نشطاء يحذرون من الاستغلال الجنسي لأطفال مخيمات تندوف في أوروبا

دعا نشطاء حقوقيون إلى وقف برنامج “عطل في سلام” المُوجه لفائدة أطفال مخيمات تندوف الجزائرية، الذي استمر لقرابة خمسة عقود من الزمن، حيث يتم إرسال هؤلاء الأطفال لتمضية عطلتهم الصيفية لدى عدد من العائلات الأوروبية، خاصة في إسبانيا وإيطاليا، بتواطؤ مع بعض الجمعيات المعروفة بولائها للطرح الانفصالي في هذه الدول، مع ما يرافق ذلك من انتهاكات جسيمة لحقوق الطفل، على غرار الاستغلال الجنسي الذي تفجرت عدد من القضايا بشأنه في الآونة الأخيرة ووصلت إلى ردهات المحاكم، ناهيك عن الاستغلال السياسي للأطفال من أجل الترويج للطرح الانفصالي في صفوف العائلات الأوروبية، وبالتالي محاولات التأثير على اختيارات الناخبين الأوروبيين.

مناسبة هذا الدعوات هي تنظيم السلطات المحلية في مدينة فالنسيا الإسبانية، يوم 11 نونبر الماضي، أنشطة تحسيسية لفائدة “الأطفال الصحراويين”، وذلك في إطار التحضير لنسخة “برنامج عطل في سلام” برسم السنة الحالية، حيث نقلت المسماة “وكالة الأنباء الصحراوية” عن من يقدم نفسه بصفة “ممثل الجبهة” في هذه المدينة الإسبانية، الذي حضر اللقاء إلى جانب مستشارين في المجلس البلدي لفالنسيا، قوله إن “هذا البرنامج يهدف رفع مستوى الوعي لدى السكان بالظروف الصعبة التي يمر بها الشعب الصحراوي نتيجة لآثار الاحتلال وواقع اللجوء”.

“شر” واستغلال

“الهدف المدعى” يرفضه رمضان مسعود، رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد، الذي قال إن “الجمعية سبق أن راسلت جميع الحكومات المحلية الإسبانية سنة 2003 حول هذا الموضوع وحذرنا من الآثار النفسية والاجتماعية التي يخلفها استمرار برنامج عطل السلام في نفوس العائلات والأطفال في المخيمات المستقدمين إلى إسبانيا في إطار هذه العطل التي أسميناها عطل الشر، وليس عطل السلام”، مشيرا إلى أن “التحذيرات التي أطلقناها سرعان ما طفت على السطح ببروز قضايا استغلال جنسي للأطفال في عدد من المدن، سواء في فالنسيا أو برشلونة، حتى إن بعض هذه القضايا ما تزال معروضة أمام المحاكم الإسبانية وراح ضحيتها عشرات الأطفال”.

وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة النهار، أن “هذا البرنامج يتم تسييره من طرف ما تسمى جمعيات التضامن مع الشعب الصحراوي في إسبانيا وبعض الدول الأوروبية، بتواطؤ مع تمثيليات البوليساريو في هذه الدول، لا سيما في إسبانيا وإيطاليا، حيث أضحى الأمر عبارة عن تجارة بالأطفال وابتزاز للعائلات الأوروبية المتضامنة مع البوليساريو لضمان تأييدها لها”، موردا أن “الأمر لا يتعلق فقط بالاستغلال الجنسي، وإنما أيضا بالاستغلال السياسي للطفولة واستعمالها كوسيلة ضغط على العائلات والناخبين الإسبان”.

وطالب رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد السلطات الإسبانية على وجه الخصوص بـ”وقف الدعم الذي تقدمه من ضرائب الإسبانيين للجمعيات والمنظمات المحسوبة على البوليساريو التي تسهل استقدام الأطفال من المخيمات، ووقف هذا البرنامج الاسترزاقي الذي أثبت أن مساوئه أكثر من إيجابياته، والضرب بيد من حديد على كل المتواطئين والمتورطين في قضايا الاتجار بالأطفال ومعاناتهم”.

انتهاكات متعددة

أوضح محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن “السلطات الإسبانية حركت مسطرة المتابعة في حق عدد من الإسبان المتضامنين مع البوليساريو المتورطين في أفعال إجرامية من خلال استغلال استضافة أطفال المخيمات، إلا أن استمرار برنامج عطل السلام يطرح العديد من علامات الاستفهام، خاصة فيما يتعلق بالتوظيف السياسوي للطفولة في كسب التعاطف وجلب التأييد للمشروع الانفصالي في صفوف العائلات الأوروبية المضيفة، إضافة إلى استغلالها في جمع التبرعات ومراكمة الأموال تحت ذريعة التضامن مع أطفال تندوف”.

ولفت سالم عبد الفتاح، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، إلى أن “الحزب الشيوعي الإسباني الراديكالي هو من أسس لهذا البرنامج سنة 1979″، معتبرا أن “البوليساريو رفضت في الكثير من الأحيان إعادة الأطفال إلى أسرهم البيولوجية بعد انتهاء مدة هذا البرنامج، حيث لم يسبق للجبهة ولا الجهات المتضامنة معها أن فتحت تحقيقا حول الانتهاكات التي يتعرض لها هؤلاء الأطفال أو اتخذت أي إجراءات لمحاسبة المتورطين فيها، ما يكشف تورط هذه الجهات نفسها وتسترها على هذه الانتهاكات الجسيمة التي تطال الطفولة في مخيمات تندوف”.

وبين رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أن “هذه الانتهاكات التي تطال أطفال مخيمات تندوف فوق التراب الجزائري تنضاف أيضا إلى جملة من الانتهاكات الأخرى التي ترتكبها الجبهة الانفصالية في حق الطفولة، سواء من خلال التجنيد الإجباري أو غيره من الممارسات الأخرى التي تدل على رفض الجزائر إعمال ولايتها القضائية على تندوف وتحمل مسؤولياتها في هذا الصدد رغم توقيعها على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأطفال”.

عصابة إجرامية

مربيه أحمد محمود، ناشط حقوقي معتقل سابقا لدى البوليساريو أحد المستفيدين السابقين من برنامج “عطل السلام”، قال: “من المعلوم أن جبهة البوليساريو ليست سوى عصابة تاجرت على امتداد عقود ومازالت تُتاجر في معاناة وآلام ساكنة المخيمات شيوخا وأطفالا، تنفيذا وخدمة لأجندة العسكر الجزائري منذ بداية السبعينات”، مشيرا إلى أنه “في العقود الماضية، كانت فقط أعداد قليلة هي التي تسافر من المخيمات إلى الدول الأوروبية لتمضية عطلتها الصيفية عكس اليوم حيث يتم إرسال مئات الأطفال بدعم وإسناد من بعض المنظمات والجمعيات الداعمة للطرح الانفصالي”.

وأوضح مربيه، في حديث مع جريدة النهار، أن “برنامج عطل السلام أضحى برنامجا تجاريا بامتياز، سواء بالنسبة لهذه المنظمات والجمعيات أو بالنسبة لقادة الجبهة الانفصالية الذين يستغلون فقر وحاجة العائلات من أجل أن ينزعوا منها أبناءها وإرسالهم لتتبناهم عائلات أوروبية مع ما يرافق ذلك من ممارسات تحط من كرامة الأطفال ذكورا وإناثا، على غرار التحرش والاستغلال الجنسي ويخلفه من ندوب نفسية صعبة النسيان في نفوس هؤلاء الأطفال، إضافة إلى دفعهم إلى الانسلاخ عن هويتهم وقيمهم الحقيقية حيث تحول كثير منهم من الدين الإسلامي إلى الدين المسيحي”.

ودعا الناشط الحقوقي ذاته إلى “فضح هذه الممارسات المشينة والمجرمة بموجب القانون الدولي وكل الاتفاقيات والصكوك الدولية المعنية بحماية الطفولة، بالنظر إلى وجود عدد من الحالات المسكوت عنها المتعلقة باغتصاب الأطفال المستفيدين من هذا البرنامج المشبوه خوفا من الفضيحة، إذ ما زالت البوليساريو تنكر هذه الممارسات رغم افتضاحها ووصولها إلى القضاء الإسباني”، مطالبا المجتمع الإسباني والدولي بـ”وقف هذه الكارثة الإنسانية والتلاعب بمصير الصبية من ساكنة المخيمات وبيعهم للعائلات الإسبانية مقابل بضع يوروهات”.

Exit mobile version