غياب التساقطات المطرية ينعكس على الحقول المزروعة بالحبوب في المغرب

لم يهنأ الكثير من الفلاحين المغاربة بالأمطار المبكرة التي شهدتها مناطقهم وشجعتهم على زراعة الحبوب أملا في تحقيق محصول ينسيهم سنوات الجفاف المتتالية، بعدما بدأت تظهر علامات تضرر واضحة على المساحات المزروعة عقب غياب التساقطات الذي استمر طيلة شهر نونبر.

وحسب إفادات فلاحين تواصلوا مع جريدة جريدة النهار الإلكترونية، من عدد من المناطق المعروفة بزراعة الحبوب، خاصة في المناطق البورية، فإن “حقول القمح بنوعيه، اللين والصلب، بدأت تظهر عليها أمارات التأثر الشديد، نتيجة الخصاص الذي تعاني منه بسبب العطش”.

عبد السلام الغزواني، واحد من الفلاحين بإقليم العرائش الذي شهد تساقطات مطرية مهمة خلال شهر أكتوبر، أكد لجريدة النهار أن “حقول الحبوب باتت مهددة بسبب انحباس المطر، وهناك من الفلاحين من زرعوا البذور ولم تكن عملية الإنبات بالشكل المطلوب نتيجة فقر التربة، وافتقادها الكميات اللازمة من الماء”.

وأضاف الغزواني في الاتصال ذاته أن الوضع “بدأ يتعقد”، معتبرا أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة للزراعات الخريفية، وأردف: “خصنا الشتا وكنطلبوا من الله يرحمنا ويغيثنا في أقرب الآجال”.

“لم يعد الوضع كما كان في السابق، ‘كلشي تبدل’، دجنبر على الأبواب والمطر لا أثر له، ‘الله يلطف بنا والسلام’”، يختم الفلاح حديثه مع الجريدة، وعلامات التأثر بادية على نبرة صوته.

وفي مقابل هذه الصورة، توجد صورة أكثر تعقيدا بالنسبة لمناطق أخرى من البلاد، مثل الرحامنة والسراغنة، اللتين لم تشهدا هذه السنة حتى الآن أي تساقطات مطرية مهمة. وقال عبد الرحيم السملالي، وهو أحد أبناء إقليم الرحامنة، لجريدة النهار: “مازلنا نعيش أجواء الصيف، ولم نزرع شيئا حتى الآن، والكل ينتظر بفارغ الصبر تساقطات قد تأتي أو لا تأتي”.

واعتبر السملالي أن الوضع “جد معقد” في المنطقة، وأن المشهد يتكرر كل سنة، مبرزا أن “الآبار التي كانت تستعمل في الري جفت، ومستوى المياه الجوفية تراجع بشكل كبير، والمنطقة تعاني من أجل تأمين الحاجيات الضرورية من المادة الحيوية للسكان والماشية”.

ودعا المتحدث ذاته الجهات المسؤولة إلى “توفير بدائل للمواطنين، وعدم الاستمرار في الاعتماد على التساقطات، بعدما بات الجفاف لصيقا بالمنطقة طيلة السنوات الماضية”.

في تعليقه على هذا الوضع، يرى رياض أوحتيتا، الخبير في المجال الفلاحي والزراعي، أن “الأسبوعين المقبلين سيكونان حاسمين في إعلان بداية حقيقية للموسم الزراعي في حال شهدا هطول تساقطات مطرية مهمة”، مبينا أن الزراعات الحالية “لم تتضرر بشكل بليغ”.

وأضاف أوحتيتا في تصريح لجريدة النهار أن “الأمل قائم لدى الفلاحين”، وأن “معظم المناطق غرب وشمال المملكة تعرف تسريعا لوتيرة البذر والزرع خلال هذه الأيام”، لافتا إلى أن “هناك توقعات بتسجيل تساقطات مطرية خلال الأسبوع المقبل”.

وتابع الخبير ذاته: “عند منتصف شهر دجنبر يمكن أن نصل إلى مضاعفات وتأثر الزراعات الخريفية في حال لمن نشهد تساقطات لا قدر الله”، معربا عن ثقته في أن تعرف البلاد تساقطات خلال هذه المرحلة، من شأنها إعادة الأمل وتحقيق الانتعاشة المفقودة لدى الفلاحين، ومؤكدا أن عدم انتظام التساقطات وتكرارها في فبراير ومارس وحتى أبريل من شأنها تعقيد الموسم الفلاحي والتأثير على المحصول السنوي.

Exit mobile version