الراشدي: تحقيق التنمية في المغرب يقتضي التسريع في وتيرة محاربة الفساد

في خضم “حملة” الاعتقالات، التي طالت عددا من المنتخبين والفاعلين السياسيين في المغرب، على خلفية قضايا فساد مالي، وما واكبها من تساؤلات عما إن كانت بداية لعملية شاملة لمحاربة الفساد في المغرب، قال محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إن الانتقال إلى مرحلة جديدة في مكافحة الفساد بالمملكة “ممكن وضروري”.

جاء ذلك خلال ندوة نظمتها مؤسسة “الفقيه التطواني” بمدينة سلا، مساء الجمعة، حيث جدد الراشدي التأكيد على ضرورة المسارعة إلى محاصرة الفساد، على اعتبار أن أي تراخٍ في هذا الجانب وترك هامش من الوقت لـ”الفاسدين” يجعل هؤلاء يستثمرون الوقت المتاح لهم، وهو ما يصعّب مأمورية احتواء الفساد.

وأكد الراشدي أن “عاملَ الوقت عنصر مهم جدا في محاربة الفساد، وله بعد آخر يتجلى في أنّ ما يمكن تحقيقه اليوم من نتائجَ لن يكون بالنتائج نفسها بعد خمس سنوات مثلا، لأن أعمال الفساد تزداد تعقيدا، حيث تستفيد من التطورات والتقنيات الحديثة بشكل سريع، وإذا لم نسرْ بسرعة فلا يمكن القضاء عليها”.

وأضاف “لا حق لنا في أن لا نتعاطى مع الوقت كعامل أساسي في محاربة الفساد لعدة اعتبارات، في مقدمتها أن الأوراش التنموية والتحديات الكبرى لا يمكن إنجازها إذا استمر تفشي الفساد بالوتيرة التي هو عليها الآن”.

ولم يقدم رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها جوابا قاطعا بشأن ما إن كانت التحركات الجارية حاليا لتطويق الفساد تعدّ مؤشرا على الانتقال نحو مرحلة جديدة من محاربة الفساد، غير أنه أكد أن هذا الانتقال “ضرورة وليس اختيارا لأن المغرب أمام تحديات كبيرة تستلزم تسخير جميع الطاقات لتحقيق المشاريع والأوراش التنموية للإجابة عن انتظارات المواطنين ومواجهة مختلف التحديات المطروحة”، لافتا إلى أن “الفساد من معيقات التنمية ويهدر إمكانات كبيرة”.

وردا على سؤال حول مدى وجود إرادة حقيقية للانتقال إلى مرحلة جديدة في مسار محاربة الفساد بالمغرب، قال الراشدي: “لا يمكن أن أكون متشائما ولا متفائلا لأن المسؤولية الملقاة على الهيئة هي أن تكون موضوعية”، مضيفا “من الممكن أن نجعل هذه السنة سنة انتقال، من خلال تبنّي استراتيجية واضحة وذات رؤية موحدة من طرف مختلف المتدخلين”.

وأفاد أن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بصدد إطلاق سلسلة مشاورات حول ما تم إعداده والتوجهات الاستراتيجية لمحاربة الفساد، التي تم بناؤها بناء على تراكمات خمس وعشرين سنة، بتعاون مع فاعلين آخرين، “من أجل إغناء وتصحيح ما يمكن تصحيحه بهدف الانتقال إلى حقبة جديدة من محاربة الفساد بشكل أكثر عمقا وأكثر دقة”.

وعاد الراشدي للتنبيه إلى عدم تحقيق البرامج والسياسات التي وضعها المغرب لتحقيق أهدافها، رغم أن هذه البرامج والمبادرات انطلقت منذ تسعينيات القرن الماضي، ورغم انخراط المغرب في المعاهدات الدولية المتعلقة بمكافحة الفساد، والتزامه بالتزامات قوية إزاءها، معتبرا النتيجة المحققة “غير مرضية”. وأضاف أن الفساد في المملكة “يستمر في وضع غير مُرض، حيث ما زال متفشيا بوتيرة كبيرة”.

Exit mobile version