إدمون عمران المليح .. معرض بالرباط يهتمّ بمُغرّد “تامغربيت” المناهض للصّهيونية

حول “مغرِّد تامغرِيبيت” الأديب والناقد والسياسي المغربي الراحل إدمون عمران المليح، افتتح “رواق أرشيف المغرب” أحدث معارضه بالعاصمة الرباط، ومن المرتقب أن يمتد من 30 نونبر الجاري إلى 12 أبريل من سنة 2024 المقبلة.

يقدم المعرض صورة وافية عن مسار المليح في الأدب والسياسة والصحافة ونقد الفنون الجميلة، ومساره العائلي، وعشقِه فنَّ الطبخ، مع تقديم وثائق أصلية لكتاباته، وإبداعاته، ومواقفه المناهضة للاحتلال الإسرائيلي والصهيونية.

يقرّب المعرض الجمهور من تلذّذ عمران المليح بالكتابة، ويعرض مقتطفات من حواراته ومقالاته، وعناوين مؤلفاته والعناوين التي كتب حولَهُ، وصوره مع شخصيات متعددة، وتكريمات رافقت مساره، من بينها التوشيح الملكي له بوسامَين، من بينهما “وسام الكفاءة الفكرية”.

كما يهتم المعرض بالمغرب في كتابات المليح، ووعيه بالبلاد وتركيب هويّتها وذاكرتها وتناقضاتها، وشخصياتِ أعماله الأدبية المستلهمة من الشعب ومن “مأساة اندثار الطائفة اليهودية المغربية” ونتائجها؛ “نفي اليهود والعنف الممنهج حيال العرب، وخاصة ضد الفلسطينيين. فسرديات رواياته تتوق إلى الإشهاد على القدر الذي جمع العرب واليهود في التاريخ والثقافة المغربية”، جوابا على ما “نظمه عملاء صهاينة حرضوا اليهود المغاربة على الهجرة وعبثا حاولوا تشويه صورة المغرب في أعينهم لمغادرته”.

وفي تصريح لجريدة النهار، قال جامع بيضا، مدير مؤسسة أرشيف المغرب، إن هذا المعرض المنظم في اليوم الوطني للأرشيف يحتفي بشخصية إدمون عمران المليح، لغرضين، هما: “توَصُّلُنا من ورثته بأرشيفاته المهمة جدا، القابلة للعرض والاستعمال العلمي والأكاديمي، ولشخصيته وأعماله التي تسوق رسالة مفادها أن اليهودي ليس بالضرورة صهيونيا، خاصة في السياق العام الذي نعرفه منذ شهرين تقريبا مع أحداث غزة”.

وتابع المؤرخ: “إبراز هذا قد يساهم في تبديد بعض الخلط المنتشر بين الشباب الذين لا يعرفون ذلك، ويخلطون أحيانا بين ما هو يهودي وما هو صهيوني، بينما يمكن لشخص ما أن يكون يهوديا ومناهضا للصهيونية مثل حال المرحوم إدمون عمران المليح”.

ومن أوجه “تامغريبِيت” التي يشهد عليها المعرض المهتم بابنِ آسفي دفينِ الصويرة، مواقفه السياسية “التي تنكّرت لكل الإيديولوجيات التي من شأنها نشر التمزق وإضعاف الوحدة الوطنية”؛ فقد اعتبر “هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل كارثة بالنسبة لتاريخ المغرب، ليس فقط بالنسبة لليهود أنفسهم ولكن للمغاربة ككل، لكونها تسببت في فقدان عنصر مهم من مكونات الثقافة المغربية (…) فالثقافة اليهودية المغربية، في نظر المليح، لم تكن أبدا صهيونية، وترحيل اليهود عن المغرب نظمه عملاء صهاينة انتزعوا اليهود المغاربة من وطنهم”.

ومن بين ما يؤثّث المعرض الوثائقي الجديد، موقف مشترك مكتوب جمع سنة 1996 ثلاثة مواطنين بارزين في الحقل السياسي للبلاد، ولدوا لأسر مغربية يهودية، هم إدمون عمران المليح وأبراهام السرفاتي وسيون أسيدون، ندّدوا بقتل إسرائيل المدنيين العزّل بغزة ولبنان، قائلين: “مرة أخرى، دولة إسرائيل مصابة بجنون القتل، وتسوق إلى الأوج سياستها الإرهابية الانتحارية بالمشاركة الدبلوماسية واللوجيستيكة النشطة للولايات المتحدة (…) لا سلام ولا تفاوض، تبقى دولة إسرائيل مرتكزة على هدفها الثابت: اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، وتحاول رمي مسؤولية جدلية المقاومة/القمع على المقاومة الفلسطينية واللبنانية! نحن الموقعين أسفله، على عكس أي منهج طائفي، نوجه هذا النداء إلى جميع من يتمتعون بامتياز اعتبار أنفسهم مغاربة يهودا أو يهودا مغاربة، هنا في بلدنا وفي كل أنحاء المعمور. ونناشدهم التعبير بكل وضوح عن معاناتهم كبشر نساء ورجالا أمام الجرائم التي ترتكب (…) ليقفوا من أجل وضع حد لحمام الدم الناتج عن سياسة إسرائيل الإرهابية الانتحارية”.

ويعرض أرشيف المغرب رصيد المليح حتى يستخلص منه “جيل اليوم” دروسا، من بينها “عصامية الرجل ونضاله وإصراره ومثابرته في سبيل تحقيق طموحاته في إنجاح مشروعه الأدبي والفكري. فالرجل قاوم المرض الذي حال بينه وبين الالتحاق بحجرات الدراسة كأقرانه، وناضل من أجل استكمال تعليمه. مثلما قاوم أيضا محدودية آفاق التعليم في المغرب في تلك الفترة بإصراره على متابعة دراسته الجامعية خارجه عن طريق المراسلة. وقاوم كذلك الظروف السياسية في سبيل تحصيل العلم لما انقطعت العلاقات السياسية مع فرنسا، حيث نجده يصر على إكمال إعداد إجازته العلمية مع أساتذة مقيمين بالجزائر آنذاك”.

ويدعو المعرض زوّاره إلى “الاقتداء بالنفس الطويل الذي تمتّع به المليح في سبيل بلوغ الرقي الفكري فيما بدله من جهد ووقت في القراءة والتهام الكتب وفي تمارين الكتابة في الصحافة والمجلات، قبل أن يوقع أول إصداراته الأدبية وهو ابن الثالثة والستين، ويستمرّ في النهج نفسه في البحث والكتابة والتأليف حتى آخر أيام حياته في سن الثالثة والتسعين”.

Exit mobile version