أفادت مصادر مهنية بأن الدينامية الجديدة التي صار يعرفها القطاع السياحي المغربي كشفت فعليا عن وجود فئة “جد متطلبة” من السياح تحتم الاهتمام بالشق الطبيعي الذي يعرف استنزافا مركبا نتيجة التغيرات المناخية والنشاط الإنساني، وتلح عليه قبل القيام بأي حجز داخل الوجهة المغربية، مسجلة أن هذا الارتفاع في نسبة هذا النوع من السياح يعد أساسيا لتقوية تصور المغرب للسياحة “الإيكولوجية”.
وأشارت المصادر التي تحدثت لجريدة النهار إلى أن “مواقع الحجوزات العالمية صارت بدورها تصنف المنتجعات والمنشآت السياحية وفق “الحقيقة البيئية”؛ وهو ما جعل مطلب تثمين هذا العنصر أكثر من خلال استراتيجية رسمية مستقلة وواضحة المعالم وفق خطة مندمجة يعود إلى الواجهة”، مبرزة أن “المغرب يتمتع بعرض قوي في هذا الجانب المتعلق بالفضاءات الطبيعية؛ لكن الفعل كان حاسما من طرف المهنيين أكثر في البداية”.
تقوية وتثمين
حميد بنطاهر، رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة، قال إن “التوجه العالمي نحو السياحة التي تضع البلدان على سكة التنمية المستدامة حتّم الاتجاه بالمغرب إلى خلق تصور للسياحة التي تحترم البيئة والإنسان والفضاء والموروث الثقافي المادي وغير المادي”، موضحا أن “السياق الدولي، الذي أظهر نوعا من السياح الأجانب المتطلبين الذي يُحتمون وجود ضمانات احترام البعد الإيكولوجي في المشاريع السياحية، وضع المغرب ضمن هذا المسار”.
ودعا بنطاهر، في تصريحه لجريدة النهار، إلى “المزيد من الاستثمار في هذا المجال، لأجل تقوية هذا النموذج من السياحة بالمغرب وضمان المزيد من تأهيله”، منبها إلى أن “البلدان التي تطورت سياحيا هي تلك التي وضعت تدابير تشجيعية لتأهيل السياحة الإيكولوجية كصورة مصغرة ضمن السياحة المستدامة”، وزاد: “نحن في المغرب لدينا مصداقية من جانب المسؤولية المناخية. ولهذا، يمكن أن نستثمر ما نتوفر عليه من شواطئ وصحارٍ وفضاءات طبيعية خضراء في حماية العنصر الطبيعي والسياحي معا”.
ولفت رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة إلى أن “المعيار العالمي المتصل بالسياحة اليوم هو الذي يضع الشق البيئي في قلب الاستثمار الاقتصادي، وهذا هو السبيل أيضا للوصول إلى تنمية مستدامة ينتفع منها الجميع في كل مكان، بغض النظر عن تكوينهم العلمي والأكاديمي؛ لأن سكان الجبل والصحاري مثلا استثمروا إمكاناتهم الذاتية وخلقوا حلولا بيئية مبتكرة تتماشى مع الضرورة المناخية التي تعيشها تلك المناطق”.
توجه مطروح”
وصال الغرباوي، فاعلة سياحية، قالت إن “الاتجاه نحو السياحة المستدامة هو تحدٍّ مطروح في الخطة السياحية الوطنية، وهو توجه رسمي في خارطة الطريق يكتسي أهمية كبيرة اليوم؛ لأنها تشمل ما هو متعلق بالبعد الإيكولوجي، وأيضا المواضيع التي لها علاقة بالتنمية البشرية”، مشددة على “وجود تصورات بُنيت هذه في إطار الاستدامة للصناعة السياحية، مع الحرص على الالتقائية بين جميع المحاور التي من شأنها ضمان تطور هذا القطاع وتثمينه”.
وأوضحت غرباوي، في تصريح لجريدة النهار، أن “التحديات المناخية المطروحة على المغرب وغيره من بلدان العالم جعلت المغرب يعتمد حلولا تشجيعية كـ”المفتاح الأخضر”؛ وهو علامة بيئية تمنح للمنشآت السياحية أو “اللواء الأزرق”، وغيرهما”، مشددة على أن “تفعيل هذه الخيارات يستدعي المزيد من تضافر الجهود، بما أن التنمية السياحية لا يمكن أن تعطي نتيجة كما نتصورها إذا لم نتعامل معها في إطار مشروع استدامة قوي”.
وأكدت المتحدثة سالفة الذكر أن “نجاح وجهة سياسية اليوم رهين بمدى ملاءمة منتوجها مع مبادئ الاستدامة واحترام الموارد الطبيعية، خصوصا عنصر الماء الذي يعرف ندرة شديدة في الوقت الحالي”، مسجلة أن “رأسمالنا اليوم هو الطبيعة والمحيط البيئي، وعلينا أن نحافظ عليه وعلى تثمين المجال الذي يحيط به بالكثير من الديمومة والاجتهاد المتواصل لتكييفه مع مختلف التحولات التي يعرفها المناخ وتشكل تحديا اليوم”.