“تجار البيض” ينتظرون إعفاءات ضريبية لتخفيض الأسعار قبل شهر رمضان

اشتكى مجموعة من المواطنين المغاربة من ارتفاع أسعار البيض في بعض المحلات بالرباط إلى قرابة درهمين للوحدة (1,75 درهما)، وذلك في الوقت الذي مازالت فيه دكاكين عديدة للبقالة أو محلات بائعي الدجاج تبيع البيض بدرهم ونصف، وهو ما خلق قلقا قبل رمضان بخصوص سيناريو استمرار هذه الأسعار في الارتفاع، لأن البيض يعدّ مادة أساسية في موائد الإفطار.

ويعزو مهنيون هذا التباين في الأسعار إلى “غياب سعر محدد وكون الأسعار محررة، وهو ما فتح المجال لكي ترفع بعض الدكاكين الأثمنة، في ظل غياب المراقبة المخصصة للأسعار على وجه التحديد”، بتعبير بعضهم، مؤكدين، في حديث مع جريدة النهار، أن “تكلفة النقل تلعب دورا أساسيا في رفع الأثمنة لدى البائعين بالتقسيط تحديدا، كما أن ثمن البيض لدى البيّاضة بالجملة مرتفع نظراً لغلاء أسعار المواد الأولية التي ارتفعت بما يقارب 100 في المائة”.

تدخل الدولة

خالد الزعيم، نائب رئيس الجمعية الوطنية لمنتجي بيض الاستهلاك بالمغرب، تفهّم النقاشات الدائرة اليوم بخصوص الأسعار، وأوضح أن “ثمن البيضة الواحدة يتراوح في الضيعة بين 85 سنتيما ودرهم واحد، لكنه يباع في الدكاكين بالتقسيط بأثمنة مختلفة نظراً لحرية الأسعار”، مؤكدا أن “هناك بوادر لاتجاه الأثمنة في منحى تنازلي معقول، لكي تكون عند القدرة الشرائية للمواطنين خلال شهر رمضان، ولكن استمرار غلاء المواد الأولية هو الذي يشوّش على هذا المسار”.

واقترح الزعيم، في تصريح لجريدة النهار، أن “تتجه الدولة، بالطبع حسب قدرتها ورؤيتها الاستراتيجية، إلى تخفيف الأعباء على المنتجين لكي ينعكس ذلك على الثمن النهائي في الأسواق”، موضحا أن “الدولة يمكن أن تدعم هذا القطاع الذي يعدّ حيويا، بالنظر إلى استهلاك المغاربة المرتفع للبيض، من خلال الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة في ما يخص المواد الأولية”، مشيرا أيضا إلى أن “تكاليف شحن المواد الأولية وجمركتها تؤثر على الأسعار”.

وسجل المتحدث أن “المهنيين تكبّدوا خسائر كبيرة في بداية ارتفاع الأسعار، لكونهم حافظوا على الأثمنة القديمة رغم تضاعف تكلفة الإنتاج، وهو ما أنهك العديد من المنتجين ودفعهم إلى التخلي عن العملية برمتها”، مؤكدا أن “الآخرين الذين واصلوا مهمة الإنتاج لم يرفعوا الأثمنة إلى مستويات قياسية، مثل منتوجات أخرى، رغم أن المواد الأولية كانت نسب ارتفاعها مؤثرة بشكل كبير على المهنيين وعلى نشاطهم الاقتصادي”.

توحيد الأسعار

هشام الدردالي، مهني في القطاع، قال إن “الدولة ينبغي أن تتجه نحو إعفاء المواد الأولية من الضريبة على القيمة المضافة لكي تُصبح الأسعار معقولة، وتأهيل القطاع لتكون أسعاره موحدة ومعروفة في كل مراحل الإنتاج”، موردا أن “الأسعار ستبقى بهذه العشوائية إذا لم تتدخل الدولة لمراقبة المواد الأولية التي انخفضت أسعارها في الخارج، لكنها ظلت مرتفعة في المغرب بلا مبررات واضحة، خصوصا الصوجا والذرة”.

وأشار الدردالي، في تصريح لجريدة النهار، إلى أن “الثمن المعروف الآن بين المهنيين هو درهم ونصف، وهو مرتفع بالمقارنة مع ما كان عليه الوضع سابقا، غير أنه ثمة بائعين بالتقسيط قد يرفعونه إلى أزيد من ذلك، بحكم تكاليف التوصيل التي تلعب أيضا دورا في هذا السياق”، مشددا على أن “هناك وحدات للإنتاج أفلست في الفترة الأخيرة نظرا لهذا التضارب الحاصل بين العرض والطلب، فالعديد من أرباب الوحدات غرقوا في الديون”.

وخلص المهني ذاته إلى أن “ضمان تموين الأسواق بالبيض في فترة يعدّ الطلب فيها مرتفعا بشكل قياسي، وبأثمنة في متناول جميع الشرائح المجتمعية، هو تحد مشترك للجهات الرسمية وللمهنيين، لاسيما أن البلاد لم تواجه ندرة في البيض، بل ظل متوفرا في الأسواق لكن الطلب عليه ارتفع”، خاتما بأن “الاستهلاك لا يرتفع في رمضان فقط، بل هي صورة في أذهاننا، لأننا كمهنيين نعرف أن الإقبال على هذه المادة يكون طيلة السنة، ولهذا نحتاج جميعا أن نجدها بأثمنة مناسبة”.

وكانت جمعيات حماية المستهلك قد اعتبرت، في تصريحات سابقة لجريدة النهار، أن “المهنيين مازالوا يقولون إن ارتفاع أسعار المواد الإنتاجية والنقل يساهمان في تحديد السعر النهائي، وهو ما يبين أن هذا الوضع لا يزال مطية لتبرير الزيادة”، مشددة على وجوب “أن تكون هناك لجنة متخصصة لمعرفة التأثير الفعلي لهذه المواد الأولية على الإنتاج وعلى السعر النهائي”.

وأوردت الجهات عينها أن “الأسعار محررة، وحتى لو ازداد الارتفاع ليس هناك من يستطيع أن يسأل عن سبب الزيادة، لكون التحرير منح الصلاحية للمهنيين في تحديد الأسعار”، موضحة أن “المستهلك هو الذي يعاني جراء هذه الزيادات، ولا يمكن أن يكون التصدير سببا في هذا الارتفاع؛ فالأولويّة للسوق الوطنية وضمان المنتوجات الأساسية بأسعار معقولة تحترم القدرة الشرائية للمستهلك المغربي”.

Exit mobile version