بعد المحاولات المتكررة التي قادها المعسكر الانفصالي للتشويش على العلاقات المغربية الموريتانية ومحاولة تأليب الرأي العام الموريتاني وكذا الحكومة في نواكشوط ضد الرباط، على خلفية حادثة مقتل منقبين عن الذهب خارج الحدود الموريتانية إثر قصف لطائرة مسيرة مغربية، خرجت الحكومة الموريتانية لتنسف كل هذه المحاولات، مؤكدة أنها طالما حثت مواطنيها من المنقبين عن الذهب على اقتصار أنشطتهم على الأراضي الموريتانية، وليس خارج حدودها.
رد نواكشوط على الحادثة الأخيرة جاء عل لسان الناني ولد أشروقه، وزير البترول والطاقة والمعادن الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، الذي اعتبر في مؤتمر صحافي، الأربعاء، بعدما تقدم بالتعازي لأسر الضحايا، أن “من مهام الدولة أن تؤمن حوزتها الترابية الوطنية”، في إشارة إلى أن الحادث وقع خارج الحدود الموريتانية، مؤكدا في الوقت ذاته أن “الحكومة قامت بحملات تحسيسية، سواء على مستوى شركات التنقيب أو الإدارات الجهوية والولاة، لحث المواطنين على مزاولة أنشطة التنقيب والتعدين داخل أراضي الدولة”، داعيا الكل إلى الالتزام بهذه المقتضيات.
واجب احترام الحدود وأصوات نشاز
الوالي سيدي هيبة، محلل سياسي موريتاني، قال: “يجب احترام الحدود بين الدول، ويجب على كل دولة أن تراقب حدودها الوطنية وألا تترك هامشا للانفلات إلى حدود الآخرين”، مسجلا في الوقت ذاته أن “تجاوز حدود الدول هو انتهاك للقانون الدولي وانتهاك للعلاقات التي تربط فيما بين هذه الدول، حيث إن عبور الحدود منوط بشروط قانونية متعارف عليها دوليا، أما أن يعبر أي شخص ما هذه الحدود دونما اعتبار للقواعد التي تؤطر ذلك، فإنه يكون بذلك قد جنى على نفسه ويتحمل مسؤولية أفعاله”.
وأضاف المحلل السياسي ذاته أن “المسؤولين عن هذه الأفعال قد يورطون دولهم في بعض الأحيان، غير أن الحكومات العاقلة والرشيدة تبحث في حيثيات الموضوع وحقائقه وتتعامل مع هذا الأمر في إطار سياسي دبلوماسي بعيدا عن لغة التصعيد التي يريد البعض فرضها”، مشددا على أن “الشعب الموريتاني يحرص على الحفاظ على العلاقة مع المغرب في إطار حسن الجوار، ولا يستمع إلى الأصوات النشار التي تريد خلق البلبلة والحروب”.
وأشار المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة النهار، إلى أن “هذه الأصوات الشاذة لا تلزم الدولة الموريتانية ولا الشعب الموريتاني”، موضحا أن “هناك أقلية معروفة تتبنى وجهة نظر وقراءة معينة لهذا الملف، فيما هناك أغلبية حريصة على استدامة العلاقة بين الشعبين المغربي والموريتاني في إطار التعاون بين حكومتي البلدين، وترفض أي تدخل في هذه العلاقات من أي جهة كانت، وهذا هو التوجه العام في موريتانيا”.
نسف موريتاني ورسائل إلى الأعداء
تفاعلا مع الموضوع ذاته، قال عباس الوردي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية بخصوص موضوع المنقبين عن الذهب، تشكل ضربة كبيرة لكل محاولات التشويش على العلاقات المغربية الموريتانية وكل المحاولات التي كانت تروم استغلال هذه الحوادث لتجييش الرأي العام الموريتاني ضد المغرب عن طريق تحوير الحقائق واختلاق الوقائع”.
وأضاف الوردي، في تصريح لجريدة النهار، أن “المملكة المغربية طالما أكدت بدورها التزامها بالدفاع أولا عن حدودها الترابية وفق ما يكفله القانون الدولي، كما أكدت التزامها الدائم باستتباب الأمن في المنطقة العازلة أمام أي تحركات مشبوهة، وبالتالي فهي غير معنية بالموريتانيين أنفسهم وإنما بأي تحرك مشبوه، وهذا ما زكته الحكومة الموريتانية نفسها في عديد المرات”، مسجلا في الوقت ذاته أن “تصريحات نواكشوط في هذا الصدد هي درس لكل الخصوم أن العلاقات بين البلدين متجذرة ومخطئ كل من يريد التشويش عليها والطعن فيها”.
واعتبر الأستاذ الجامعي ذاته أن “تأكيد موريتانيا مسؤوليتها على ما يقع فقط داخل حدودها الوطنية وحثها المنقبين عن الذهب الالتزام بالقانون، رسالة مباشرة إلى البوليساريو التي تقتات على هذا النوع من التطورات، وكذلك فرصة لمسائلة المنتظم الدولي لتحمل مسؤولياته في هذا الإطار وإيقاف كل محاولات نسف وقف إطلاق النار وجر المغرب في اتجاه خيار الحرب والطعن في حجية ومشروعية التوجه الذي ترعاه الرباط تحت مظلة الأمم المتحدة”، مشددا على أن “القانون الدولي يمنع اختراق الحدود الوطنية لأي دولة بدون موجب قانوني، ويعطي لهذه الدولة الحق في الدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها”.