في ظل الأزمة المائية التي يعرفها المغرب، واستدعت تطبيق “إجراءات صارمة” لترشيد استهلاك هاته المادة الحيوية، طالب فلاحو جهة الشرق السلطات بـ”تسريع بناء سدود على الحدود مع الجزائر، لمنع ضياع المياه المتدفقة نحو الجارة الشرقية عبر وادي درعة”.
ويعتبر الوادي حلقة ربط مائية بين المغرب والجزائر، وفي ظل غياب سدود كافية في منطقة الجنوب الشرقي تصب غالبية المياه نحو أراضي الجارة الشرقية، وهو ما يشكل معاناة موسمية لفلاحي المناطق المغربية.
وكان هذا الملف المطلبي مطروحا على طاولات المسؤولين الجماعيين بالجنوب الشرقي منذ سنوات، لكنه واجه النسيان، واليوم في ظل الوضعية الحرجة التي تعرفها المملكة جراء توالي سنوات الجفاف، وتدهور مخزون السدود الأخرى، تتعالى مطالب فلاحي الجنوب الشرقي مجددا لوقف ضياع المياه بتدفقها نحو الجزائر.
ولا يقتصر أثر غياب سدود على الحدود مع الجزائر فقط على مستوى عرقلة الإنتاج نتيجة نقص المياه، بل يمتد إلى هجرة الفلاح المغربي نحو موريتانيا، وهي ظاهرة تعززت بداية العام الجاري.
إشكالية تزداد خطورة
مساعف الحسن، العضو في الجمعية الفلاحية لفلاحي وفلاحات منطقة طاطا، حذر من “خطورة هاته المسألة على الإنتاج الفلاحي والزراعي بمنطقة الجنوب الشرقي”.
وأضاف الحسن، ضمن تصريح لجريدة النهار، أن “الوضع أصبح مقلقا للغاية، خاصة في الظرفية الحالية التي تعرفها بلادنا”، مبينا أن “مياه الوادي تذهب نحو الجزائر، وتضيع الكثير على فلاحي دواوير المنطقة”.
وأوضح العضو في الجمعية الفلاحية لفلاحي وفلاحات منطقة طاطا أن “السلطات مطالبة بالتعجيل ببناء سدود قرب الحدود مع الجزائر، حفاظا على هذا المخزون الوفير الذي يضيع بشكل مستمر”.
ويمر الماء وفق المتحدث ذاته، “من ولاد برحيل إلى منطقة إغرم، ثم نحو إسافن، وإلى طاطا، على أن يصل إلى الأراضي الجزائرية”، كاشفا بذلك انطلاقا من المعاينات الميدانية للساكنة، والفلاحين، أن “الكمية الضائعة تستغل من قبل الجيش الجزائري”.
ولفت الحسن إلى أن “السلطات المغربية مطالبة بتشييد سدود باطنية تشكل حزاما مائيا يحفظ هاته الثروة، تحديدا في منطقة ‘وابلي’، بما يجنب فلاحي المنطقة ضياع المياه المستمر”.
وتابع المتحدث سالف الذكر: “الوضعية الحالية المتأزمة، نتيجة مثل هاته العوامل، وراء هجرة الفلاح المغربي نحو موريتانيا، ما سيدفعنا إلى المطالبة خلال الاجتماعات المقبلة مع المسؤولين الجماعيين بتسريع بناء السدود الباطنية على الحدود مع الجزائر”.
ضياع على تراب الجزائر
قال الحسين باعدي، فلاح من منطقة زاكورة، إن “مياه وادي درعة تضيع داخل أراضي الجزائر، وبناء السدود سوف يمنع هاته الظاهرة التي تؤثر على الدواوير والفلاح البسيط”.
وأضاف باعدي، ضمن تصريح لجريدة النهار، أن “هناك سدودا صغرى تم إنشاؤها بالفعل في المنطقة، لكنها ليست كافية، مقارنة بالسدود الباطنية (السفلية)”، مشيرا إلى أن “هاته المطالب كانت قديمة، واليوم تتجدد مع الوضعية المائية المتدهورة، التي لا تهدد فقط المواطن العادي، بل أيضا وبشكل أكبر الفلاحين”.
ويعود سبب طي هذا الملف، في نظر المتحدث ذاته، إلى أن “السنوات الماضية التي طرح فيها على المسؤولين لم يلق تجاوبا جديا، خاصة أن المياه كانت نسبيا متوفرة في تلك الفترات”.
وأكد الفلاح بمدينة زاكورة أن “جل فلاحي الجنوب الشرقي يفكرون في الذهاب نحو موريتانيا، ودول إفريقية أخرى، نظرا للوضعية الحالية، الأمر الذي يستدعي فعلا تحركا حقيقيا من المسؤولين لبناء هاته السدود”.
كما شدد باعدي على أنه “لا وجود لدلائل حول استخدام الجيش الجزائري لهاته المياه”، خاتما: “هاته الكميات المهمة تضيع في التراب الجزائري، وتعمق معاناتنا كل موسم”.