أفاد أحمد رحو، رئيس مجلس المنافسة، بأن “أرباح رسوم الأداء الإلكتروني لفواتير الماء والكهرباء تفوق 200 مليون درهم في السنة”، موضحا أن “إلغاء رسوم الأداء الإلكتروني لم يكن قراراً لمجلس المنافسة، بل كان مبادَرة منه… وسيتم التشديد في تفعيل إلغاء هذه الرسوم غير القانونية مع مطلع 2024”.
وعدَّ رحو أن “العقود كلها تلزَمُها مراجَعة لكي يكون الأداء بطرق موحَّدة، وهذا يَظهر عند تجميع الملايين من فواتير الأداء، إذ إن المبالغ المحسوبة تكون بملايين المئات من الدراهم”، مسجلا على سبيل المثال، ضمن حوار مصور مع جريدة جريدة النهار الإلكترونية (الجزء الثاني)، أن “رسوم أداء فواتير الماء والكهرباء تفوق 200 مليون درهم في السنة؛ وهي مبالغ مهمة جَعلتْنا نتحرّك (لحماية حق وقدرة المستهلك الشرائية)”.
كما أعطى رئيس مجلس المنافسة المثال بـ “الضريبة على السيارات المؤداة عند بداية كل سنة مالية جديدة”، قائلا: “كان المغاربة يؤدّون 15 درهماً كرسم أداء إلكتروني، ولدينا وعود بعد طلب من مديرية الضرائب أن يتم إيقاف استخلاصِها وسنرى ما سيقع …”، واعتبر أنها “مبالغ تُقدَّر بعشرات أو مئات ملايين الدراهم التي ستعود إلى جيوب المستهلكين، ولو أنها تبدو ضئيلة بحكم كونها متفرقة، إلا أن الغاية الكبرى هي أن تُرجع القدرة الشرائية للمواطن والمستهلك”.
“قبول المبدأ” مع تفعيل التطبيق في 2024
“المُكتسَب هذه السنة هو قبول الشركات/المؤسسات المعنية وتفهُّمِها مبدأ عدم الاقتطاع، على أن يتم السنة الموالية (2024) التطبيق التام، ومَن لَـمْ يُطبّق هذا المقتضى فإن المجلس سيفتح تحقيقاً لوضع الآليات القانونية لفرضِه؛ لأن العقاب ليس هدفاً بحد ذاته”، يورد رحو.
وعاد المتحدث في حواره مع جريدة النهار إلى جذور جدل “رسوم الأداء الإلكتروني للفواتير” قائلا: “لاحظنا أنه عملٌ تقوم به بعض الشركات، وكذا بعض المجموعات المالية، بشكل لا يُراعي القانون، ما استدعى تحرُّكنا”، قبل أن يجدِّد تأكيده أن “المجلس يفضِّل سلك مساطر تسمَح بتغيير السلوك في السوق أكثر مما يبحث عن غرامات بمبالغ كبيرة”.
وقال المسؤول ذاته مسترجعاً: “نبّهْنا عبر بلاغ صحافي عمومي بأنه لا يُمكن الاستمرار في هذه الاقتطاعات وإلّا فإننا سنلجأ إلى فتح ملف تنازعي؛ وهذه سيرورة الملف”، وزاد: “بعض الشركات قالت للمجلس إنها ستطبّق الأمر دون إشكال، ومنها شركات الاتصالات، أما أخرى، مثل شركات التعليم الخصوصية، فتحجَّجَت بانتهاء السنة الدراسية، واعدةً بألا تطبق هذه الرسوم في بداية الدخول المدرسي، وفعَلت ذلك، ما يعني أن مجلس المنافسة سائر على هذا المنوال”.
“مسألة وقت”
وأورد المتحدث ذاته أن “شركات توزيع الماء والكهرباء وبعض مؤسسات الدولة يظل إلغاؤها رسوم الأداء الإلكتروني مسألة وقت”، وزاد مفسرا: “لأن الاقتطاع جاء أساسا لعقد مُوَقَّع بين هذه الشركات المدبّرة لهذه الخدمات في كل مدينة على حدة وبين مديرية الضرائب”.
“اتّصلنا بهم وقالوا إن ‘المبدأ نَـقْبلُه’، وهو ما تجلّى في مضمون بلاغِنا الصادر نهاية شهر أكتوبر الماضي بأنه ‘لا أحَد يُنازع المبدأ’؛ إلاّ أن بعض الشركات تطلب بعض الوقت، أولا لإعادة توقيع عقود جديدة، وكذا تغيير الأنظمة المعلوماتية بكل ما يتطلبه من وقت”، يردف رحو، كاشفاً كواليس الموضوع، وتابع: “مجلس المنافسة تفاعَل حين أعطَيْنا أجَلاً للشركات المعنية هو آخر هذه السنة لوضع حد نهائي، وسنعود في بداية شهر يناير 2024 كي نرى هل انتهى الأمر تماماً أم لا، وإذا لم يَنْتَهِ فهذا يسمح لنا كمجلس منافسة بفتح ملف تنازعي في القضية بالنسبة للشركات المعنية”.
“تنبيه إلى عدم قانونية الرسوم”
“في الحقيقة الهدف هو المستقبل، لأن الشركات التي تقتطع هذه المبالغ لم تكن تَعلم أنها مخالِفة للقانون، وأن المبالغ (تتراوح بين درهمين و3 دراهم) لم تخضع لنقاش عمومي حقيقي، فنبّه المجلس بأن الأمر ذو صبغة غير قانونية”، يورد المسؤول ذاته، وزاد: “مباشرة بعد التبليغ فإن الشركات قبِلَتْ المبدأ وبعضها أخذت علماً بفداحة الأمر بعد تنبيه المجلس وطلبت آجالاً تساهَلْنا فيها لأن العملية تتطلب وقتا”.
“صاحب الفاتورة سيتحمّل الرسوم”
في معرض الحوار ذاته قال رئيس “سلطة المنافسة” بهذا الخصوص: “هذه الاقتطاعات التي تهم رسوم الأداء الإلكتروني لن يتم سحبُها مباشَرة، إلا أنها لن تظل على كاهل المستهلك المغربي وعِبْئاً عليه، بل مَن سيتحمَّلُها هو صاحب الفاتورة”، ضاربا المثال بفاتورة الماء والكهرباء “التي كانت تؤدى عليها ثلاثة دراهم عبر الإنترنت والمواقع البنكية، وسيؤديها طرف آخر بدل المستهلك؛ إذن النقاش حالياً بين شركات توزيع الماء والكهرباء والأبناك وشركات (مؤسسات) الأداء المالية”.
وشرح المتحدث بأن “الأبناك تؤدي خدمة وتسمَح باقتصاد معيّن في المصاريف والتوصل بالمبالغ مباشرة لكن مقابل الأداء، وما كان معمولاً به هو أن تأخذ المبلغ المطلوب من مؤسسة أداء من حساب المستهلك… ومجلس المنافسة يقول إن هذا ليس معقولاً ولا قانونياً، إذ ليس لها الحق في اقتطاع رسم الأداء من المستهلك، بل يجب أن يؤخذ من الشركة صاحبة الفاتورة”.
وعن مسطرة التنازع، ردَّ رحو بصرامة: “يَلزمُنا أن نتوفر أولا على ملف قانوني قوي نفتح على إثره تحقيقاً في وجه الشركات كيفما كان نوعها (مالية أو غير مالية)، وإذا عاقبها المجلس قد تلجأ للقضاء…”، واستدرك خاتما بالقول: “أنا متفائل لأن جميع الشركات التي تواصلنا معها في الموضوع أقرَّت بأحقية رأي المجلس بخصوص عدم قانونية اقتطاع رسوم الأداء الإلكتروني، ويلزم بعض الوقت لتطبيق الإلغاء (تغيير أنظمة معلوماتية وعقود تجارية). أما في حالة مديرية الضرائب فنَنتظر إدراج الأمر ضمن مقتضيات قانون المالية للعام الجديد”.