كلفة النقل البحري بين المغرب وبلدان آسيا لا تتأثر بهجمات جماعة الحوثيين

طرحت التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط وانعكاساتها على المنطقة، خاصة تلك المرتبطة بهجمات جماعة الحوثيين في اليمن على السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر، مجموعة من التساؤلات حول تأثير هذه التطورات على كلفة النقل البحري بين الموانئ العالمية، حيث تحدثت وسائل إعلام أجنبية عن ارتفاع في هذه كلفة النقل ما بين الموانئ المغربية ونظيراتها في آسيا بنسبة وصلت إلى 100 في المائة.

من جهتهم، نفى مهنيون وخبراء هذه المعطيات، مؤكدين أن تغيير مسار الرحلات البحرية من وإلى المغرب نتيجة الأوضاع غير المستقرة في مضيق باب المندب قبالة السواحل اليمنية في البحر الأحمر لا ينجم عنها أي ارتفاع في كلفة النقل البحري، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن الأمر مرتبط بمصالح الأساطيل البحرية الأجنبية في المغرب؛ وهو ما يستدعي تقوية الأسطول المغربي لمسايرة المشاريع والمبادرات الإقليمية التي أطلقها المملكة في الآونة الأخيرة.

عبد الإله حفظي، رئيس الجامعة الوطنية للنقل واللوجستيك للاتحاد العام لمقاولات المغرب، نفى “وجود أي تأثير لهجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر على تكلفة النقل البحري ما بين المغرب وآسيا أو مناطق أخرى من العالم”، مسجلا أن “التطورات الأخيرة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب قد تؤثر على مدة الرحلة؛ لكنها في المقابل لا تؤثر على تكلفتها”.

وأشار حفظي، في تصريح لجريدة النهار، إلى أن “اضطرار السفن، إثر هذه التطورات، إلى تغيير مسارها من قناة السويس وتعويضه بالمرور عبر رأس الرجاء الصالح ينجم عليه بالفعل زيادة في مدة الرحلة مع ما يعنيه ذلك من زيادة في التكلفة؛ غير أن هذا الفرق في التكلفة ما بين الممرين يغطيه عدم أداء السفن لرسوم المرور عبر قناة السويس، أي أن الزيادة في تكلفة الرحلة عبر رأس الرجاء الصالح تغطيه مصاريف المرور عبر القناة المصرية التي كانت السفن ستؤديها كرسوم للمرور من مصر.. وبالتالي فإنه لا يوجد أية مصاريف زائدة في هذا الإطار؛ بل إن المصاريف قد تكون أقل”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “الحديث عن ارتفاع تكلفة النقل البحري من وإلى المملكة المغربية لا يعدو أن يكون كلاما موجها بالأساس لحماية مصالح شركات النقل البحري الأجنبية في البلاد”، مسجلا في هذا الصدد أن “تحرير قطاع النقل البحري في المغرب سنة 2007، والذي تم بصفة ارتجالية، أدى إلى هيمنة واحتكار الأساطيل الأجنبية للقطاع مقابل شبه انقراض للأسطول الوطني وإتاحة المجال للمضاربين والوسطاء في هذا المجال مع ما يعنيه ذلك من ضرب لتنافسية المنتجات المغربية”.

وشدد رئيس الجامعة الوطنية للنقل واللوجستيك للاتحاد العام لمقاولات المغرب على أن “هذه الوضعية أصبح معها وبشكل ملح للغاية إعادة إحياء وخلق الأسطول البحري الوطني تنفيذا للتعليمات الملكية السامية وللمبادرة الأطلسية التي أطلقها جلالته والتي تستدعي إجراءات حكومية لتفعيلها على أرض الواقع باعتبار هذا المشروع التزام للمغرب تجاه شركائه الأفارقة وأعلى المستويات، وباعتبار أن الدينامية والمشاريع الضخمة التي انخرط فيها المغرب والتي تستهدف تهيئة الموانئ الكبرى على غرار ميناء طنجة المتوسط ومينائي الناظور والداخلة وتحويل المملكة إلى منصة تجارية على المستوى القاري تستدعي بالضرورة تعزيز تنافسية الأسطول المغربي إقليميا ودوليا”، لافتا إلى أن “مسألة إحداث أسطول بحري مغربي بات مسألة سيادة وطنية”.

من جهته، استبعد ياسين اعليا، خبير اقتصادي، أن “تكون هناك أي تكاليف إضافية فيما يخص النقل البحري بين الموانئ المغربية ونظيرتها في البلدان الآسيوية”، مسجلا أن “الحوثيين أعلنوا استهدافهم للسفن الإسرائيلية أو تلك المتوجهة إلى إسرائيل؛ وبالتالي فإن ارتفاع تكاليف الشحن البحري يهم أساسا هذه السفن والتي تضطر إلى تغيير مسارها تفاديا لاستهدافها من طرف الجماعة اليمنية التي تسيطر على جزء من مضيق باب المندب الاستراتيجي”.

وأوضح الخبير الاقتصادي ذاته، في تصريح لجريدة النهار، أن “الحديث عن ارتفاع تكلفة النقل البحري إلى المغرب بنسبة تصل إلى 100 في المائة غير منطقي أبدا”، مسجلا أنه “لو كان ذلك صحيحا لظهرت انعكاساته بشكل جلي على مستوى أسعار بعض المنتجات التي تصل عبر البحر إلى الأسواق الوطنية، على غرار ما وقع في أزمة كورونا”.

ولفت المتحدث إلى أنه “من الممكن أن نتحدث عن ارتفاع طفيف في كلفة النقل البحري على مستوى كلفة التأمين المرتبطة بالمرور عبر المضايق والممرات البحرية التي تشهد تطورات معينة، كما يمكن الحديث أيضا عن إمكانية أن تؤخر هذه التطورات بعض الشيء من آجال التسليم الناتجة عن تغيير المسار دون أن تكون لذلك انعكاسات كبيرة على مستوى الكلفة الإجمالية”.

وخلص المصرح لجريدة النهار إلى أن “البحر الأحمر أصبح شبه مؤمن نتيجة الانتشار الكثيف للبوارج والقطع العسكرية البحرية التابعة بمجموعة من الدول التي تسهر على حماية مصالحها في المنطقة، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي شكلت في الآونة الأخيرة حلفا بحريا متعدد الجنسيات بمعية دول أوروبية أخرى من أجل ضمان أمن وسلامة الملاحة البحرية في هذه المنطقة”.

Exit mobile version