من غزة، حيث بيعت حلويات العيد رغم الحرب والأزمة الإنسانية الخانقة، إلى القدس، حيث تحدّى آلاف الأشخاص البرد والمطر، مرّ أول أيام عيد الفطر الأربعاء كئيبا على الفلسطينيين الذين أقاموا الصلوات على أرواح ضحايا النزاع.
قال أحمد أبو شاعر تحت الخيمة البيضاء الكبيرة حيث أقيمت صلاة العيد، التي غصّت بعشرات الغزيين الذين لجؤوا إلى مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة: “العيد الماضي لم تكن هناك حرب، لكن هذا العام لدينا حرب مستمرة منذ ستة أشهر، وهي تدخل شهرها السابع”، في إشارة إلى الحرب بين إسرائيل وحركة حماس التي اندلعت في السابع من أكتوبر.
أضاف أبو شاعر: “كان مسجد الفاروق العام الماضي على هيئته (…) قُصف قبل شهر رمضان بأسبوعين تقريبا أو ثلاثة أسابيع”.
وفي مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية لم يشبه عيد الفطر هذا العام أي عيد آخر، فالحرب المستمرة منذ أكثر من ستة أشهر بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تهدأ.
ليل الثلاثاء الأربعاء قُتل 14 شخصا، بينهم أطفال صغار، في قصف استهدف منزلا في مخيم النصيرات وسط القطاع، وفق ما أفادت به وزارة الصحة التابعة لحماس التي تولت السلطة في غزة عام 2007.
من جهته أعلن الجيش الإسرائيلي شن غارات على العديد من الأهداف، منها منصة لإطلاق الصواريخ، وقتل أعضاء “خلية إرهابية”، لكنه لم يذكر الضربة على مخيم النصيرات.
وشاهد مصور في وكالة فرانس برس جثث ضحايا الغارة، فيما كانت أسرهم تنقلها إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح.
“كفى حربا ودمارا”
قال أحمد قشطة (33 عاما) وهو أب لأربعة: “أقسم بالله لم نشهد عيدا مثل هذا العيد المليء بالحزن والخوف والدمار والخراب” بسبب الحرب.
وأضاف أحمد، وهو من سكان مدينة غزة، نزح إلى رفح مثل مئات آلاف الفلسطينيين الذين يبحثون عن مأوى من القتال: “نحن نحاول أن نكون سعداء، لكن الأمر صعب”.
من جهتها قالت عبير سقيق (40 عاما) ،التي تقيم في خيمة في رفح مع عائلتها، إن العيد يعني “أجواء هادئة وألعاب أطفال و’غاتوهات’ (قوالب حلوى) ومشروبات وشوكولاتة في كل بيت”، واستدركت: “لكنه (هذا العام) عيد حزن وتعب. لقد دمروا غزة.. كفى حربا ودمارا”، وزادت أن سكان غزة يرغبون في أن يتم التوصل إلى هدنة.
وبدل المخبوزات التي تحضّرها الأسر عادة خلال احتفالات عيد الفطر روى أحد السكان أنه قدّم لأطفاله سكاكر من حصص إعاشة وزّعتها الأمم المتحدة.
من جهته قال معين أبو راس (44 عاما)، وهو أحد سكان غزة: “إنه يوم خالٍ من دفء التجمعات العائلية”.. وبسبب انقطاع الاتصالات والانترنت “لا نستطيع حتى الاتصال بأقاربنا”.
“ليس هناك احتفال”
في القدس الشرقية المحتلة، وتحت مراقبة مشددة من الشرطة الإسرائيلية، توافد عشرات الآلاف من المصلين إلى باحة المسجد الأقصى.
وقالت روان عبد، الممرضة البالغة 32 عاما من القدس الشرقية: “إنه أتعس عيد يمر علينا. في المسجد يمكن رؤية الحزن على الوجوه”.
وأورد زكي (37 عاما)، وهو من سكان القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967: “الجميع يفكر في ما يحدث في غزة. هذا العام ليس هناك احتفال، نحن فقط سنزور أقاربنا في منازلهم. سنشعر بالذنب إذا فعلنا شيئا احتفاليا”.
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر مع شن حركة “حماس” هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أوقع 1170 قتيلا غالبيتهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
كذلك، خُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصا مازال 129 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.
وأدت الحملة العسكرية المكثفة والمدمرة التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة إلى مقتل 33482 شخصا معظمهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.