الرباط وبروكسيل تترقبان قرار محكمة العدل الأوربية بخصوص اتفاقية الصيد

قبل أقل من شهر على رأي المحامي العام لمحكمة العدل الأوروبية حول مصير اتفاقية الصيد البحري بين بروكسيل والرباط، الذي يرتقب أن يحسم في أمره بتاريخ 21 مارس القادم، يوجه المهنيون المغاربة مجموعة من المطالب، فيما تلاحظ المملكة حجم تأثير ضغط دول الاتحاد.

وفي ظل السياق الحالي، الذي يعرف استمرار الشراكة الأوروبية المغربية في نموها، من خلال تأكيدات تصريحات المسؤولين من كلا الجانبين على أهمية التعاون الحالي في استشراف المستقبل، الذي يحمل قطاعات مهمة، أبرزها الطاقة النظيفة، يتساءل البعض عن تأثير القرار المقبل على هاته العلاقة.

وتبدو الرباط مررت الكرة بالفعل إلى الميدان الأوروبي، الذي سيختار قضاؤه في شهر مارس طريق رغبات دول الاتحاد الرامية إلى تقوية التعاون مع الشريط المغربي، أو منحدر الاستجابة لأطروحة البوليساريو والجزائر، وغرس بذرة جديدة للتباعد، وتأزيم أوضاع المهنيين، خاصة في إسبانيا.

المفوضية الأوروبية سبق أن أكدت لجريدة النهار أنها “ستتبع قرار المحكمة بشكل نهائي، سواء كان سلبيا أو إيجابيا في حق الاتفاقية” مشددة على أن “التكهنات لا مكان لها”.

وبالفعل سيكون من الصعب وضع تكهنات للحكم القادم، الذي يأتي بعد الاستماع إلى طعون دول الاتحاد ضد الحكم القاضي بإلغاء الاتفاقية، إذ ترى أن جبهة البوليساريو فاقدة للأهلية للمرافعة ضد هاته الشراكة.

مطالب المهنيين

بالعودة إلى بعض المهنيين في القطاع، يقول عادل السندادي، نقابي ومهني في قطاع الصيد البحري، إن “الصيادين الأوروبيين يركزون على الأسماك السطحية، عبر بواخر عملاقة، تستنزف حقا الثروة السميكة”.

ويضيف السندادي ضمن تصريح لجريدة النهار: “الإشكال الآخر هو أن ما يقومون بصيده في مياهنا لا يقومون بوضعه في الموانئ المغربية قبل نقله إلى أوروبا”.

ويشير المهني في القطاع إلى أن “هذا الأمر يمنع الدولة من معرفة الكمية الحقيقية التي تم إخراجها من السمك، وبالتالي يكون الصياد الأوروبي في وضع مريح للاستنزاف”.

وأبرز المتحدث ذاته أن “مصير الاتفاقية يحكمه ما هو سياسي أكثر من التقني، لاعتبارات القضية الوطنية الأولى لنا نحن المغاربة”، مبينا أن “المهنيين يطالبون، بالإضافة إلى الحفاظ على ضم الاتفاقية أقاليمنا الجنوبية، بوضع معايير جديدة للاتفاق، أبرزها تحديد نسبة معينة للصيد أمام الأوروبيين، وإدخال الحمولة المستخرجة إلى الموانئ المغربية للمراقبة، وأيضا لتعزيز الحركية التجارية”.

كما أكد السندادي أن “الفترة الحالية التي يغيب فيها الصيادون الأوروبيون يظل السمك متوفرا أمام نظرائهم المغاربة، وهو ما يتم رصده حاليا”، مشددا على أن “هنالك إيجابيات يجب الحفاظ عليها، لكن مع ضرورة إدخال التعديلات سالفة الذكر”.

ثبات الشراكة

في محاولة لوضع توقعات للحكم القادم شدد خالد حمص، خبير اقتصادي، على أن “التكهنات حول مصير الاتفاقية لا يمكن لأحد أن يستشرفها، خاصة أن هاته المحكمة مستقلة بشكل كبير”.

وأضاف حمص ضمن تصريح لجريدة النهار: “الضغط الأوروبي على المحكمة موجود من أجل تجديد الاتفاقية، لكن لا ننسى أن الجهة المعادية للوحدة الترابية هي الأخرى تضغط”.

وبين الخبير الاقتصادي ذاته أن “هنالك شراكات مهمة وضعها المغرب في الوقت القريب مع القوى الأوروبية، أبرزها فرنسا وإسبانيا، وألمانيا، ومن المهم أن تلعب هاته القوى دورها في الحكم القادم، دون أن ننسى استقلالية القضاء”.

ولفت المتحدث ذاته إلى أن “التقارب الاقتصادي والسياسي الأخير مع فرنسا يمكن أيضا أن يلعب دورا في تقريب محكمة العدل الأوروبية من مطالب دول الاتحاد بشأن تجديد الاتفاقية”، واستطرد قائلا: “في حالة وجود حكم سلبي لا ينتظر أن يؤثر على العلاقات الاقتصادية وحتى السياسية بين المغرب وأوروبا، خاصة أن الرباط في دبلوماسيتها لم تعد تفرج عن أوراقها، وبالتالي لا تدع أحدا يلوي ذراعها حتى يحقق مصالحه، وهذا هو المنطق السياسي والاقتصادي في العصر الحالي”.

Exit mobile version