يستعد القضاء الإسباني لمحاكمة شبكة دولية متورطة في تزوير الشواهد والملفات الطبية من أجل الحصول على تأشيرات الدخول إلى الأراضي الإسبانية وتسهيل الهجرة غير الشرعية، إذ تضم هذه الشبكة أزيد من 22 شخصا، منهم مواطنون جزائريون وأشخاص محسوبون على جبهة البوليساريو الانفصالية، حسب ما أفادت به وسائل إعلام إسبانية.
في هذا السياق، أوضح منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف، المعروف اختصارا بـ”فورساتين”، في منشور له على صفحته الرسمية على موقع “فيسبوك”، أن “التحقيقات التي أجرتها السلطات الإسبانية أظهرت أن أحد أقارب قيادي بارز بعصابة البوليساريو، يدعى لحسن البصير، استغل عمله الموسمي مع الصليب الأحمر الإسباني، حيث كان يتكلف بالملفات التي تصل إليه من الجبهة الانفصالية بغية تمكين أصحابها من الهجرة إلى إسبانيا، من خلال توفير دعوات مزيفة أو إدراج أسمائهم في ملفات طبية مزورة تستدعي ضرورة حضورهم لتقلي العلاج في مستشفيات هذا البلد”.
وأضاف المصدر ذاته أن “الجزء الثاني من خطة التهجير تتكلف به شبكة أخرى تشرف عليها عصابة البوليساريو في مخيمات تندوف، تنسق مع موظفين جزائريين للمصادقة على الوثائق المتعلقة بطلب التأشيرة وتحضير الملفات الطبية تسهيلا لحصول أصحابها على تأشيرات للعلاج”، موضحا أن “التحقيقات أظهرت أن الحاصلين على هذه التأشيرات وصلوا إلى إسبانيا جوا وبحرا، حيث يتكلف المدعو لحسن البصير باستقبالهم وإيوائهم في مؤسسات تابعة للصليب الأحمر الدولي وعبر استغلال جمعيات تابعة للبوليساريو”.
وخلص “فورساتين” إلى أن “هذه الشبكة الإجرامية سهلت خروج العشرات من الصحراويين من داخل المخيمات، منهم مقربون من قيادات بارزة في الكيان الوهمي وجزائريون من تندوف وكذا مواطنون موريتانيون خرجوا على أنهم صحراويون وتمكنوا من الخصول على تأشيرات إسبانية كما تلقوا تسهيلات للحصول على وثائق الإقامة بعد وصولهم بطرق مزورة خلال سنوات 2017 و2018 و2019″، فيما أوصى القاضي الإسباني المكلف بهذه القضية بتشديد العقوبات على المتورطين في هذه الأفعال، خاصة وأنها ترقى إلى جريمة الاتجار بالبشر المُجرمة في القانون والاتفاقيات الدولية.
تفاعلا مع هذا الموضوع، قال رمضان مسعود، رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد، إن “رئيس هذه الشبكة الإجرامية هو أولا من عائلة أحد القياديين البارزين في الجبهة واليد اليمنى لزعيم الانفصاليين إبراهيم غالي”، مسجلا أن “استمرار هذه الأنشطة الإجرامية وتورط البوليساريو فيها يكشف في الحقيقة حالة الفساد المستشري في المخيمات وحالة الإفلاس السياسي والقيمي الذي وصل إليه هذا التنظيم”.
وأضاف مسعود، في تصريح لجريدة النهار، أن عناصر “الجبهة الانفصالية، بتواطؤ مع الضباط الجزائريين، وصلوا مستوى عال من الحقارة، إذ يتاجرون بأزمة الصحراويين واللاجئين في المخيمات ويستغلونهم أبشع استغلال بما يخدم أجندتهم وأهدافهم وينمي أرصدتهم البنكية”، مشيرا إلى أن “هذه الشبكة ليست إلا جزءا صغيرا من مستنقع الفساد والإجرام الذي تمارسه البوليساريو في حق اللاجئين في المخيمات”.
وسجل رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد أن “مجموعة من الفضائح باتت تلاحق جبهة البوليساريو والمحسوبين عليها داخل إسبانيا، من ضمنها فضيحة الاستغلال الجنسي للقاصرين من المخيمات الذين يتوافدون على هذا البد في إطار برنامج [عطل السلام] الذي كان برنامجا يروم استغلال الأطفال في الدعاية السياسية الانفصالية قبل أن يتحول إلى وسيلة لتلبية النزوات الجنسية لبعض المتعاطفين مع الجبهة في إسبانيا”، لافتا إلى أن جمعيته وضعت مجموعة من الشكايات لدى القضاء الإسباني بشأن هذا الأمر.
وخلص المصرح لجريدة النهار إلى أن “السكان في المخيمات باتوا يريدون حلا للنزاع حول الصحراء، إذ اقتنعوا بأن قضيتهم إنما يتم استغلالها من طرف قادة الجبهة والعسكر الجزائري الذين يراهنون على استمرارية هذا النزاع بحيث يستفيدون منه كما يستفيدون أيضا من استمرار وجود اللاجئين أنفسهم”.