تفاقم مخزون القروض المتعثرة يرفع رقم معاملات شركات تحصيل الديون
ساهم ارتفاع حجم القروض معلقة الأداء وعدم تمكن البنوك وشركات التمويل من تحصيلها في انتعاش أنشطة الشركات المختصة في التحصيل، التي أصبحت تتكفل بملاحقة المدينين ومطالبتهم بأداء ما في ذمتهم من أقساط ومتأخرات.
ورفعت الأزمة الاقتصادية الحالية قيمة عمولات شركات التحصيل، خصوصا مع تفاقم حجم القروض معلقة الأداء لدى البنوك، الذي بلغ 94.1 مليار درهم، أي 9410 مليارات سنتيم، متم يناير الماضي، بزيادة نسبتها 5.4 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية؛ فيما ارتفعت قيمة القروض معلقة الأداء بذمة الأسر إلى 38.7 مليارات درهم، أي 3870 مليار سنتيم متم 2023.
وأفاد التقرير السنوي التاسع حول الاستقرار المالي، الصادر عن بنك المغرب والهيئة المغربية لسوق الرساميل وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، بأن محفظة الديون المتعثرة لدى البنوك سجلت ارتفاعا إلى 94.6 مليارات درهم، أي 9460 مليار سنتيم، بنهاية السنة الماضية.
خارج القانون
يفاجأ عدد من المواطنين بمكالمات هاتفية أو مراسلات من شركات تحصيل الديون المتعثرة تطالبهم من خلالها بأداء مبالغ، غالبا ما تزيد عن مبلغ القروض التي استفادوا منها بموجب عقود ائتمانية مبرمة مع بنوك وشركات تمويل، حيث تتم إضافة عمولات التحصيل وفوائد وغرامات التأخير.
وبهذا الخصوص، قال نبيل زينون، خبير في قانون الأعمال، “إذا كانت الشركات التحصيل منتشرة في عدد من البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو البلدان الأوروبية، فإن تدخلاتها في المغرب فجرت جدلا قانونيا، حيث هناك فراغ تشريعي في هذا المجال؛ فلا يوجد أي نص قانوني ينظم عملية التحصيل من قبل الغير، ما يؤدي إلى الشطط في عملية التحصيل، ويشتكي العديد من المواطنين من تعسفات ممثلي هذه الشركات”.
وأضاف زينون لجريدة النهار أن “شركات التحصيل يجب أن ينحصر دورها في الوساطة بين المؤسسة البنكية وزبونها، من خلال البحث عن مكان وجوده والتكفل بإبلاغه بأداء ما بذمته لفائدة الشركة؛ لكن غالبا ما تتجاوز هذه الشركة هذه الحدود، بل إن البعض منها يتقمص دور الشرطة القضائية ولا يتوانى في تهديد الزبون ومطاردته لدفعه إلى أداء مستحقات شركات التمويل أو المؤسسات البنكية”.
انتعاش العمولات
رغم الغموض القانوني الذي يشوب نشاط شركات التحصيل وتنازعها في هذا السوق مع المحامين، فإنها تمكنت من رفع رقم معاملاتها بنسبة تجاوزت 40 في المائة، في ظل غياب إحصائيات دقيقة، بسبب عدم انتظام هذه الشركات في إطار قانوني موحد أو جمعية مهنية منظمة.
من جهته، أوضح سليم شهابي، مستشار مالي وبنكي، أن أغلب شركات التحصيل رفعت نسبة عمولاتها بتزايد مستوى المخاطر الائتمانية لدى البنوك وارتفاع قيمة القروض مستحقة الأداء التي لم تحول أقساطها داخل الآجال القانونية إلى البنوك، مشددا على أن أغلب هذه الشركات لا تعتمد حاليا على أطر مكونة ومؤهلة في التحصيل وتلجأ إلى أساليب غير مقننة من أجل بلوغ غايتها، علما أن هذا المجال في تطور دائم بالخارج ويخضع المهنيون فيه لتكوينات مستمرة تعزز تكوينهم الأساسي الذي يزاوج بين القانوني والمالي.
وأكد شهابي، في تصريح لجريدة النهار، أن الجدل حول مدى قانونية نشاط التحصيل يمتد إلى مد هذه الشركات من قبل المؤسسات البنكية بمعلومات تخص الزبناء، علما أنها ملزمة بالسر المهني، إذ لا يمكنها تقديم أي معلومات تهم الزبون دون ترخيص كتابي من قبله.
وفي هذا الصدد، ذكر المستشار المالي والبنكي سالف الذكر بأن المركز المغربي للوساطة البنكية لا يقبل أية شكاية أو يباشر مسطرة الصلح إلا بعد الحصول على موافقة مكتوبة من الزبون، يسمح من خلالها لمؤسسته البنكية بإمداد الوسيط بالمعلومات الضرورية حول حسابه البنكي، إذ يمكنه أن يتابع هذه المؤسسة قضائيا إذا كشفت معطيات حسابه للغير.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News