ظاهرة “شغب الملاعب” تعود إلى الواجهة وسط مطالب بنهج مقاربات توعوية
لا يكاد يمضي شهر دون أن تسجل الملاعب المغربية أحداث شغب بين مشجعي أندية البطولة الوطنية يؤدي في بعض الأحيان إلى أعمال عنف وتخريب تطال الممتلكات العامة والخاصة، في مؤشر يدل على أن ظاهرة الشغب ما زالت تتطلب الكثير من العمل وتضافر جهود مختلف المتدخلين للحد من مخاطرها المتعددة.
ولم يكن الأسبوع المنصرم استثناء؛ فقد تمكنت عناصر الشرطة بمنطقة مولاي رشيد بمدينة الدار البيضاء، مساء السبت، من ضبط 25 شخصا محسوبين على فصائل مشجعي كرة القدم، للاشتباه في تورطهم في إلحاق “خسائر مادية بممتلكات خاصة وتبادل الضرب والجرح والتسبب في أعمال الشغب المرتبط بالرياضة”.
وقد أسفرت التدخلات الأمنية المنجزة عن ضبط 25 شخصا من المشتبه فيهم ممن تورطوا في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية، وحجز “أسلحة بيضاء من مختلف الأحجام، فضلا عن شهاب ناري يشكل استخدامه وحيازته خطرا على أمن الأشخاص والممتلكات”؛ الأمر الذي يشكل حلقة جديدة ضمن حلقات مسلسل متابعة الأمن وتصديه لظاهرة الشغب المثيرة بالمملكة.
وفي قراءته للظاهرة، يعتبر السوسيولوجي المغربي أحمد شراك أن الاحتجاجات التي ينفذها مشجعو كرة القدم تمثل “احتجاجا غير مباشر على مطالب غير معلنة”، مبرزا أن هذه الاحتجاجات تجنح إلى “الشغب غير الإيجابي، ونحو أعمال عنف مختلفة الأشكال والأنواع”.
وأضاف شراك، في تصريح لجريدة النهار الإلكترونية، أن أحداث شغب الملاعب تثير “قلاقل تمس بالأمن العام، قد يمكن تبريرها بقصور فاعليها، وأن الوعي لم يتمكن منهم لشروط عميقة ووفق أهداف استراتيجية”، مبينا أن هذا الأمر لا يتجاوز “التبرير وليس التعليل لسلوكاتهم، وتمردهم هذا غير مفهوم”.
وأشار السوسيولوجي المغربي إلى أن هناك قراءة من درجة ثانية لأحداث الشغب، حيث يمكن أن “نعتبره احتجاجا غير مباشر على أوضاع فئات اجتماعية تشكو من العوز ومن الهشاشة ومن قلة الاعتبار الاجتماعي؛ كما هو الشأن، مثلا اليوم، بالنسبة لرجال التعليم المطالبين بتحسين كرامتهم وأوضاعهم الاجتماعية من أجل عطاء أكبر لهذه الأجيال والأجيال المقبلة”.
وأكد شراك أن احتجاجات مشجعي كرة القدم تكون في فترات أخرى “احتجاجات غير مباشرة على أوضاع فئات أخرى من المحرومين ومن الهامشيين والبطاليين”، مبينا أنه قد يعتقد هؤلاء بأنه “كلما احتد احتجاجه واستعمل وسائل عنف غير مشروعة، كحرق السيارات والحافلات، كلما “نجحت” احتجاجاتهم في تبليغ الرسالة انطلاقا من شعار ملغوم هو أن المطالب تؤخذ بالقوة”.
وزاد المتحدث ذاته موضحا “لعل هذا الشغب قد تجاوز حدود الرأسمال الأمني للمجتمع. ومن ثم، لا أعتقد أن النخب السياسية والنقابية والثقافية قد تتعاطف مع هكذا احتجاجات؛ لأن الاحتجاجات هدفها الربح لا الخسارة، لا من حيث أملاك الدولة أو الخواص”.
من جهته، اعتبر عبد اللطيف متوكل، رئيس الرابطة المغربية للصحافيين الرياضيين، أن ظاهرة شغب الملاعب “ليست جديدة، وعمرت أكثر من اللازم”، مؤكدا أن العنف المرتبط بالملاعب الرياضية، خاصة مباريات كرة القدم، “تأخرنا كثيرا في تنزيل رزنامة الإجراءات المتخذة في عهد الحكومة السابقة للقضاء عليه”.
وأضاف متوكل، في تصريح لجريدة النهار، أن الإجراءات المهمة “تطبق بطريقة غير متوازنة.. أفضل عوض أن نلعب مباراة بدون جمهور، يقتصر الحضور فقط على حضور الجمهور المستقبل”.
وزاد شارحا: “لا المقاربة الأمنية ولا المقاربة الانضباطية أو العقابية التي يتم من خلالها معاقبة الأندية أثبت أنها لم تؤت أكلها”، مشددا على أن “هذه الإجراءات العقابية تحتاج إلى إجراءات مواكبة لها، على مستوى التحسيس والتوعية يشارك فيها الإعلام بجميع مستوياته وأشكاله، وداخل المؤسسات التعليمية”، لافتا إلى أن “المغرب حقق نتائج جبارة على المستوى العربي والإفريقي والدولي، بعد بلوغ نصف نهائي كأس العالم”.
وأبرز متوكل أنه المغرب مقبل على استضافة كأس إفريقيا سنة 2025 وكأس العالم سنة 2030؛ الأمر الذي يفرض على “جميع مكونات كرة القدم المغربية أن تنخرط من أجل استعادة الهدوء والروح الرياضية التي يجب أن تسود في ملاعبنا”، مجددا التأكيد على أهمية التواصل مع “الألتراس وجمعيات محبي الأندية من أجل توضيح بأن كرة القدم تنبني على معادلة أن هناك فوزا وتعادلا وهزيمة في الرياضة، والجميع يساهم فيها”، معتبرا أن المقاربة الأمنية وحدها “غير كافية”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News