أكد المشاركون، أمس الأربعاء بمراكش، خلال ندوة وطنية تفاعلية عن بعد حول “التربية والتكوين في مجال حقوق الإنسان بالمغرب: الرهانات والآفاق”، أن تدريس حقوق الإنسان رهين بشرح معنى ونطاق المبادئ والقيم الكونية لحقوق الإنسان، والسلوكيات العملية للفاعلين الذين يحملون مثل هذه المبادئ.
وشدد المشاركون في هذه الندوة المنظمة بمبادرة من مـجموعة البحث حول الإدارة والسياسات العمومية ومختبر الدراسات الدولية وتحليل الأزمات والسياسات، شعبة القانون العام، بشراكة مع ماستر حقوق الإنسان والحريات العامة، على ضرورة تأمين التأطير العلمي والأكاديمي للأساتذة وتوفير الخزانات المتخصصة للنهوض بحقوق الإنسان في المنظومة التعليمية.
وأشاروا إلى أن تدريس حقوق الإنسان يجب أن تستند أساسا على إستراتيجية شاملة للتثقيف المدني يكون هدفها إعداد الطفل، الشباب والمواطنين، على الإدماج بثقة وتسامح في حياة المجتمع.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد عبد الكريم الطالب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، على أهمية التربية والتكوين في مجال حقوق الإنسان باعتبارهما أساس بناء المجتمع بشكل عام، مبرزا دور الجامعة والتدريس والبحث العلمي في هذا المجال.
ودعا إلى القيام بمجموعة من الابحات والدراسات الجامعية والمقالات وإعداد أطروحات حول التربية والتكوين في مجال حقوق الإنسان، ليكون الجميع على بينة من موضوع حقوق الإنسان.
من جانبه، أوضح المحجوب الهبة أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق الرباط أكدال والدارالبيضاء، عضو خبير باللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، إن وضعية تدريس حقوق الإنسان على مستوى الماسترات بكليات الحقوق بالمغرب غير مرضية ولاتشرف بلادنا بالمقارنة مع ما حققته المملكة من انجازات في مجال حقوق الإنسان منذ عقدين.
وذكر الهيبة برسالة الوزير المكلف بالتعليم العالي التي بعتها إلى رؤساء الجامعات يؤكد من خلالها على أهمية تدريس حقوق الانسان، مع موافاته بحصيلة التدريس والبحت والتكوين في مجال حقوق والإنسان والآفاق المستقبلية لتطويرها.
واستعرض الهيبة مجموعة من التحديات التي تواجه تدريس حقوق الإنسان من قبيل تحدي البرامج والمناهج وخاصة البيداغوجية والأدوات الديداكتيك، وتحدي مواكبة التطور السريع لحقوق الإنسان وتزايد الانتظارات والمطالب، وتأمين التأطير العلمي والأكاديمي الكافي والمتخصص، ومواكبة تضخم المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وتأمين القدرات اللغوية للباحتين والدارسين في مجال حقوق الإنسان.
وتوقف عند عدد من المرتكزات التي يمكنها ان تدعم جهود هذه الماسترات سواء على مستوى مواكبة الاتفاقيات والقوانين الوطنية والدولية أو على مستوى ارساء شراكات وتنسيقات على المستويين الوطني والدولي.
ودعا إلى ضرورة استعمال التكنولوجيا الحديثة في التدريس وفي المشاريع البحثية الخاصة بمجال حقوق الإنسان وإعداد خزانات رقمية.
بدوره، أكد حميد عشاق باحت في العلوم الإدارية وحقوق الإنسان، على ضرورة إعمال مبادئ وآليات حقوق الإنسان في برامج المنظومة التربوية والعلاقات المدرسية وترسيخ قيمها وسلوكاتها لدى الأطفال واليافعين والشباب، وكذا تقوية وتطوير قدرات وأدوار المدرسة المغربية للنهوض بثقافة حقوق الإنسان، عبر إعداد برامج وأنشطة ودعامات للتوعية والتثقيف والتكوين في هذا المجال.
وخلص إلى القول إن واقع التربية على حقوق الإنسان بالوسط المدرسي في الفترة الراهنة دون المستوى المأمول، مشيرا الى أن ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان تشكل سيرورة ومشروعا مجتمعيا يستوجب العمل المستدام واليقظة المستمرة والتقييم المتواصل.
وتمحورت أشغال هذه الندوة، التي قام بتسييرها إدريس لكريني أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، مدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، حول مجموعة من المواضيع البالغة الأهمية، همت على الخصوص “وضعية تدريس حقوق الإنسان على مستوى الماستر في كليات الحقوق المغربية”، و”تطوير الفكر الإنساني من خلال حقوق الإنسان”، و”التربية على حقوق الإنسان في الوسط المرسي: تحديات ورهانات”، “الأمم المتحدة والتربية والتكوين في مجال الحقوق الإنسانية: أية تطبيقات للمبادئ والأهداف الأممية؟”،”الدراسة والنجاح بسلك ماستر حقوق الإنسان والحريات العامة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش”.
وشكل هذا اللقاء الدراسي مناسبة للوقوف على الممارسات الفضلى في مجال تدريس حقوق الإنسان وعرض التجارب الدولية التي نجحت في تحديث البرامج والأدوات البيداغوجية ومواكبة التطور السريع لمجالات حقوق الإنسان.