في آخر تطورات ملف اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، دعم وزير الفلاحة والصيد البحري والتغذية الإسباني، لويس بلاناس، استمرارية الاتفاقية ودافع عن “قانونيتها”، موضحا أن “استنتاجات المدعية العامة لصالح إلغاء الاتفاقية، ليست نهائية”.
وأكد بلاناس، ضمن ندوة صحافية تلت اجتماعا له مع جمعيات مهنية في مجال الصيد البحري، أن “هذه الاستنتاجات ليست ملزمة، لكن محكمة العدل الأوروبية عادة ما تتبعها، وفي أوقات أخرى لا تفعل ذلك”، مشيرا إلى أن “قرار المحكمة لم يكن مطابقا لقرار المدعي العام بخصوص قضية مصائد الأسماك بالمياه الإيرلندية”.
وبيّن المسؤول الإسباني أن “اتفاق الصيد البحري المبرم بين المغرب والاتحاد الأوروبي يظل قانونيا ومطابقا للقانون الدولي”، خاتما: “نحن على اتصال وثيق مع المفوضية الأوروبية للرد على أي سيناريو قد ينشأ عن الحكم خلال الأشهر المقبلة”.
وتأتي تصريحات بلاناس كرد على رأي المدعية العامة للاتحاد الأوروبي، تمارا كابيتا، الخميس، الذي اقترحت فيه على محكمة العدل الأوروبية “إلغاء اتفاقية الصيد البحري بين الرباط وبروكسيل”، فضلا عن “رفض الطعون التي تقدم بها المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية”.
من جهتها، تفاعلت الحكومة المغربية مع رأي كابيتا، عن طريق الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس الذي أكد، الخميس، أن هذا الرأي “مجرد مساهمة فكرية وتقنية تدلي بها المدعية العامة في هذه المرحلة من المسطرة، تمهيدا للمداولات بين قضاة المحكمة لاحقا في أفق الوصول إلى مرحلة النطق بالحكم بعد أشهر”.
دعم طبيعي
تعليقا على الموضوع، قال عبد الحميد البجوقي، محلل سياسي خبير في الشؤون الإسبانية، إن “دعم مدريد لتجديد اتفاقية الصيد البحري الأوروبية مع المغرب، يظل منطقيا وفي صالحها استمرارها، حيث تظل المستفيد الأول من الاتفاقية والمتضرر الأول كذلك من إلغائها؛ فالدولة الايبيرية تعي جيدا أن مصلحتها الاقتصادية تكمن في استمرارية الاتفاقية”.
وأضاف البجوقي، في تصريح لجريدة النهار، أن “الوزير الإسباني لويس بلاناس يدرك بدوره حجم إيجابيات الاتفاقية، كما يدرك جيدا موقع المغرب في الاقتصاد الإسباني، فهو الذي كان سفيرا سابقا بالمملكة. وبالتالي، يظل رأيه الداعم لاستمرارية الاتفاقية دليلا على تشبث إسبانيا بهذه الاتفاقية، في حين إن قلة قليلة من الدول هي التي تريد إنهاء هذه الشراكة”.
وبيّن المتحدث أن “تكلفة عدم تجديد هذه الاتفاقية ستكون ثقيلة على أوروبا، وعلى مدريد تحديدا، فهذه الأخيرة هي التي تمتلك أكبر عدد من السفن مقارنة مع البرتغال وإيطاليا وفرنسا، دون نسيان العدد المهم من اليد العاملة الإسبانية التي تشتغل في هذا المجال، والتي ستتضرر لا محالة كما جرى عند نهاية مدة الاتفاقية، وهو ما يُلزِمُها بأداء تعويضات لهؤلاء المتضررين”.
ولفت المحلل السياسي الخبير في الشأن الإسباني إلى أن “دعم الوزير بلاناس لتجديد الاتفاقية، ضربة موجعة مجددا لجبهة البوليساريو التي لا تتوانى في تقديم الطعون، وهو أمر ينطوي على نوع من البلادة، ما دام أن أغلبية هذه الطعون يتم رفضها خلال المراحل الاستئنافية”، مبرزا أن “المدعي العام من صلاحياته فقط إبراز مكامن النقص ضمن الاتفاقية، ولا يمكن الأخذ برأيه بشكل قطعي قبل صدور قرار نهائي وملزم”.
خسائر متوقعة
محمد عاطيف، باحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية أكد أن “إسبانيا لا يمكنها أن تخطو في اتجاه دعم إلغاء اتفاقية الصيد البحري الأوروبية مع المغرب؛ فهي تظل المستفيد الأكبر منها، وستصير الخاسر الأكبر إن تم ذلك، في وقت انتقلت فيه الشراكة بين الرباط ومدريد إلى مستويات قياسية، حيث تعي مدريد جيدا أن نسبة مهمة من اقتصادها يرتبط بالمغرب”.
وأورد عطيف، في تصريح لجريدة النهار، أن “المغرب بدوره لا يمكنه أن يعيد توقيع أية اتفاقية مع أي طرف كان ما دام أنها تستثني الأقاليم الجنوبية التي تظل متمتعة بالسيادة الوطنية، وهو كذلك ما تعرفه بشكل جيد إسبانيا ودول أوروبية أخرى. وبالتالي، هنالك توجه إسباني محسوم من أجل دعم تجديد الاتفاقية إلى أن يتم الحكم ببطلان الطعون”.
واستطرد المتحدث بأن “إسبانيا تبقى شريكا اقتصاديا وسياسيا بالنسبة للمغرب. وعليه، فإنه ليس من الحكمة في شيء أن تدعم إلغاء الاتفاقية المذكور، فالأمر يضر باقتصادها ويضر حتى بمنسوب الشراكة بينها وبين الرباط، خصوصا مع تعويلها على جارها الجنوبي من أجل التوغل في الأسواق الأفريقية، تزامنا مع طرح المغرب فكرة المبادرة الأطلسية”.
واعتبر الباحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية أن “التأكيد الإسباني على أهمية الاتفاق الأوروبي المغربي يشكل تعقيدا لمساعي البوليساريو، عبر خلاياها بأوروبا، لدفع عدد من الدول نحو رفض تجديد هذه الاتفاقية، في وقت ترى فيه مدريد الرباط بعين الشريك الاستراتيجي”.