انطلقت، اليوم الخميس بمراكش، أشغال الدورة ال12 للمؤتمر الدولي السنوي “الحوارات الأطلسية”، وذلك بمشاركة نخبة من المسؤولين والباحثين والخبراء الدوليين، الذين سينكبون على مناقشة الاضطرابات التي فرضت نفسها هذه السنة بحوض المحيط الأطلسي، والتفكير فيما يمكن أن يعنيه المحيط الأطلسي الأكثر حزما بالنسبة للعالم.
ويشارك في هذا اللقاء رفيع المستوى، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمبادرة من مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، حول موضوع “أطلسي أكثر حزما: معناه للعالم”، أزيد من 400 ضيفا من 80 جنسية مختلفة من الحوض الأطلسي.
ويتماشى المؤتمر الذي يتميز بحجمه وتنوعه، مع التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس المتعلقة بإفريقيا الأطلسية، والمتضمنة في الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الـ 48 للمسيرة الخضراء، كما يتوخى عكس الأهمية المتزايدة لمنطقة المحيط الأطلسي في السياق العالمي الحالي.
ويناقش الخبراء والمحاضرون في هذا المؤتمر، الذي تتواصل أشغاله على مدى ثلاثة أيام، الآفاق الجديدة الناشئة في منطقة المحيط الأطلسي، بالاضافة الى مجموعة متنوعة من المواضيع الاقتصادية والجيوسياسية، مما يعكس التغييرات في المحيط الأطلسي الموسع والأكثر تكاملا من خلال مباحثات صريحة وغير رسمية وصادقة ومستنيرة وواقعية وتفاعلية، مع تشجيع النقاشات التي يمكن أن تترجم إلى إجراءات ملموسة.
وتشمل المواضيع التي سيتم تناولها، مناقشات حول مستقبل الشراكات الاستراتيجية والتعددية، وظهور الجنوب العالمي، وإصلاح الهيكل المالي الدولي، والتحديات الحالية للديمقراطية بالإضافة إلى قضايا التغير التكنولوجي، من أجل انتقال مستدام.
وفي هذا الاطار، قال محمد لوليشكي الخبير البارز بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد إن خبراء من عدة قارات ناقشوا سبل توحيد الجهود بين الشمال والجنوب لمواجهة التحديات الناجمة عن سياق دولي متقلب بشكل متزايد.
وأكد أن بلدان المنطقة لا يمكنها التغلب على هذه التحديات بوسائلها الخاصة وحدها، مشددا على الحاجة إلى تعاون متعدد الأطراف من أجل تمكين الفضاء الأطلسي الأوسع من مواجهة هذه التحديات معا في إطار من التضامن.
وأشار إلى المبادرة الملكية المتعلقة بإفريقيا الأطلسية التي تطرق لها في الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الـ 48 للمسيرة الخضراء، والتي تسعى الى خلق مجتمع افريقي مدمج على ضفاف الأطلسي.
من جانبه، أكد إيان ليسر نائب رئيس صندوق مارشال الألماني (الولايات المتحدة الأمريكية)، أن التعاون شمال شمال لم يعد كافيا، ويستدعي منا تغيير خارطة العمل والتفكير في تعزيز التوازن على مستوى الأطلسي، وإعادة العلاقات بين الشمال والجنوب في بعدها العالمي.
بدورها، أشارت جاسيكا دي البا لوا أستاذة بجامعة نوف ليوون بالمكسيك، إلى أن الحديث عن البعد الأطلسي على مستوى القارة الإفريقية وعلى مستوى القارة الأمريكية، يكتسي أهمية خاصة، مؤكدة على ضرورة تعزيز التعاون مع البلدان الإفريقية.
وتوقفت عند الطاقات المتجددة التي من شأنها أن تمنح الطاقة لأكثر من 600 مليون افريقي، والاستثمارات في التكنولوجيا، والخيارات والفرص المرتبطة بالتغطية الصحية والخدمات.
واستعرض نونو دونورانها برنغاسا منسق على مستوى مركز الأطلسي، العديد من القضايا التي تشكل انشغالا مشتركا، انطلاقا من الأمن الغذائي والصحي، مركزا على أهمية الأطلسي علاقة بالأبعاد السوسيو اقتصادية في نمو البلدان المتواجدة على ضفاف الأطلسي.
وتطرقت عفاف زركيك الباحثة البارزة في الاقتصاد بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، إلى أزمة المياه التي تعاني منها عدة بلدان، داعية إلى إيجاد حلول مبتكرة لإرساء أنظمة أكثر استدامة لحماية النظم البيئية وتوفير الطاقة.
وتبحث هذه الدورة من “الحوارات الأطلسية” مسألة الاستراتيجيات المشتركة الممكنة عبر تعميق فهم مضامين التصور الجديد للفضاء الاطلسي، بالتركيز على تعزيز التعاون الأطلسي، الذي يعتبر ضروريا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة بالنسبة لدول جنوب الحوض الأطلسي، من خلال 12 جلسة عامة سيتم بثها على الهواء مباشرة على شبكات التواصل الاجتماعي لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد.
ويشكل إسماع أصوات الجنوب في المحادثات الجيو-سياسية العالمية والمشاركة، على قدم المساواة، في الحوار، القيم الجوهرية وغاية إحداث هذا المؤتمر، الذي يجمع مزيجا فريدا من الخبرات العابرة للقارات.
ومن بين المتدخلين في النسخة الحالية، يرتقب مشاركة خمسة رؤساء دول وحكومات سابقين، من بينهم أولسيغان أوبسانجو الرئيس السابق لنيجيريا، ولويس أسفالدو هرتادولاريا الرئيس السابق للاكوادور، بالإضافة إلى بامباغ برودجونغ وزير المالية والتنمية السابق بأندونيسيا، وريكاردو سانتوس الوزير السابق للشؤون البحرية (البرتغال).
ويشارك في الجلسات وزراء حاليون، بالإضافة إلى عدد من وزراء خارجية سابقين، معظمهم من الأعضاء المنتظمين في “الحوارات الأطلسية”.
وسينضم العديد من الدبلوماسيين رفيعي المستوى إلى هذه المناقشات، ومنهم عمر هلال الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، وسفير جامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة ماجد عبد العزيز (مصر)، والأمين التنفيذي السابق للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا كارلوس لوبيز (غينيا بيساو).
وتماشيا مع التقاليد التي دأب عليها منذ إطلاقه، يواصل مؤتمر”حوارات أطلسية” منح الشباب مكانة بارزة حيث يشارك فيه 43 من الرواد الشباب من كلا الجنسين، تتراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة، تم انتقاؤهم من بين 1200 مرشح طبقا لمعايير ارتكزت على روح المبادرة، قدرات قيادية، الرؤية المتبصرة، والطموح لتعزيز العلاقات عبر الأطلسي.
وشارك هؤلاء الشباب، في دورات تدريبية على القيادة تحت اشراف خبراء رفيعي المستوى في الفترة الممتدة مابين 11 و13 دجنبر الجاري، قبل أن يلتحقوا بالحوارات الأطلسية، التي صممت لتكون جزءا من تجربتهم، من أجل التشاور وتبادل الخبرات والتجارب لصياغة الأجندة الإقليمية والعالمية في مجالات السياسة والتمويل والأعمال والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام.
ومنذ إطلاقه سنة 2012، يسعى مؤتمر “الحوارات الأطلسية” الدولي إلى إخراج منطقة جنوب المحيط الأطلسي من عزلتها في النقاش الجيو-سياسي العالمي، وذلك بغية تسليط الضوء على إمكاناتها. كما تهدف “الحوارات الأطلسية” إلى تعزيز النقاش بين الشمال والجنوب دون محاباة، وعلى قدم المساواة، من أجل بلورة حلول مبتكرة.
تصوير: حسن سرادني