تقرير يدعو إلى حماية حرية تعبير الأفلام وصياغة سياسة عمومية “سينماتوغرافية”

أوصى تقرير جديد حول “السياسة العمومية في مجال السينما وحقوق الإنسان في المغرب” بـ”تعزيز حماية حرية التعبير والإبداع من خلال اعتماد منهج إيجابي في تدبير تراخيص عروض واستغلال الأفلام من قبل المركز السينمائي المغربي، بشكل يتم الحرص فيه على حماية القاصرين أكثر من ممارسة الوصاية على ضمائر الراشدين الذين اختاروا الذهاب إلى قاعة السينما بمحض إرادتهم”.

ورصد هذا التقرير، الذي صدر عن جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان والذي قُدّم بمبنى سينما النهضة بالرباط، مشاكل متعلقة بالحكامة في السياسات العمومية للبلاد في مجال السينما “من شأنها أن تعيق الامتثال للالتزامات الدولية والمقتضيات الدستورية للمملكة ذات الصلة بحماية حقوق الإنسان والحريات”.

وأوصت الوثيقة بـ”وقف أية دعوة للرقابة في انعدام إطار قانوني داخل المؤسسة التشريعية، والإسراع بوضع إطار قانوني لحماية حرية الإبداع”، وتحدثت عن “ضرورة الفصل بين مجالي التلفزيون والسينما على مستوى الوصاية الإدارية”، نظرا لـ”للبس المتعلق بالوصاية القائمة حاليا، باعتبارها إرثا تاريخيا يعود إلى بداية تأسيس القطاع”.

وتحدث التقرير عن “ضعف المتابعة البرلمانية للتوصيات المقدمة من قبل المؤسسات الرسمية للدولة بخصوص حكامة القطاع”، و”ضعف الحوار في المجال الثقافي، عموما، وفي المجال السينمائي، خصوصا”، و”ضعف التنسيق بين القطاعات الأكاديمية والتكوين المهني، من جهة، ومهنيي القطاع، من جهة أخرى، في أفق تطوير رؤية مبتكرة قادرة على بلورة نموذج جديد للسينما وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان”. وهذا ما يستدعي، وفق المصدر نفسه، “تخصيص مساحات للحوار الصريح والدائم بين الفاعلين، في أقرب الآجال، خاصة خلال المهرجان الوطني للفيلم، بهدف تطوير مبادرات يلتزم المركز السينمائي بتنفيذها مع باقي الجهات الفاعلة في المجال”.

وأوصى التقرير بـ”وضع سياسة عمومية سينماتوغرافية قائمة على مسؤولية الدولة في المجال الثقافي ودورها كضامن لحرية التعبير والإبداع (…) بمشاركة الفاعلين المعنيين العاملين بشكل مباشر أو غير مباشر في المجال السينمائي”، و”الحرص على الفصل الإداري الصارم بين إدارة تراخيص التصوير التلفزيوني والإعلاني وغيرهما، وإدارة التراخيص المتعلقة بالسينما”.

كما أوصى بـ”ضمان سياسة ثقافية حقيقية من خلال وضع السينما والمركز السينمائي المغربي تحت إشراف قطاع الثقافة”؛ لأن من شأن هذا تعزيز “المركز السينمائي المغربي وتزويده بشكل أكبر بالوسائل البشرية والمالية لمزاولة مهامه”.

كما نادى المصدر بـ”مواكبة استراتيجية الدولة في مجال حقوق الإنسان والحريات من خلال ترجمة مختلف المقتضيات الدستورية والتزامات المغرب الدولية إلى النصوص القانونية والمؤسساتية المنظمة لقطاع السينما”، و”إدراج مهمة تعزيز ثقافة حقوق الإنسان ضمن مهام المركز السينمائي المغربي”.

وأوصى التقرير بـ”مراجعة اختصاصات المركز السينمائي المغربي وملاءمة أشكال تنظيمه، أخذا بعين الاعتبار التطورات الأخيرة التي شهدها القطاع السمعي البصري على المستوى العالمي وتكنولوجيات المعلومات والتواصل الجديدة”. كما تطرق إلى الحاجة إلى “وضع إجراء يتعلق بالمراقبة الداخلية، معزز بدفاتر تحدد المسؤوليات والمناصب والمهام الموكَلة لمختلف العاملين، من أجل ضمان الشفافية واحترام المقتضيات القانونية”.

وحول دعم الإنتاج السينمائي، أوصى التقرير بـ”الحرص على أن تكون منهجية تحديد نسبة التعويض من قبل اللجنة الرسمية، استنادا إلى دراسة تساعد على التدبير الأمثل لخزينة صندوق الدعم”، و”إحداث هيئة ضمن هياكل المركز السينمائي المغربي تتولى استرداد ومتابعة تسديد التسبيقات على المداخيل المدفوعة لإنتاج الأفلام السينماتوغرافية، سواء على مستوى مصلحة صندوق الدعم أو قسم الإنتاج”.

كما طالب التقرير بـ”إعادة النظر في منهجية دعم المهرجانات، في أفق خلق دينامية مهنية حقيقية على جميع المستويات وتحقيق قيمة مضافة على مستوى كل جهة وإقليم ذي صلة”، و”تأهيل الخزانة السينمائية المغربية، من أجل تحسين مداخيلها”، و”وضع آلية للرصد واليقظة التكنولوجية في مجالات الفيديو والصوت من أجل تمكين المركز السينمائي المغربي من استعادة مكانته كرائد في مجال خدمات ما بعد إنتاج الأفلام، ليس بغرض منافسة المقاولات المغربية ولكن من أجل الارتقاء بالقطاع والنهوض به”.

وأوصى المصدر بإنجاز دراستين؛ أولاهما “لقياس مدى رضا المستهلكين، من أجل الوقوف عند انتظاراتهم من الصناعة السينمائية، خاصة على مستوى عرض الأفلام بالقاعات السينمائية”. وثانِيَتُهما حول “أثمنة تذاكر الدخول إلى قاعات السينما، من أجل تحديد التدابير الكفيلة بدمقرطة الولوج إلى الثقافة السينمائية بالمغرب”.

وتطرق التقرير إلى حاجة المغرب إلى “النهوض بالتربية على وسائل الإعلام، والتربية على المواطنة، وإدماج وحدة حول (محو الأمية الإعلامية والمعلوماتية) الهادفة إلى غرس الحس التحليلي والنقدي وتعزيز احترام القيم الكونية في كل أشكال التواصل”، في المدارس والثانويات وهيئات المجتمع المدني والجمعات المهنية.

كما دعت الوثيقة إلى “وضع استراتيجية خاصة بالتكوين السينمائي وإدماج حقوق الإنسان في دفاتر التحملات الخاصة باعتماد أسلاك الإجازة المهنية والماستر والدكتوراه”، وتعزيز الشراكة بين المركز السينمائي ومؤسسات التكوين، والروابط بين النوادي السينمائية ونوادي حقوق الإنسان في المؤسسات التعليمية من أجل النهوض باحترام الحق في الصورة ومحاربة الصور النمطية، وتعزيز الشراكة بين الجمعيات السينمائية وهيئات حقوق الإنسان.

Exit mobile version