21 ألف منصب شغل ومعاملات بـ20 مليار درهم .. صناعة الطيران تزدهر بالمغرب

يواصل المغرب تثبيت أقدامه في الساحة الدولية بصفته مركز جذب للاستثمارات الأجنبية في القطاع الصناعي بالمنطقة، خاصة في قطاع تصنيع محركات الطيران، إذ شكلت مراسيم توقيع عقد إنشاء مصنع جديد لشركة “برات آند ويتني”- المغرب بمنطقة ميد بارك بالعاصمة الاقتصادية حلقة جديدة في مسلسل تطوير القطاع الصناعي بالبلاد.

وتقدر قيمة الاستثمار الجديد بحوالي 715 مليون درهم، إذ ستنتج أجزاء مصنعة ثابتة وهيكلية تفصيلية لمختلف نماذج محركات الطائرات، مما سيسمح بإحداث 200 إلى 250 منصب شغل عندما يبلغ المصنع طاقته القصوى في أفق سنة 2030.

ويعقد الرهان على المشروع الصناعي الجديد، باعتباره قاطرة للمنظومة الصناعية لمحركات الطائرات، من شأنه أن يساعد في إحداث منظومة تتمحور حول نمو وتطور موردين محليين، وفتح آفاق واسعة لتطوير أنشطة مبتكرة ذات تكنولوجيا عالية، مع انعكاسات إيجابية مرتقبة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.

ويشغل قطاع الطيران المغربي أزيد من 21 ألف منصب شغل من ذوي الكفاءات العالية، إلى جانب تفعيل أنشطة 142 مقاولة، برقم معاملات تجاوزت قيمته 20 مليار درهم، وبنسبة اندماج محلي تجاوزت نسبته 40 بالمائة، الأمر الذي يمثل ارتقاء نوعيا لقاعدة الطيران المغربية.

في قراءته للتطور الذي يسجله القطاع، يرى المحلل الاقتصادي إدريس الفينة أن المغرب له “موقع جغرافي جيد، ويد عاملة مؤهلة في هذا المجال راكمت خبرة تمتد إلى 15 سنة في تركيب محركات الطائرات”.

وأضاف الفينة، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن عددا من صانعي محركات الطائرات لديهم “طلبيات كبيرة ولا يمكنهم تلبيتها في بلدانهم، مثل بوينغ وإيرباس، ولهذا يبحثون عن بلدان مثل المغرب لتركيب المحركات ومساعدتهم على تلبية الطلبيات”.

وتابع موضحا أن المغرب “بلد له جاذبية في هذا المجال، وأصبح يستقطب العديد من الفاعلين في القطاع، وهذا يعطينا جزءا من القيمة المضافة لصناعة الطائرات”، معربا عن تفاؤله بالمستقبل “لتصبح للمغرب مستقبلا صناعة مكتملة في هذا المجال، وأظن أن هذه التجربة بدأت مع الطائرات الخفيفة في المغرب من خلال شركة فرنسية تنشط في هذا المجال”.

وأشار إلى أن هذا القطاع “يمنحنا تنوعا اقتصاديا، إضافة إلى الرفع من القيمة المضافة للقطاع الصناعي لأنه اليوم مع ظاهرة الجفاف والتغير المناخي الذي يضرب المغرب بشكل مستدام، يجب على المملكة أن تنتقل من اقتصاد مبني على الفلاحة إلى اقتصاد مرتبط بقطاعات أخرى مثل الصناعة والسياحة ومجالات أخرى غير مرتبطة بالتساقطات المطرية”.

واستطرد المتحدث ذاته قائلا: “القيمة المضافة لقطاع تركيب محركات الطائرات في المغرب ما زالت بسيطة، لكن يمكن أن تصبح غدا ذات قيمة مضافة كبرى إذا كان المستثمرون المغاربة أو الدوليون قادرين على إحداث صناعة متكاملة في هذا المجال”.

وأوضح الفينة أن هذا التوجه والتركيز على القطاع الصناعي بمختلف فروعه من شأنه أن “يساعد على التقليص من البطالة”، مؤكدا أن تحويل اليد العاملة من تخصصات إلى أخرى “ما زال عندنا بطيئا، ولا نتعامل بالسرعة اللازمة مع الحاجيات الحقيقية لسوق الشغل”.

وأضاف أن “العرض كبير، لكن هناك خصاصا في التخصصات المطلوبة”، لافتا إلى أن “المجالات المرتبطة بصناعة وتركيب محركات الطائرات لا تتطلب مؤهلات كبيرة، وعلينا الإسراع في تكوين تقنيين في هذا المجال بعدد كبير، وبقدر ما سيكون لدينا عدد أكبر من التقنيين بقدر ما ستزداد قدرة المغرب على جلب استثمارات جديدة في المجال”، ودعا إلى تسريع ملاءمة عرض الشغل مع الحاجيات الحقيقية التي يتطلبها السوق اليوم.

Exit mobile version