
وختم الزوين بأن “الدولة من المفروض عليها في السياسة الصحية أن توجد على الأقل مصنعا واحدا ليحقق الاكتفاء الذاتي الوطني لهؤلاء الرضع الذين يحتاجون للحليب”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News