قرار الاتحاد الجزائري لكرة القدم بمقاطعة حفل جوائز الكونفدرالية الإفريقية (الكاف)، الذي نُظم مساء أمس بمدينة مراكش، تضامنا مع ما سمي “استبعاد” الدولي الجزائري رياض محرز، مهاجم فريق الأهلي السعودي، من القائمة النهائية لجائزة أفضل لاعب في إفريقيا، يعيد إلى الواجهة “العقدة المغربية”، التي لم تعد مقتصرة فقط على السياسة الجزائرية، بل انتقلت في السنوات الأخيرة إلى مستويات ومجالات أخرى على غرار المجالين الثقافي والرياضي.
وبدا لافتا إصرار الجزائر على نقل صراعها السياسي مع المغرب حول الصحراء المغربية إلى الأجهزة الرياضية الإفريقية عبر استغلال التظاهرات الرياضية التي تنظم على أرضها لتصفية حساباتها مع المغرب على غرار ما حدث في العديد من المناسبات، في الوقت الذي يتهم القائمون على كرة القدم الجزائرية “الكاف” بالانحياز إلى المملكة المغربية وبسيطرة المغاربة على قراراتها. فيما يقول متتبعون إن ما تقوم به الجزائر مجرد محاولة للتشويش على الإنجازات التي حققتها الرياضة المغربية في السنوات الأخيرة، واستعادة المغرب مكانته الطبيعية في الساحة الرياضية الإفريقية.
ادعاءات واهية وتتويج لإفريقيا
تفاعلا مع هذا الموضوع، قال عبد اللطيف المتوكل، رئيس الرابطة المغربية للصحافيين الرياضيين، إن “قامات كرة القدم الإفريقية التأمت كلها في مراكش، التي أصبحت قبلة لنجوم كرة القدم الإفريقية، وهذا لا يمكن اعتباره إلا فخرا لكرة القدم القارية عموما والمغربية على وجه الخصوص”، مسجلا أن “غياب الاتحاد الجزائري لكرة القدم من عدمه لا يُنقص من قيمة هذا الحفل شيئا”.
وأضاف المتوكل، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن “الأجواء البهيجة التي مر فيها الحفل تعكس قيمة المغرب وقيمة كرة القدم الإفريقية، فالمملكة دائما في طليعة الدول التي تدافع عن المصلحة العليا لكرة القدم في القارة بعيدا عن الحسابات الضيقة، وهذا ما يميزها”، لافتا إلى أن “الجزائر في الأصل لم يكن رياضيوها مرشحين لأي جائزة من الجوائز المعتمدة باستثناء المدرب بنشيخة، الذي أحرز كأس الاتحاد الإفريقي مع فريق اتحاد العاصمة”.
وتابع قائلا: “ما يحسب للمغرب أنه يحفظ للجانب الرياضي طابعه، ويتعامل مع الأحداث والتظاهرات الرياضية كونها كذلك، ولا يخلط الأوراق ويلتزم بالميثاق الأولمبي الذي يحضر كل أشكال التمييز، ويحظر توظيف كل ما هو سياسي في الرياضة”، مؤكدا أن “المملكة في طليعة الدول الإفريقية التي ترفض حشر السياسة في الرياضة، وهذا ما يميزها عن غيرها من الدول في هذا الإطار”.
ولفت رئيس الرابطة المغربية للصحافيين الرياضيين إلى أن “الاتهامات الجزائرية للمغرب بالسيطرة على قرارات “الكاف” تبقى مجرد ادعاءات وافتراءات لا أساس لها من الصحة”، مبرزا أن “المغرب عكس ذلك يوظف كل إمكانياته ومؤهلاته من أجل الشباب الإفريقي، ذلك أن أي إفريقي يُتوج بإحدى الجوائز هو بالنسبة إلى المغرب تتويج لكل إفريقيا بغض النظر عن جنسية المتوجين”.
عبث بنيوي وإنجازات تاريخية
من جهته، أوضح البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، أن “مقاطعة الجزائر حفل جوائز “الكاف” ما هو إلا فصل آخر من فصول العبث البنيوي الذي يعيشه نظامها بسبب النجاحات التي يحققها المغرب في جميع المجالات، مما ينسف أسطورة القوة الإقليمية التي يروجها هذا النظام مستخدما منصات الإعلام المأجور وأبواق التضليل بين صفوف الشعب الجزائري المقهور”.
وأضاف البراق أن “النظام الجزائري اعتاد على تبرير هزائمه في جميع المجالات بنظرية المؤامرة والعدو الخارجي، لذا استخدم قرار استبعاد الاتحاد الإفريقي لرياض محرز لأسباب منطقية ومعروفة لترويج مغالطات عن سيطرة المغرب على دواليب الاتحاد الإفريقي، متناسيا الإشعاع الكبير للكرة المغربية والإنجاز الذي حققه “أسود الأطلس” في كأس العام قطر 2022 بانتزاعهم المرتبة الرابعة عالميا، وهو ما أفرح كل الشعوب الإفريقية”.
وسجل المتحدث ذاته أن “الجامعة الملكية لكرة القدم أصبحت عقدة جزائرية وكابوسا يقض مضجع مسيري الكرة الجزائرية، بفضل جيل جديد من المسؤولين المغاربة، الذين لديهم غيرة على الوطن، وإحساس بجسامة المسؤولية وثقل الأمانة والالتزام الصادق بالتوجيهات الملكية السامية، والرغبة الأكيدة في تنزيل الرؤية الملكية المتبصرة في مجال التدبير الرياضي، التي وضعت الأساس الفكري والمنهج العلمي، الذي بفضله استطاعت الرياضة المغربية تحقيق العديد من الإنجازات التاريخية غير المسبوقة وغير المنتظرة في مختلف الرياضات طوال السنوات السابقة”.
وأشار إلى أن “العداء الرياضي الجزائري للمغرب هو جزء من استراتيجية الديبلوماسية العدوانية للنظام العسكري في جواره الإقليمي، حيث يتم استهداف المؤسسات المغربية ورجالاتها وكل مقومات القوة والسيادة المغربية بهدف إضعاف الدولة المغربية في مواجهة الأحلام البومدينية لجنرالات الجزائر لتأسيس قوة جهوية عسكرية شمولية مسيطرة على محيطها الإقليمي، غير أن المغرب بتاريخه المجيد ومؤسساته العريقة والتفاف الشعب المغربي حول المؤسسة الملكية يظل الصخرة التي تتكسر عليها أحلام ومتمنيات هذا النظام لتحقيق الهيمنة الإقليمية”.
وخلص إلى أن “الرياضة المغربية اليوم أصبحت إحدى أدوات القوة الناعمة المغربية في مواجهة المؤامرات والحملات الإعلامية التضليلية والكذب البواح الذي يستخدمها الخصوم من أجل التأثير والتشويش على مواقف المغرب في مجالات أخرى ومستويات أخرى”، لافتا إلى أن “استهداف المملكة المغربية اليوم صار غاية تجمع أطرافاً دولية عديدة على اختلاف مصالحها، عبر محاولة إشعال بؤر احتجاجية اجتماعية أو استخدام حملات إلكترونية منظمة، ونشر تقارير حقوقية مفبركة، واستهداف مقومات القوة الناعمة للمغرب، سواء رياضيا أو ثقافيا أو حضاريا”.