الشراكة المغربية الإمارتية تستكمل النهضة التنموية في الأقاليم الجنوبية للمملكة

كانت الأقاليم الجنوبية للمملكة حاضرة في صلب إعلان الشراكة المبتكرة والمتجددة الذي وقعه الملك محمد السادس والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال الزيارة التي قادت العاهل المغربي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. هذه الشراكة التي تضمنت عناصرها مجموعة من المقتضيات التي تهم أساسا الرفع من وتيرة النهضة التنموية التي يقودها المغرب في صحرائه، على غرار تطوير وتهيئة مطار وميناء الداخلة، وتطوير المشاريع المشتركة السياحية والعقارية بين البلدين في هذه الأقاليم، إضافة إلى تطوير المشروع المندمج “الداخلة بوابة الصحراء”، ومشروع أنبوب الغاز الإفريقي- الأطلسي.

شراكة ومشاريع تأتي استكمالا للمسار التنموي الذي بدأه المغرب في هذه الأقاليم منذ استرجاعها من قبضة الاستعمار الإسباني، ليتعزز هذا المسار مع إقرار النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية الذي قطع فيه المغرب أشواطا كبيرة من خلال مجموعة من الأوراش التنموية التي حولت الصحراء المغربية إلى منصة إقليمية جاذبة للاستثمار الأجنبي. كما تأتي هذه المشاريع التي ستتم بشراكة إماراتية مغربية في إطار تنزيل الرؤية الملكية التي تهدف إلى تطوير وتنمية الواجهة الأطلسية للمملكة.

دينامية تنموية ومشاريع واعدة

إدريس العيساوي، محلل اقتصادي، قال إن “زيارة الدولة التي أجراها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى دولة الإمارات تأتي أولا في سياق الزخم الكبير الذي عرفته العلاقات المغربية الإماراتية على كافة المستويات، خاصة المستويين السياسي والاقتصادي”، مسجلا أن “الإمارات تساهم ومنذ مدة طويلة في تمويل مجموعة من المشاريع الكبرى في المملكة، على غرار مشاريع البنى التحتية والطاقة والسياحة ومجال المال والأعمال”.

وأضاف العيساوي أن “افتتاح الإمارات قنصلية عامة لها في مدينة الداخلة المغربية في نونبر من العام 2020 كان بمثابة إعلان استعداد هذا البلد الخليجي للانخراط والمساهمة في الدينامية التنموية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، التي فتحت فيها الدولة المغربية آفاقا وفرصا جديدا للاستثمار الأجنبي”.

وتعليقا على أهداف الشراكة المغربية الإماراتية الجديدة في علاقتها بالتنمية في الصحراء المغربية، أورد المتحدث ذاته أن “هذه الشراكة المبتكرة بين البلدين وضعت الأقاليم الجنوبية في صلب اهتماماتها من خلال مجموعة من المشاريع الكبرى، على غرار تطوير مطار الداخلة وتهيئة ميناء الداخلة المتوسطي وتطوير المشاريع السياحية والعقارية المشتركة في جهتي الداخلة وطرفاية، وتهيئة وتطوير المشروع المندمج للداخلة Dakhla Gateway to Africa؛ إضافة إلى إحداث أسطول بحري تجاري بهذه الأقاليم، ثم أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “كل هذه المشاريع الواعدة ستجعل من الصحراء المغربية منصة اقتصادية إقليمية وبوابة أطلسية مهمة، تماشيا مع الرغبة والإستراتيجية التي أعلن عنها الملك محمد السادس في خطابه الأخير”، لافتا في الوقت ذاته إلى أن “حجم الاتفاقيات التي وقعها البلدان لها ثقل كبير في لغة التنمية المستدامة في أقاليمنا الجنوبية، وتبشر بنهضة تنموية ستشهدها هذه الأقاليم في قادم السنوات”.

وخلص المحلل الاقتصادي عينه، في تصريحه لجريدة النهار، إلى أن “الاستثمارات الإماراتية في الصحراء المغربية من شأنها كذلك أن تساهم في تدفق الاستثمارات الأجنبية من الدول الخليجية الأخرى، ومن الدول الصديقة للمغرب، التي تؤمن بأن الوصول إلى إفريقيا يمر أولا من رمال الصحراء المغربية”.

شراكة دائمة وفرصة تاريخية

من جهته، أورد خالد بن علي، محلل اقتصادي، أن “الشراكة المغربية الإماراتية الدائمة همت مجموعة من القطاعات الإستراتيجية بنفس جديد وببرنامج عمل مضبوط ومحدد في الزمان والمكان، وفقا لما يقتضيه هذا النوع من المشاريع الإستراتيجية”، مسجلا أن “جميع الأقاليم ستستفيد من هذه المشاريع، ومن ضمنها الأقاليم الجنوبية، بالنظر إلى ما أصبحت تتوفر عليه اليوم من إمكانيات أسس لها النموذج التنموي الخاص بهذه الأقاليم”.

وأضاف بن علي في تصريح لجريدة النهار أن “أقاليم الصحراء المغربية ستستفيد من هذه الاستثمارات على غرار باقي جهات وأقاليم المملكة، ذلك أن الأمر يتعلق بمشروع تنموي مجتمعي يشمل كل المغرب في إطار تقريب المسافات والتوزيع العادل للاستثمارات على الصعيد الوطني، لاسيما مع إقرار ميثاق الاستثمار الجديد الذي أرسى أسسا جديدة لتحفيز الاستثمار الأجنبي، ويؤطر أوراش الإصلاح اللازمة لتسهيل عملية الاستثمار وتوجيهه نحو القطاعات ذات الأولوية بالنسبة للاقتصاد الوطني”.

وأردف المحلل الاقتصادي ذاته بأن “المملكة أمام فرصة تاريخية لتحقيق إقلاع اقتصادي بالنسبة لجميع القطاعات وجميع الجهات، لاسيما أننا مقبلون على تنظيم أحداث وتظاهرات عالمية على غرار كأس العالم 2030″، لافتا إلى أن “هذا النوع من الاستثمارات لا يمكن أن يأتي عبثا، ذلك أن المغرب استطاع أن يجني ثمار سياسة بدأها منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، وسار في اتجاه تنزيلها بخطوات ثابتة مع مواكبتها بمجموعة من المشاريع والبرامج الأخرى، على غرار ورش الحماية الاجتماعية وإصلاح منظومة الصحة، وغيرها من المقومات التي تقوي ثقة المستثمرين الأجانب والخليجيين على وجه الخصوص في المغرب”.

وتابع المتحدث ذاته بأن “فرص الاستثمار الأجنبي في عالم اليوم تضيق يوما بعد يوما، حيث أصبحت تتأثر بمجموعة من العوامل الجيو-سياسية والمتغيرات التي تشهدها العديد من الدول؛ غير أن توفير مناخ ملائم لها يؤدي بكل تأكيد إلى جذبها على غرار ما يفعله المغرب، الذي يتطلب منه الأمر، بالإضافة إلى ذلك، توفير ترسانة قانونية صلبة لتنزيل ميثاق الاستثمار الجديد وصياغة المقاربات الاستثمارية على أساس سياسة رابح-رابح، من أجل التنزيل السليم للأوراش التنموية الحالية أو المستقبلية، سواء في أقاليمنا الجنوبية أو في غيرها من الأقاليم”.

Exit mobile version