“فيفا” يسلط الضوء على ثورة الكرة المغربية .. مشروع متكامل وإنجازات فريدة

سلط الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، في تقرير له على موقعه الإلكتروني، الضوء على أسرار الثورة التي شهدتها كرة القدم المغربية في السنوات الأخيرة، إثر تألق المنتخبات المغربية والنجاحات التي حققتها في عديد المنافسات الرياضية، مشيرا في هذا الصدد إلى وصول المنتخب المغربي الأساسي إلى الدور نصف النهائي لكأس العالم في قطر، ووصول منتخب السيدات إلى دور الـ16 من منافسات كأس العالم للسيدات؛ إضافة إلى الإنجازات التي حققها منتخبا المغرب تحت 17 عاما وتحت 23 عاما، ثم منتخب الصالات الذي فاز بكأس القارات برسم سنة 2021.

إنجازات كبيرة لم يسبق لأي منتخب عربي أو إفريقي تحقيق أي منها، يسجل المصدر ذاته، غير أن المنتخبات المغربية كسرت هذه القاعدة مُحققة نجاحات غير مسبوقة رغم مكانتها المتواضعة حتى الماضي القريب. غير أن هذه النجاحات لم تكن من قبيل الصدفة أو الحظ، وإنما كانت وراءها خطة محكمة تطلبت سنوات من الترتيب والإعداد.

في هذا الصدد، سجل الاتحاد الدولي لكرة القدم أن “الإنجازات الرياضية المغربية ما بين عامي 2022 و2023، ناهيك عن نجاح البلاد في الظفر بفرصة استضافة كأس العام 2030 إلى جانب كل من إسبانيا والبرتغال، نابعة من خطط رياضية تم وضعها بعناية، وها هي اليوم تؤتي ثمارها ومن المؤكد أنها ستستمر في حصد ثمار أخرى في المستقبل في ظل الاستثمار الرياضي طويل الأمد”.

وأورد التقرير ذاته أن “الخروج من دوري المجموعات في منافسات كأس العالم 1998 وفشل أسود الأطلس في التأهل إلى كأس العالم مرات عديدة حتى سنة 2018، وغيابهم عن ثلاث نسخ من كأس الأمم الإفريقية في التسعينيات، وكل هذه النتائج المخيبة للآمال كانت بسبب افتقار كرة القدم المغربية إلى سياسة منظمة لاكتشاف المواهب وتطوير أداء اللاعبين، غير أن كل ذلك تغير بفضل المشروع الجديد الذي أشرف عليه فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم، الذي عُين في هذا المنصب سنة 2014، لتتحسن بعدها النتائج بسرعة بفضل الخطط التي تم تنفيذها في هذا الصدد وبالنسبة لجميع الفئات العمرية”.

وعملت الجامعة الملكية لكرة القدم على تطوير البنية التحتية الرياضية للبلاد من خلال بناء ملاعب جديدة وتأهيل الملاعب الرئيسية، ليتمكن المغرب إثر ذلك من الظفر بفرصة استضافة نسخة كاس الأمم الإفريقية لسنة 2025 عبر تسعة من ملاعبه الدولية. وأشارت “فيفا” إلى أنه “عام 2009، عندما كانت كرة القدم المغربية في أدنى مستوياتها، قام الملك محمد السادس بتشييد أكاديمية خاصة بهذا اللعبة بتكلفة ناهزت 13 مليون يورو، بهدف تطوير الرياضة الوطنية”. هذه الأكاديمية، التي وصفتها “فيفا” بـ”منجم الذهب للمنتخبات الوطنية”، تخرج منها لاعبون مغاربة موهوبون، على غرار يوسف النصيري ونايف أكرد وحمزة منديل وعز الدين أوناحي؛ إضافة إلى تسعة لاعبين من المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة وست لاعبات من منتخب السيدات.

وعلى المستوى المحلي، ألزم الاتحاد الوطني المغربي لكرة القدم الأندية المحلية بإنشاء مؤسسات للشباب للمساعدة في اكتشاف المواهب وتطويرها، وهو ما مكن عددا من اللاعبين في هذه الأندية من الاحتراف في الدوريات الأوروبية، وارتفع أداء الأندية المحلية المغربية في المنافسات القارية، وبالمثل استفادت كرة القدم النسائية المغربية من مجموعة من التغييرات التي أثمرت فوز فريق الجيش الملكي بدوري أبطال إفريقيا للسيدات العام الماضي، ووصول لبؤات الأطلس إلى دور الـ16 من كأس العالم.

وشدد التقرير ذاته على أن “الاستثمار في كرة القدم كان عاملا أساسيا في إحداث تحول في كرة القدم المغربية”، لافتا في الوقت ذاته إلى أن “فيفا قررت منح الاتحادات الكروية منحة قدرها 500 ألف دولار أمريكي عام 2020 للتغلب على آثار جائحة كوفيد 19 حينها، لتُقرر الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تخصيص هذا المبلغ لتطوير كرة القدم النسائية في البلاد وتطوير اللعبة على المستوى المحلي”.

كما سعت الجامعة الملكية التي يشرف عليها فوزي لقجع إلى تحقيق أقصى قدر من الاستفادة من الجالية المغربية بالخارج، بالنظر إلى العدد الكبير من اللاعبين الذين يمارسون هذه اللعبة في بلدان ذات تقاليد كروية عريقة، على غرار إسبانيا وفرنسا وهولندا، حيث كان التحدي هو “التعرف على هؤلاء اللاعبين وإقناعهم باللعب لصالح المغرب، وهي العملية التي مكنت من جلب نجوم كبار مثل حكيم زياش وسفيان أمرابط ونورالدين أمرابط وأشرف حكيمي ونصير مزراوي، الذين قادوا أسود الأطلس إلى نصف نهائي كأس العالم في قطر”.

“وبالمثل، ضمت قائمة لبؤات الأطلس لاعبات موهوبات، مثل ياسمين زهير التي تلعب في نادي “سانت إيتان” الفرنسي، وإيمان سعود المحترفة بالدوري السويسري، وروزيلا أياني، نجمة نادي “توتنهام هوتسبير” الإنجليزي”، تردف “فيفا”، مشيرة إلى أنه “تم كذلك منح الفرصة للمدربين المغاربة لتدريب المنتخبات الوطنية وإظهار قدراتهم، على غرار وليد الركراكي؛ كما يوجد مدربون مغاربة يشرفون على منتخبات جميع الفئات العمرية”، وزادت أن “المغرب أصبح اسما كبيرا بعد سنوات من الركود، وذلك بفضل مشروع شامل وتخطيط طويل الأمد والإيمان بثمار العمل الجاد المستمر”.

Exit mobile version