لجأ إبراهيم غالي، زعيم جبهة “البوليساريو”، إلى إجراء تغييرات مفاجئة على مستوى قيادة الحركة الانفصالية، تزامنا مع أنباء تسجيل حالة تمرد بسبب اختلاسات في المساعدات وشاحنات الوقود.
وأعلنت ما تسمى بـ”وكالة الأنباء الصحراوية” عن تعيين غالي لإبراهيم البشير بيلا في منصب “وزير الداخلية”، ومريم السالك أحمادة “عضو المكتب الدائم للأمانة الوطنية وزيرة مستشارة برئاسة الجمهورية مكلفة بالأمانة العامة للأمين العام للجبهة”، بالإضافة إلى حمدي خليلي “رئيسا للمحكمة العليا”.
وتأتي هاته التعيينات، ليسحب غالي اختصاص الداخلية من السالك أحمادة، وتسليمها إلى البشير بيلا؛ وهو ما يراه مراقبون “فقدان غالي الثقة في قدرات القيادية الانفصالية التي استمرت في هذا المنصب لمدة سنة فقط، وأيضا بفعل استمرارها داخل الأراضي الإسبانية في رحلة علاج طويلة”.
واشتهرت السالك أحمادة بحملات قمعية ضد الناشطين المحتجزين في المخيمات، والرافضين لتردي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والأمنية، وفشل في كبح، ويوم أمس تم تسجيل حالة تمرد غير مسبوقة داخل صفوف مسلحي الجبهة.
والبشير بيلا، الذي يحظى بالمنصب حاليا في ما تسميه الجبهة بـ”وزارة الداخلية”، كان في منصب ما تسميه أيضا بـ”رئيس المحكمة العليا” التي سيرأسها حاليا حمدي خليلي.
محمد سالم عبد الفتاح، باحث مهتم بقضية الصحراء والجوار المغاربي، قال إن “هاته التغييرات في مناصب الجبهة الوهمية تبين مزاجية القرار، والخلفيات الأمنية التي تحاصر غالي، والاعتبارات القبيلة التي تجسد إعادة تدوير وتوريث المناصب القيادية”.
وأورد سالم عبد الفتاح لجريدة النهار أن إزاحة السالك أحمادة، التي كانت تلقب بـ”المرأة الحديدية” ولها خلفيات اجتماعية وقبلية في المخيمات، من هذا المنصب الحساس يؤكد “فشلها في كبح العديد من الاحتجاجات في صفوف المحتجزين، خاصة أنها كانت قد تورطت في الدخول في مشاجرات شخصية مع الناشطين”.
واستطرد المتحدث ذاته بأن “هذا المنصب يظل احتكاريا، يحرص من خلاله غالي على استبعاد أية أسماء جديدة في الأمانة العامة، وإدخال عناصر عسكرية”.
من جانبه، سجل إبراهيم بلالي السويح، محلل سياسي مختص في قضية الصحراء، أن التعيين الجديد جاء بعد تسجيل تصاعد ملحوظ في الاحتجاجات والانتفاضات داخل مخيمات تندوف.
وبيّن السويح لجريدة النهار أن “التغييرات التي تمت ومست جهاز ما يسمى بـ(الداخلية) ربما جاءت بتعليمات جزائرية حتى يتم التشديد على المستوى الأمني، من خلال إجراءات صارمة”.
وأوضح المتحدث ذاته أن التغييرات تهدف إلى محاولة السيطرة على الوضع المتأزم للغاية، حيث يتم رصد اعتصامات، ويوم أمس تم تسجيل حالة تمرد في الناحية الأولى.
وخلص المحلل السياسي المختص في قضية الصحراء إلى أن “سبب بقاء التعيينات في مستوى بروفيلات أمنية في المناصب القيادية في الجبهة الانفصالية يأتي بسبب عقيدتها الحربية والأمنية التي تتشعب أساسا من الفكر الشيوعي المتجاوز، فبدونها لا ترى أنها تستطيع السيطرة على المحتجزين”.