أثار المنتدى الاقتصادي، الذي تعتزم غرفة التجارة والصناعة والخدمات في العاصمة مدريد تنظيمه الأسبوع المقبل بشراكة مع السفارة المغربية بإسبانيا، حول الاستثمارات في مدينة الداخلة وسبل تشجيع الشركات الإسبانية على الاستثمار في هذه المدينة المغربية، غضب “البوليساريو” التي طالب المسمى عبد الله عرابي، “ممثل الجبهة” في مدريد، في حديث له مع وسائل إعلام في هذه الدولة الأوروبية، بإلغاء هذا المنتدى لما له من “آثار خطيرة على حق الشعب الصحراوي في تقريره مصيره”، بتعبيره.
وقال المسؤول الانفصالي ذاته، في تصريحات لصحيفة “الإندبندينتي”، إن “تنظيم هذا المنتدى يخدم الأهداف المغربية في الصحراء”، بتعبيره، مسجلا أن المصالح الاقتصادية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون مبررا لانتهاك القانون الدولي”، مهددا باتخاذ إجراءات مضادة؛ فيما أكدت مصادر من غرفة التجارة في العاصمة الإسبانية للصحيفة ذاتها عزمها تنظيم هذا المنتدى في موعده المحدد.
في هذا الإطار، قال إسماعيل أكنكو، باحث في الشؤون السياسية والدولية، إن “تنظيم هذا المنتدى الاقتصادي المغربي الإسباني لا يخرج عن السياق العام الذي أصبح يؤطر موقف مدريد من قضية الصحراء ودعم الحكم الذاتي بشكل صريح وواضح من قبل الحكومة الإسبانية. ومن ثم، فهذا الحدث هو استمرار لرغبة إسبانيا في الدفع بالعلاقات بينها وبين المغرب إلى مستويات أكثر تقدما، وبالتالي الاستفادة من الفرص والإمكانات التي يتيحها للاستثمار في الصحراء باعتبارها أصبحت قطبا تجاريا واقتصاديا دوليا تزامنا مع المبادرة الملكية الأخيرة بفتح الفضاء الأطلسي في وجه دول العالم”.
وأضاف أكنكو، في تصريح لجريدة النهار، أن “القلق الذي ينتاب جبهة “البوليساريو” لا يخرج بدوره عن التخوفات التي لطالما تعبر عنها عقب كل مبادرة تتخذها الدول المؤثرة أساسا في قضية الصحراء، وهو توجس سيلازم قيادة الجبهة باعتبار رصيدها تآكل ومستمر في التآكل ولا يمكن لها أن تعود لتصنع تحالفات جديدة على المستوى الدولي؛ بل على العكس من ذلك أصبحت في عزلة دولية نتيجة لغلوها وتطرف مواقفها وعرقلتها لكل المبادرات الواقعية والجادة لحل هذا النزاع”.
وسجل المتحدث ذاته أن “الجانب الاقتصادي هو الذي يحرك الجانب السياسي على مستوى العلاقات الدولية. ومن الطبيعي أن تتأثر قضية الصحراء بمستوى انخراط الشركات الأوروبية والدولية الكبرى في الاستثمارات بالصحراء، وسيكون لذلك وقع على صعيد تغير مواقف الدول اتجاه هذه القضية بما يخدم التوجه المغربي وترسيخ وتكريس سيادته على الأقاليم الجنوبية؛ وبالتالي ممارسة الضغط على المجتمع الدولي لتثبيت خيار الحكم الذاتي كمخرج لحل هذا النزاع، ووضع جبهة “البوليساريو” أمام الأمر الواقع”.
تفاعلا مع الموضوع ذاته، قال سعيد بركنان، محلل سياسي، إن “تحرير معبر الكركرات كان هو نقطة التحول في كيفية التعامل مع ملف الصحراء المغربية وفهمت من خلالها العديد من الدول، خاصة الأوروبية منها، أنه لا بد لها من إعادة ترتيب ملف الصحراء المغربية بين أوراق ديبلوماسيتها؛ لأن طريقة التعامل مع سيادة المغرب على صحرائه أخرجتها الرباط من الخانة التقليدية للعلاقات الخارجية التي كانت تبنى على المساومة وعدم وضوح الموقف من طرح المغرب في الحكم الذاتي كحل للنزاع المفتعل”.
وأوضح بركنان أن “المغرب استطاع أن يفرض أسس علاقاته الخارجية مع الدول الصديقة وركز على تعامل هذه الدول بوضوح ودون لبس دبلوماسي مع السيادة الكاملة للمغرب على أراضيه؛ بما فيها الصحراء المغربية”، مشيرا في هذا الصدد إلى أن “الرباط ومدريد انتقلتا إلى مرحلة التنفيذ العملي لخارطة الطريق وخطة عمل للشراكة الاستراتيجية بينهما، وهي العمل على تشجيع استثمار الشركات الإسبانية في الصحراء المغربية وتهيئة المناخ الاقتصادي لتحقيق تنمية شاملة في إطار التكامل الاقتصادي”.
وبيّن المصرح لجريدة النهار أنه “بالرغم من معارضة “البوليساريو” لتنظيم هذا المنتدى واحتجاجها لدى إسبانيا إلى أن هذا الأمر ينطوي على رسالة واضحة، وهي أن مدريد تعترف بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه وأن التأييد الإسباني لحل الحكم الذاتي كحل سياسي وحيد معناه أن المغرب له السيادة وحق التصرف في صحرائه بمجالها الجوي”.