المغرب يسرع وتيرة تطوير البنية التحتية الطاقية للغاز الطبيعي المسال

يستمر التزام المملكة المغربية الثابت بتعزيز سيادتها في مجال الطاقة، وإزالة الكربون من اقتصادها، مع ربطها بالأسواق الإقليمية والعالمية؛ وهو ما جسده “بروتوكول اتفاق استراتيجي” وُقّع، الثلاثاء، بين وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة التجهيز والماء ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، بهدف “إطلاق خارطة طريق البنية التحتية المستدامة للغاز الطبيعي المسال”.

وحسب معطيات رسمية عممتها وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة حول المشروع وبعض ملامحه، فإنه يضع، أيضا، نصب عينيه “تعزيز التنسيق بين السلطات العمومية بهدف إنجاز برنامج لتطوير بنية تحتية غازية مستدامة”، مسجلة انضمام خمْس مؤسسات وشركات عمومية إليه؛ وهي: “الوكالة الوطنية للموانئ، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، بالإضافة إلى شركة الناظور غرب المتوسط والشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب”.

البرنامج “الممتد على سنوات عديدة”، حسب توصيف وزارة الطاقة، تنطوي تفاصيله على “تزويد المملكة بنقاط عبور ومَنافذ عديدة قصد استيراد الغاز الطبيعي المسال” (GNL)، بالإضافة إلى “تطوير بنية تحتية لتخزين ونقل الغاز الطبيعي”.

ويستهدف “إنجاز برنامج تطوير البنية التحتية المستدامة للغاز”، على المدى القصير، دعم أنابيب الغاز التي تربط الأحواض المنتجة للغاز المحلي بالمستهلكين، مع “تطوير محطة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال في ميناء الناظور غرب المتوسط وإنشاء أنبوب غاز جديد يربط المحطة بالأنبوب المغاربي–الأوروبي”.

أما على “المدى البعيد”، فإن الرهان الطاقي المغربي الواعد يهم، إجمالا، “تسريع تطوير الطاقات المتجددة، وتنزيل عرض المغرب للمجالات الجديدة للهيدروجين الأخضر ومشتقاته، وكذا تطوير مشروع خط أنابيب الغاز الإفريقي–الأطلسي”.

تقليل الانبعاثات

معلقا على الموضوع وشارحا لأبعاد ودلالات هذه الخطوة، أدرج عبد الصمد ملاوي، الأستاذ المتخصص في التكنولوجيات الطاقية والتحول الطاقي المستدام، ذلك “في إطار تأهيل البنية التحتية الطاقية، خاصة منها الغازية، كمرحلة جديدة تنفيذية لمضامين وطموحات الاستراتيجية الجديدة للطاقة المغربية، لا سيما في شقها البديل والمستدام”.

وقال ملاوي، في إفادات لجريدة جريدة النهار، إن “المغرب مَعني وعازم على تطوير بنية تحتية للغاز الطبيعي بطريقة مستدامة مع مراعاته لكل الآثار البيئية والاجتماعية والاقتصادية”، منوها إلى “سعيه من خلال هذه المبادرة إلى تقليل انبعاثات الغازات الملوثة المساهمة في الاحتباس الحراري”؛ لأن “الغاز الطبيعي وقودٌ أقل انبعاثا من الفحم والنفط المستعمَلين بقوة في قطاعات صناعية كثيرة بالمغرب”.

وأضاف الخبير الطاقي أن “تعزيز التنسيق بين قطاعات حكومية ومؤسسات عمومية فاعلة يعكس سعي المملكة إلى تحسين كفاءة الطاقة عبر تخطيطه لاستخدام الغاز الطبيعي في محطات توليد الكهرباء ذات الكفاءة والقدرة العاليتيْن؛ مما يتيح توليد الطاقة بالكمية نفسها لكن بأقل تكلفة وبصمة كربونية أخف”، مسجلا أن “السلطات العمومية كلها معنية بهذه البنية من اللوجستيك والنقل إلى محطات الإنتاج والتخزين”.

وقرأ المتحدث لجريدة النهار في “تأهيل البنية التحتية للغاز الطبيعي (سواء المُسال أو في حالته الطبيعية) سعيا حثيثا للمغرب إلى تقوية تعاونه الإقليمي والدفع قدما بمجموعة شراكات مع دول إفريقية معنية بأنبوب الغاز القاري، وهي خطوة تُساير مثل هذا المشروع”.

وشرح بالقول: “تأهيل بنية تحتية عملية للغاز بحلول 2030 فرضته معطيات موضوعية؛ أبرزها الاعتماد في الانتقال الطاقي على تعويض النفط والفحم بالغاز، بالإضافة إلى تقدم مشروع الغاز نيجيريا–المغرب”، مستحضرا انخراط “المغرب، منذ 2006، في مجموعة مشاريع متوازية، سواء مشاريع التنقيب عن الغاز بالمغرب التي كشفت مؤشرات التوفر على احتياطيات مهمة سيمكنه استغلالها في القريب محليا أو جزئيا في التصدير”.

وأكد أن إنشاء محطة بميناءي الناظور والداخلة الأطلسي يأتي في إطار مواكبة خيار تنويع مصادر التوريد الدولية والتقليل من مصادر الطاقة الكلاسيكية”، فضلا عن “مجموعة محطات موجودة بموانئ طنجة والجرف الأصفر والمحمدية”.

تخفيض الكلفة

حسب ملاوي، “بلغ حجم واردات المغرب بين 2021 -2022 حوالي 9 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي و3 مليارات متر مكعب من الغاز المسال؛ وهي كميات تختلف من سنة إلى أخرى حسب العرض والطلب”، مذكرا بأن “60 في المائة منها تذهب لتوليد الكهرباء، و40 في المائة المتبقية مُقسمة بين الصناعات (20 في المائة) والاستعمالات المنزلية”.

“الجانب الاقتصادي حاضر بقوة في خطوة تطوير بنية تحتية غازية عبر خفض التكلفة والأثر البيئي الملوث على طول سلسلة القيمة من الاستيراد إلى الإنشاء ثم التوزيع”، خلص ملاوي مستنتجا أن المغرب “يلزمه المرور ضرورة عبر فترة انتقالية طاقية قد تمتد من 10 سنوات إلى 15 سنة من أجل استبدال ممارسات صناعية معينة تستخدم طاقات أحفورية ملوثة”.

وبينما ختَم الخبير الطاقي مشيدا بأن “البنية التحتية المؤهلة لاستقبال الغاز ستساعد المملكة في الوفاء بالتعهدات والالتزامات المناخية الدولية”، أكد أنها “عازمة على إنتاج الكهرباء مرحليا عن طريق استخدام الغاز الطبيعي، من أجل خفض فاتورته الطاقية الكهربائية الوطنية، فضلا عن مواكبة تفعيل عرض المغرب للهيدروجين الأخضر”.

Exit mobile version